أجرى خبراء من وكالة ناسا ومنظمات دولية أخرى أخيرًا محاكاة لتقييم قدرتهم على الاستجابة لاحتمالية اصطدام كويكب بالأرض في عام 2038.
مع أن المحاكاة كانت ناجحة في رأي الخبراء، لكن وسائل إعلام عدة أخطأت في نقل نتائج الفريق، إما بإعطاء انطباع بأن سيناريو الاصطدام حقيقي أو بأننا غير مستعدين للتعامل معه وكلاهما غير صحيح.
في الفترة ما بين 2 و3 أبريل، اجتمع ما يقرب من 100 خبير من أكثر من 25 منظمة في الولايات المتحدة وخارجها -بما في ذلك مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي التابع لناسا، ووكالة إدارة الطوارئ الفيدرالية (FEMA) ومكتب شؤون الفضاء التابع لوزارة الخارجية- في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز في لوريل ميريلاند، للمشاركة في عملية الدفاع الكوكبي المشتركة.
عُد هذا الحدث الذي شمل مناقشات غير رسمية بين أعضاء الفريق فيما يخص الاستجابات المحتملة لسيناريو اصطدام كويكب، الحدث الخامس والأكبر من نوعه، بعد اجتماعات مماثلة في 2013 و2014 و2016 و2022، وفقًا لما ذكره موقع Space.com التابع لموقع Live Science.
بحسب ليندلي جونسون، المدير التنفيذي لبرنامج الدفاع الكوكبي التابع لناسا، في بيان عن الحدث: «إن اصطدام كويكب كبير يعد الكارثة الطبيعية الوحيدة التي يمتلك الإنسان تقنيات للتنبؤ بها قبل سنوات واتخاذ إجراءات مناسبة لمنع حدوثها».
أضاف جونسون أن محاكاة مثل هذا السيناريو قد تمنح الخبراء معرفة أكبر للتعامل مع هذه المواقف وتسليط الضوء على الفجوات المعرفية في البروتوكولات الحالية التي تحتاج إلى معالجة في المستقبل.
في 20 يونيو، شارك أعضاء الفريق الرئيسيون نتائج المحاكاة الأخيرة وناقشوها في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت. خلال هذا الحدث، كشفوا أيضًا عن السيناريو الافتراضي المستخدم في العملية التي ستُجرى في هذا العام للجمهور لأول مرة.
اكتشف الفلكيون في السيناريو الافتراضي الجديد كويكبًا كبيرًا قد يصطدم بالأرض بنسبة 72% بعد 14 عامًا؛ أي في 12 يوليو 2038. لم تكن المعلومات التفصيلية عن هذا الكويكب الخيالي متاحة على الفور، لكن مساره قد يقوده نحو التصادم مع مدن رئيسية، بما فيها دالاس والعاصمة واشنطن ومدريد والجزائر.
خرجت بعض وسائل الإعلام عن سياق ذلك السيناريو في أثناء تغطية المؤتمر الصحفي، واستخدمت عناوين مضللة توحي بأن التهديد المذكور في عملية الدفاع الكوكبي المشتركة كان حقيقيًا وأن ناسا أصدرت تحذيرًا بشأن الخطر الوشيك.
اقترحت وسائل إعلام أخرى أن عملية الدفاع الكوكبي المشتركة قد أظهرت أننا غير مستعدين للتعامل مع هذا السيناريو في الحياة الحقيقية. لكن تلك التقارير غير دقيقة أيضاً.
تقييم التهديد:
وفقًا لجونسون فإن عملية الدفاع الكوكبي المشتركة التي أُجريت هذا العام طرحت سيناريو فريدًا وصعبًا للمسؤولين المجتمعين في ميريلاند.
بالرغم من وجود متسع من الوقت قبل الاصطدام المحتمل مقارنة بعمليات الدفاع السابقة، فإن الخبراء لديهم معلومات أقل عن الكويكب الافتراضي المتجه نحو الأرض من أي وقت مضى. مثل أن عرض الكويكب قد يتراوح بين 60 و 800 مترًا. فضلًا عن ذلك، لم يكن تركيب الكويكب جليًا، الأمر الذي يؤثر في مدى تدميره.
ما جعل الأمور أكثر سوءًا أن السيناريو تضمن اختفاء الكويكب خلف الشمس لمدة سبعة أشهر بعد اكتشافه بفترة قصيرة، ما يعني أن الخبراء كان عليهم وضع خطط من دون معرفة ما سيحدث حقًا.
ناقش الفريق ثلاثة خيارات:
أولًا، الانتظار حتى يظهر الكويكب مرة أخرى لجمع مزيد من الملاحظات.
ثانيًا، إرسال مركبة فضائية لتحلق بجوار الكويكب وجمع مزيد من المعلومات عنه.
ثالثًا، إطلاق مهمة للتحليق بجوار الكويكب، ما يزيد من كمية المعلومات التي يمكننا معرفتها عنه.
أجمع الخبراء على إرسال مركبة فضائية لمعرفة مزيد من المعلومات عن الكويكب بدلاً عن الانتظار لمعرفة ما سيحدث أو إطلاق مهمة أكثر تكلفة بكثير خلال وقت قصير. مع ذلك، أعرب المسؤولون أيضًا عن مخاوفهم بشأن قدرتنا على فعل ذلك، خاصةً بسبب السرعة التي يجب أن تُجهز بها مثل هذه المهمة، وما إذا كان السياسيون سيوافقون على تمويل هذه المهمة التي قد تبلغ كلفتها نحو 400 مليون دولار من دون شرح وافٍ للحالة.
نتيجةً لذلك، يظن 19% من المشاركين أننا غير مستعدين لتخطيط وتنفيذ مثل هذه المهمة في هذا السيناريو، في حين تمسكت بعض وسائل الإعلام بشكوكها، مدعية أن هذه العقبات المحتملة ستعوق تمامًا قدرتنا على التعامل مع الكويكب.
في الواقع، يعتقد معظم الخبراء أن مثل هذه المهمة قابلة للتنفيذ لأن عملية الدفاع الكوكبي لم تحاكِ أي شيء يتجاوز مرحلة اتخاذ القرار الأولي بعد اكتشاف الكويكب، فإنه من غير الممكن أيضاً التكهن بما سيحدث بعد ذلك، ما يجعل من المستحيل وصف الحدث بالفشل، كما فعلت وسائل إعلام عدة.
هل نحن جاهزون حقاً؟
بحسب ما وصف ممثلو ناسا، فإننا لم نكن أبدًا في موقف أفضل للتعامل مع سيناريوهات كتلك التي في عملية الدفاع الكوكبي؛ يُعزى ذلك إلى النجاح الأخير لمهمة اختبار إعادة توجيه الكويكب المزدوجة (DART) التابعة لناسا، التي حولت وغيرت شكل الكويكب ديمورفوس بنجاح بعد اصطدام مركبة فضائية به في 26 سبتمبر 2022.
مع أن تلك المهمة ليست تشبيهًا مثاليًا لعملية إيقاف كويكب مميت قد يصطدم بالأرض -إذ لم يكن ديمورفوس يشكل تهديدًا لكوكبنا- لكن أظهر الاختبار لأول مرة أن تقنية تغيير مسار الكويكب -التي تُعرف بالتأثير الحركي- طريقةٌ قابلةٌ للتطبيق لحماية كوكبنا.
تخطط ناسا أيضًا لإطلاق التلسكوب المخصص للبحث عن الكويكبات القريبة من الأرض -الذي يعرف باسم ماسح الأجسام القريبة من الأرض- بحلول صيف 2028. بمجرد دخوله إلى المدار، سيزيد التلسكوب من قدرتنا على اكتشاف الصخور الفضائية الخطرة، بما في ذلك تلك الموجودة بالقرب من وهج الشمس وفقًا لما نشره الباحثون.
ستساعد مواصلة تدريبات عملية الدفاع الكوكبي مثل هذه أيضًا على تحسين جاهزيتنا لاحتمالية اصطدام كويكب. فعلى سبيل المثال، شعر نحو 90% من المشاركين في العملية الأخيرة بأنهم أكثر استعدادًا للتعامل مع التحديات التي أُثيرت في العملية بعد انتهائها.
اقرأ أيضًا:
ماذا سنفعل حيال اصطدام كويكب بالأرض عام 2038؟
ربما غيرت ناسا مسار كويكب نحو المريخ دون قصد!
ترجمة: حمداش رانية
تدقيق: ريمي سليمان