الإقلاع عن التدخين أمرٌ مشهورٌ بصعوبته. على الرغم من ذلك، وطبقًا لاكتشافاتٍ حديثة، كلما كان الامتناع مُبكّرًا، كلما كان أفضل.
هل اليوم هو اليوم المنشود إذاً؟
تدخين التبغ، كما نعرف جميعًا، يزيد من احتمالية الإصابة بمشاكل صحية على نطاقٍ واسع.
تتضمن الأخطار المصاحبة له أمراض القلب والجلطة وداء انسداد الشريان الرئوي المزمن وأنواع عديدة من السرطان.
وعلى الرغم من وجود العديد من المضار التي يعرفها الجميع، يظل الامتناع عن التدخين تحديًا صعبًا.
لكن تدخين السجائر في حالة نقصان في الولايات المتحدة.
وطبقًا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن عدد الأشخاص المدخنين حاليًا في الولايات المتحدة، قد انخفض من 20.9% من نسبة البالغين من السكان عام 2005 إلى 15.5% عام 2016.
وفي الحقيقة فإنه مثلما يمتنع العديد من الناس عن التدخين، ذلك يعني أيضًا وجود الملايين من الناس اعتادوا على التدخين من قبل.
التقصي عن المدخنين السابقين
بالفعل، بعض الأبحاث حاولت البحث عن كيفية تغير نسبة الإصابة بالأمراض على أشخاصٍ اعتادوا على التدخين بعد امتناعهم.
واستنتجت دراسات سابقة أن نسبة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية تنخفض بعد عدة سنوات من الإقلاع عن التدخين.
ومع ذلك، فإن أغلب الدراسات السابقة كانت مبنية على أعداد صغيرة نسبيًا من المشاركين، والقليل من المتابعة مع المشاركين للتحقق من حالة التدخين لديهم مع مرور الوقت.
أما الآن وبفضل مجموعة ثانوية كبيرة جديدة من الناس المدخنين، أصبح من الممكن أن نفهم بشكل أفضل مدى سرعة (أو بطء) عودة صحة وحالة القلب والأوعية الدموية إلى وضعها الطبيعي.
ولأن العديد من الناس اعتادوا على التدخين، فمن المهم أن نعرف كيف سيطرأ التغير على صحتهم مع الوقت.
وقد أخذ الباحثون البيانات من دراسة فرامنغهام للقلب «Framingham Heart Study» لبدء التحقق.
وتحتَّم عليهم الدخول إلى البيانات الصحية الخاصة بـ 8.700 شخصًا، لا يعاني أي منهم من علامات أمراض القلب والأوعية الدموية عند بداية الدراسة.
وتابع العلماء كل مشارك لمدة 27 عامًا كمعدل وسطي.
وخلال هذه الفترة، كان هناك 2386 تغيرًا في القلب والأوعية الدموية.
وقارن العلماء صحة القلب والأوعية الدموية بين أشخاصٍ مدخنين حاليًا، وأشخاصٍ اعتادوا أن يدخنوا في الماضي، وبين أشخاصٍ لم يدخنوا من قبل.
ولوجود مجموعة واسعة من العوامل الخارجية التي قد تؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية لدى الإنسان.
وبوضع هذه العوامل في الحسبان، فقد تحكمت الباحثون في تحليل البيانات لتجنب العديد من هذه العوامل بأي شكل، كالمستوى التعليمي والجنس والعمر وزمن الولادة وأمراض ضغط الدم والسكري ونسبة الكوليسترول وتناول الكحوليات ومؤشر كتلة الجسم «BMI».
الشفاء يحتاج الوقت
أظهر التحليل أن 70% من تغيرات القلب والأوعية الدموية حدثت لدى أولئك الذين يدخنون أو اعتادوا على تدخين 20 سيجارة في اليوم لمدة 20 عامًا.
وبالمقارنًة مع أولئك الذين استمروا في التدخين، فالأشخاص الذين تركوا التدخين في السنوات الخمس الأخيرة انخفضت نسبة إصابتهم بأمراض الجهاز القلبي الوعائي 38%.
وأظهرت التحاليل كذلك أن الأمر استغرق حوالي 16 سنة من السيجارة الأخيرة لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية حتى يعود الجهاز القلبي الوعائي إلى المستوى الطبيعي الذي يمتلكه شخصٌ لم يدخن من قبل قَط. وهذا أطول بكثير من التقديرات السابقة.
وقد قدَّم فريق البحث هذه النتائج في جلسات الجمعية العلمية لجمعية القلب الأمريكية عام 2018، في شيكاغو، إلينوي.
وكتبت هذه الدراسة الدكتورة (ميرديث دنكان- Meredith Duncan)، ودكتورة وطالبة في المركز الطبي لجامعة «Vanderbilt» في ناشفيلي.
تقول دنكتن: «تؤكد هذه النتائج فوائد الإقلاع عن التدخين خلال 5 سنوات، ألا وهي نسبة 38% أقل من مخاطر الإصابة بالذبحة الصدرية والجلطة وغيرها من أشكال مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً بالأشخاص المستمرين في التدخين».
وعلى الرغم من أن التحدي صعب، لكن هذه النتائج توضح أن الإقلاع عن التدخين عاجلًا وليس آجلًا هو خير خطوة.
وبخلاف الأرقام المسجلة عن الأشخاص الذين يُقلعون عن التدخين، فطبقًا لمراكز السيطرة على الأمراض؛ يبقى التدخين هو «السبب الرئيسي للأمراض والموت في الولايات المتحدة»، بحوالي أكثر من 480.000 حالة وفاة سنويًا.
وكتبت دنكان: «خلاصة القول، إذا كنت تُدخن، فالآن هو وقت جيد جدًا للإقلاع».
- ترجمة: مصطفى نور
- تدقيق: هبة فارس
- تحرير: مازن سفّان
- المصدر