لقد دللنا الإنترنت إلى حد الإفساد، لنعترف بذلك. في الماضي، إذا أردت معرفة شيء مثل ما هو طعم حيوان البوما؟ كان عليك أن تركب في سفينة متجهة إلى غابات أمريكا الجنوبية، لتصطاد واحدًا، وتتذوقه بنفسك. أما الآن، يستغرق الأمر أجزاء من الثانية حرفيًا: تكتب السؤال في جوجل، تضغط على البحث، وها هي الإجابة أمامك.
إنه لا يقل عن كونه معجزة تقنية، لكن مع جانب سلبي رهيب: ذلك الشعور بالعجز التام واليأس الذي يحدث عندما تبحث عن شيء وتكتشف أنك غير متصل بالإنترنت.
ستواجه حينئذ ذلك الديناصور المضلع الصغير، ماذا يمكنك أن تفعل سوى الانتظار، أو لعب لعبة صغيرة ممتعة في أثناء انتظارك لاستعادة الاتصال بالإنترنت!
نعم. إذا كنت تستخدم متصفح كروم، فمن المحتمل أنك رأيت الديناصور المعتذر يظهر عندما ينقطع الاتصال بالإنترنت. لكن إذا كنت تعتقد أنه مجرد صورة ثابتة، كما يظن الكثيرون، فقد كنت تفوّت لعبة الديناصور المستمرة لقرابة عقد من الزمن.
في مقابلة عام 2018 مع مدونة جوجل، قال سباستيان غابرييل، المصمم في جوجل وعضو الفريق الذي أنشأ لعبة الديناصور: «فكرة لعبة الركض المتواصل على صفحة عدم الاتصال بالإنترنت نشأت أصلًا عام 2014».
«ترمز اللعبة للعودة إلى عصور ما قبل التاريخ، عندما لم يكن هناك ما يُعرف بالإنترنت. كان الصبار والمشهد الصحراوي جزءًا من النسخة الأولى من صفحة «أنت غير متصل بالإنترنت»، أما أسلوب الرسوميات فهو تقليد لاستخدام أسلوب الرسوميات البكسلية في كروم».
اللعبة بسيطة جدًا: يمكنك فقط الجري والانخفاض والقفز، والهدف هو تجنب أكبر عدد ممكن من الصبار وكائنات التيروداكتيلوس. بمرور الوقت، يستحيل النهار ليلًا، وإذا لعبت فترةً كافية، يرتدي ديناصورك سترة ويحصل على فنجان قهوة وهو يغادر الصحراء متجهًا إلى المدينة!
في الواقع، مر الديناصور بعدد من المواضيع المختلفة على مر السنين. بمناسبة الذكرى العاشرة لمتصفح كروم عام 2018، كان بإمكان لاعبي لعبة الديناصور العثور على كعكة عيد الميلاد في الصحراء وأكلها، وكانت توضع قبعة احتفالية على رأس الديناصور. خلال أولمبياد 2020، كان بإمكانك العثور على شعلة أولمبية، وكانت العقبات العادية تُستبدل بتحديات ذات طابع أولمبي.
في حين أن العديد من الناس لم يكونوا على دراية بلعبة الديناصور، فإن هذا أمر متوقع من شركة مشهورة بإخفاء الإشارات. كانت اللعبة بالتحديد شائعة جدًا بين مستخدمي كروم القدامى. عام 2018، مثلًا، كشفت جوجل أن اللعبة كانت تُلعب نحو 270 مليون مرة كل شهر على منصات الحواسيب والهواتف المحمولة.
أشار إدوارد يونغ، مهندس تجربة المستخدم في كروم، إلى أنه ليس غريبًا أن معظم المستخدمين يأتون من أسواق تعاني عدم موثوقية أو تكلفة عالية للبيانات المحمولة، مثل الهند والبرازيل والمكسيك وإندونيسيا.
«بلغ الأمر أننا اضطررنا لإيجاد طريقة لمسؤولي الشركات لتعطيل اللعبة، لأن الأطفال في المدارس وحتى البالغين الذين كان من المفترض أنهم في العمل أصبحوا يستمتعون بها كثيرًا».
الخبر الجيد أنك إذا كنت تريد اللعب، لا تحتاج إلى قطع اتصالك بالإنترنت. قال غابرييل: «أنشأنا عنوانًا حيث يمكن للناس اللعب دون الحاجة إلى وضع عدم الاتصال. توفر الصفحة وضع الأركيد حيث يمكن للاعبين التدرب للحصول على أفضل النتائج في تجربة بملء الشاشة».
لكن هل يمكن إنهاء اللعبة؟ الإجابة هي نعم، نوعًا ما.
قال يونغ: «لقد صممنا اللعبة لتبلغ نهايتها بعد نحو 17 مليون سنة، الوقت ذاته الذي عاشه التيرانوصور على الأرض. لذا –تقنيًا- نعم، يمكن إنهاء اللعبة، لكن جهاز الكمبيوتر لديك لن يكون بعد انتهاء اللعبة كما كان قبلها!».
اقرأ أيضًا:
متصفح الإنترنت داك داك جو سيوفر وصولًا مجهولًا لنماذج الدردشة عبر الإنترنت
ما هي نظرية الإنترنت الميت؟ وهل هي صحيحة؟
ترجمة: أمير المريمي
تدقيق: نسرين الهمداني
