إن الشعور بالدوار عند الوقوف بسبب انخفاض ضغط الدم الانتصابي الأولي IOH، أو بسبب انخفاض عابر في ضغط الدم وازدياد معدل ضربات القلب، حالة شائعة ولكنها غير مفهومة جيدًا.
اقترحت دراسة جديدة طريقتين بسيطتين غير مكلفتين، لا تحتاجان إلى استخدام أي أدوية لتدبير أعراض IOH بفاعلية وتحسين نوعية الحياة بتنشيط عضلات الجسم السفلية قبل الوقوف أو بعده.
نشرت Elsevier البحث في مجلة Heart Rhythm، والمجلة الرسمية لجمعية نُظُم القلب، وجمعية فيزيولوجيا القلب الكهربية، وجمعية الفيزيولوجيا الكهربية الخلقية لأمراض الأطفال القلبية.
ما أسباب الدوار عند الوقوف؟
يعاني نحو 40% من البشر من جميع الفئات العمرية من الإغماء أو خفة الرأس أو الدوار أو فقدان الوعي الناتج عن انخفاض ضغط الدم الانتصابي IOH، في حين تُعد حالات ما قبل الإغماء Pre-syncope أكثر شيوعًا.
على الرغم من شيوعها، تعتبر الدراسات التي تناولت هذه الحالة والمعلومات المتاحة حول آليات حدوثها قليلة نسبيًا، إضافة إلى شحّ طرق التدبير والعلاج.
كيف يعالج الدوار عند الوقوف بالتمارين الرياضية؟
يوجد القليل من الخيارات لمرضى IOH، ولا تتوفر علاجات دوائية فعالة. يذكرُ أن التوصيات الأكثر شيوعًا لتخفيف الأعراض هي محاولة الوقوف ببطء أو الجلوس باستقامة ثم الوقوف.
يقول الباحث المشرف ساتيش آر راج، الحائز على دكتوراه في الطب وأستاذ العلوم القلبية في كلية كامينغا الطبية التابعة لجامعة كالغاري بكندا: «جميعنا شعر بنوع من خفة الرأس أو الدوار عند الوقوف مرة على الأقل. بالنسبة إلى بعض الأشخاص، قد يحدث هذا عدة مرات في اليوم، ما قد يثير توترًا شديدًا لدى المرضى ويؤثر سلبًا على نوعية حياتهم. أردنا استكشاف هذا الأمر أكثر وتقديم تقنيات جديدة وفعالة لتدبير الأعراض بهدف تحسين نوعية حياة مريض IOH».
ركزت هذه الدراسة على المناورات التي يمكن للجسم فعلها قبل الوقوف أو بعده وفعاليتها في الحد من انخفاض ضغط الدم وكذلك الأعراض التي تظهر عادةً على مرضى IOH عند الوقوف لتفادي الدوار عند الوقوف.
شملت الدراسة 24 امرأة شابة (متوسط العمر 32±8 سنوات) لديهن تاريخ مرضي واسع ومكرر من الإغماء بعد الوقوف مباشرة وأكثر من أربع نوبات من ما قبل الإغماء أو الإغماء خلال شهر.
استوفت المشاركات شرط الدراسة وهو حصول انخفاض كبير في ضغط الدم الانقباضي (لا يقل عن 40 ملم زئبقي) عند الوقوف معيارًا تشخيصيًا لـ IOH في يوم الدراسة.
سجلت اثنتان من المشاركات معدل ضربات قلب غير معياري، واستُبعدتا من الدراسة.
أكملت المشاركات المتبقيات ثلاث مناورات (جلوس-وقوف)، أولها الوقوف دون أي تدخل (أي دون أن يتم التحكم بمجموعة الدراسة) ومناورتي وقوف مع تدخل الباحثين.
ما أثر التمارين الرياضية على الدوار عند الوقوف؟
وجد الباحثون أن التنشيط القبليّ لعضلات الجزء السفلي من الجسم (الفخذين) بالرفع المتكرر للركبة قبل الوقوف (فعل قبليّ) وشد عضلات الجزء السفلي من الجسم (الفخذين والأرداف) بمقاطعة الساقين والشد فور الوقوف (توتير العضلات) يقلل انخفاض ضغط الدم بشكل فعال، ويخفف الأعراض عند الوقوف.
ووجدوا أن مناورة (الفعل القبليّ) حققت ذلك بزيادة النتاج القلبي، بينما حققته مناورة (توتير العضلات) بزيادة حجم الضربة.
تقول مؤلفة الدراسة الأولى والباحثة نازيا شيخ :«توفر دراستنا تقنية جديدة وغير مكلفة لتدبير الأعراض. يمكن لمرضى IOH بواسطتها التحكم في أعراضهم. نظرًا لكونها مناورة جسدية، يمكن أن يستخدمها المرضى في أي وقت وأي مكان للتحكم بأعراضهم لتفادي الدوار عند الوقوف».
تضيف الدكتورة ماري رونتي من جامعة لثبريج- كندا:«تعطي دراستنا تصورًا فيزيولوجيًا وتقيّم فاعلية المناورات الجسدية التي يمكنها مساعدة مريض IOH في تدبير أعراضه. شكل تشخيص انخفاض ضغط الدم الانتصابي الأولي لدى المرضى حجر الأساس الذي مكنهم من فهم أعراضهم والسيطرة عليها، وبالتالي تقليل الاضطرابات التي تحدث في الحياة اليومية الناجمة عن هذه الحالة الشائعة غير المفهومة عمومًا».
علق البروفيسور بيرت فاندنبرك من قسم علوم القلب والأوعية: «تعتبر مناورتا (الفعل القبليّ) و(توتير العضلات) خيارًا ذكيًا وبسيطًا وفعالًا لتخفيف أعراض IOH».
ونوه بما يلي: «يجب التحقق من انطباق النتائج على الرجال وكبار السن، إذ ينبغي أخذ العديد من العوامل بالحسبان. قد يوفر فهم دور المستقبلات الميكانيكية في القلب والرئة إدراكًا أفضل لتأثير هذه المناورات الفيزيولوجية البسيطة شديدة الأهمية والفعالة».
اقرأ أيضًا:
هبوط ضغط الدم الانتصابي Orthostatic Hypotension
ترجمة: ميس ابراهيم الابراهيم
تدقيق: أحمد فواز