كان الاعتقاد سائداً لعدة قرون بأن الحيوانات قادرة على التنبؤ بحدوث الزلازل، وقد سجل المؤرخون عام 373 قبل الميلاد أن الحيوانات بمافيها الفئران والأفاعي وابن عرس هجرت المدينة اليونانية HEILS قبل أيام من تدمير الزلزال لها.
حالات مماثلة لتنبؤ الحيوانات بالزلازل كانت قد سجّلت عبر القرون ،تحرّك سمك السلمون بعنف، توقف الدّجاج عن وضع البيض مغادرة النحل للخلية في حالة من الذّعر.
كما ادعى أصحاب الحيوانات الأليفة بمختلف أنواعها مشاهدتهم الكلاب والقطط تتصرف بغرابة قبل اهتزاز الأرض حيث كانت تنبح أو تأن دون سبب واضح كما كانت تظهر عليها علامات التوتر والأرق .
ولكن بماذا تشعر الحيوانات بالضبط ؟ هل تشعر بأي شيء ؟ يعتبر هذا لغزاً .
تقول إحدى النظريات أن الكائنات البرية و المدجنة تشعر باهتزازات الأرض قبل الإنسان وتشير المعلومات الأخرى بأن تلك الحيوانات تكتشف التغيرات الكهربائية في الهواء أو الغاز المنطلق من الأرض .
يعتبر الزلازل ظاهرة مفاجئة حيث لا يستطيع علماء الزلازل توقع متى وأين سيحدث الزلزال القادم .
يحدث ما يقدّر بـ 500000 زلزلال سنوياً حول العالم، 100000 منها يمكن للإنسان أن يشعر به و100 زلزال هو الذي يحدث ضرراً.
تعتبر اليابان من أكثر الدول عرضة للزلازل في العالم حيث تسببت بأضرار جسيمة وضخمة على الصعيدين البشري والمادي وقام الباحثون هناك بدراسات طويلة على الحيوانات آملين اكتشاف ما تشعر به قبل اهتزاز الأرض لاستخدامه كأداة للتبنؤ بالزلزال .
ومن ناحية أخرى شكك علماء الزلازل الأميريكيون بذلك بالرغم من وجود حالات موثقة للسلوك الحيواني الغريب قبل حدوث الزلزال وهي وكالة حكومية توفر معلومات علمية عن الأرض تقول إن الاتصال بين سلوك معين وحدوث الزلزال لم يحدث أو أنه غير موجود، وفي عام 1970 أجريت بعض الدراسات على ظاهرة التنبؤ عند الحيوانات ولكن لم تعطي نتائج ملموسة يقول مايكل، ومنذ ذلك الوقت لم تقم الوكالة بأية تحقيقات أخرى حول هذه النظرية .
يقول (أندي مايكل- Andy Michael ) وهو جيوفيزيائي لدى الـ USGS: «تقوم الحيوانات بالتفاعل تجاه الكثير من الأشياء مثل الجوع والدفاع عن أراضيها والتزاوج ومقاومة الحيوانات المفترسة لذلك من الصعب الوصول لدراسات للحصول على إشارات التحذير المتقدمة».
السلوك التعسفي عند الكلاب:
يواصل الباحثون حول العالم متابعة إثبات هذه الفكرة وفي سبتمبر عام 2003 قدم طبيب في اليابان العناوين الرئيسية مع الدراسة التي أشارت إلى وجود سلوك خاطئ أو تعسفي عند الكلاب مثل النباح المفرط أو العض الذي يمكن استخدامه في التنبؤ بالزلزال وهنالك أمثله أخرى، حيث نجح توقع السلطات بحدوث زلزال كبير وقد اعتمد جزء من هذا على السلوك الغريب للحيوانات على سبيل المثال في عام 1973 قام المسؤولون بإخلاء مدينة هايتشنغ وهي مدينة تحوي على مليون نسمة قبل أيام من زلزال بدرجة 7,3 لم يتأذى سوى جزء قليل من السكان، وتشير التقديرات أنه لو لم يتم إخلاء المدينة، لكان عدد القتلى والجرحى تجاوز 150000 شخص.
أعطت حادثة هاتشنغ الأمل للناس بإمكان التنبؤ بالزلازل وهذا مادفع الـ USGS لدراسة سلوك الحيوانات، ولقد اكتشفت بشكل متأخر على الرغم من أن سلاسل نادرة من الهزات الصغيرة تحدث قبل أن يضرب الزلزال المدينة .
يقول مايكل: (حالة مابعد الصدمة هي التي أعطت السلطات الصينية هذا التوقع الشبه مؤكد).
يضيف (روبرت شيلدراك- Rupert Sheldrak ) وهو عالم أحياء: «مازال الصينيون يستمرون بالنظر لسلوك الحيوانات كمساعد للتنبؤ بحدوث الزلزال وقد حققوا نجاحات ملحوظة والقليل من الإنذارات الكاذبة».
وأضاف أنه من الممكن وجود اتصال بين حدوث الزلزال وسلوك الحيوان ولكن كما اكتشف الصينيون فلم تسبب كل الزلازل سلوكاً غير معتاد عند الحيوانات في حين تسبب بذلك عند بعضها الآخر، فقط من خلال البحث يمكننا أن نعرف لماذا تنشأ مثل هذه الاختلافات .
قام شيلدرك بدراسته الخاصة مراقباً ردود أفعال الحيوانات قبل الهزات الكبرى بمافي ذلك كاليفورنيا عام 1994 وهزات اليابان وتركيا عام 1999.
وقال إنه في جميع الحالات هناك تقارير عن سلوك غريب مسبقاً بمافي ذلك عواء الكلاب في الليل بشكل غريب وتوتر الطيور في الأقفاص .
رفض علماء الجيولوجيا هذا النوع من التقارير معللين ذلك بأنه ( تأثير التركيز النفسي ) حيث أن الناس تتذكر التصرفات الغريبة فقط بعد وقوع الزلزال أو أي كارثة أخرى وإذا لم يحصل شيء يؤكد العلماء أن الناس لن يتذكروا السلوك الغريب .
الإبلاغ عن سلوك غريب:
لايوافق شيلدراك على ذلك وقال إنه يتم الإبلاغ عن أنماط مماثلة من سلوك الحيوان قبل الزلزال بشكل مستقل من قبل الناس في جميع أنحاء العالم وقال: « لاأصدق أن جميع الناس قادرون على اختلاق هذه القصص المتشابهة».
وهناك حاجه لإجراء المزيد من الأبحاث وهذا أمر طال انتظاره وقال شيلدروك الذي يقترح إنشاء خط ساخن خاص أو موقع ويب حيث يمكن للناس الاتصال أو الكتابة إذا رأوا سلوكاً غريباً صادراً عن حيواناتهم ومن ثم تقوم الحواسيب بتحليل الرسائل القادمة لتحديد المكان الذي نشأت فيه فإن موجة مفاجئة من المكالمات أو الرسائل الغلكترونية في منطقة معينة قد تشير إلى أن الزلزال وشيك وسيتم التحقق من المعلومات للتأكد من أن هذه الملاحظات لم تحدث بتأثير ظروف أخرى مثل الألعاب النارية أو تغيرات مناخية ولتجنب إصدار تحذيرات كاذبة يقول شيلدرك سنستخدم البيانات بالتعاون مع أجهزة الرصد الأخرى مثل المقياسات الزلزالية.
مثل هذا المشروع من شأنه أنّ يثير خيال الملايين من الناس ويشجع مشاركة الجمهورعلى نطاق واسع، ومايقيد هذا البحث ليس المال بل التسليم بالمعتقدات والتفكير ضيق الأفق.
ترجمة: أريج علي
تدقيق: أسمى شعبان
تحرير:عيسى هزيم
المصدر