لطاقة الرياح ثلاث مساوئ رئيسة محتملة، مثل التسبب في سقوط الطيور والخفافيش ضحايا الارتطام بالتوربينات، والتكلفة المرتفعة لإنشاء مزارع الرياح (حقول توليد طاقة الرياح)، والتداخل مع المناظر الطبيعية. تناولت النشرات الإخبارية حديثًا اعتراضًا جديدًا مفاده أن لمزارع طاقة الرياح خطورةً على صحة البشر المقيمين بالقرب منها. يطلق البعض على هذه النظرية «متلازمة توربينات الرياح».
بلغت مساهمة توربينات الرياح 8% من إجمالي توليد الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة في مايو 2017، متفوقةً بذلك على أي مصدر آخر للطاقة المتجددة. يتوزع في الولايات المتحدة قرابة 58,000 ألف توربين رياح عملاق، يبلغ ارتفاع الواحد منها 24 مترًا. تلتقط هذه التوربينات طاقة الرياح لتحولها بدورها إلى تيار كهربائي مناسب للاستخدام المنزلي.
قد لا تبدو نسبة 8% رقمًا كبيرًا حتى ندرك أن طاقة الرياح آخذة بالانتشار في الولايات المتحدة. فبينما تقرأ هذه مقالة توجد مزارع رياح جديدة شاسعة قيد الإنشاء بطاقات إنتاجية هائلة تصل إلى آلاف الميجاواط. حددت وزارة الطاقة الأمريكية أهدافًا في رؤيتها للرياح عام 2017: «حقبة جديدة لطاقة الرياح في الولايات المتحدة». تهدف إلى أن تلبي طاقة الرياح 10% من الطلب على الكهرباء في الولايات المتحدة سنة 2020، و20% بحلول عام 2030 و35% عام 2050. تساهم طاقة الرياح بتلبية 14% من احتياجات الكهرباء في الاتحاد الأوروبي.
يهتم المعنيون بمتلازمة توربينات الرياح بمعرفة هل طاقة الرياح تؤثر في صحة الفرد؟ وإذا صح ذلك، فكيف؟ هل يعاني حقًا كل شخص يعيش بالقرب من توربين رياح مشكلات صحية؟ لنلقي نظرة على المخاطر الصحية المحتملة لمزارع الرياح، ونستنتج هل يجب علينا القلق حيال الازدياد المستمر لمصادر طاقة الرياح حول العالم؟
تأثير الموجات تحت الصوتية على الجسم
يؤثر الدوران السريع لريش التوربينات الضخمة على محيطها. ولا نعني بذلك المظهر الجمالي فقط. فهي تتسبب في اضطراب ضغط الهواء، ومع أن الضوضاء الناتجة عن حركة الريش في الهواء وتلك الصادرة من التوربين ضعيفة، فإنها مميزة.
الموجات تحت الصوتية هي أصوات يقل ترددها عن 20 هرتز، وهو الحد الأدنى -الطبيعي- للنطاق السمعي للإنسان. الأمواج تحت الصوتية هي ما يؤرق من يخشون متلازمة توربينات الرياح، إذ يعتقدون أن الأصوات والذبذبات النابعة من توربينات الرياح قد تكون سببًا محتملًا للمشكلات الصحية، التي أبلغ عنها بعض الأشخاص الذين يقطنون المناطق القريبة من مزارع الرياح. تتمثل أعراض متلازمة توربينات الرياح في:
- الصداع.
- اضطرابات النوم.
- رهاب النوم.
- طنين الأذن.
- تقلبات مزاجية (مثل الانفعال والقلق).
- مشكلات في التركيز والذاكرة.
- مشكلات التوازن، والشعور بالدوار والغثيان.
لوحظت هذه الأعراض عند دراسة مجموعات صغيرة من الناس عانوا أعراض متلازمة توربينات الرياح، لكن لم يؤكد المجتمع العلمي وجود هذه المتلازمة، أو خطورة العيش في مناطق قريبة من توربينات الرياح. تتضارب الآراء حول كون توربينات الرياح تبعث موجات تحت صوتية، وهل تفوق الأمواج المنبعثة من توربينات الرياح تلك المنبعثة من محركات الديزل أو ارتطام الأمواج بالشاطئ؟ لكن المؤكد أن دوران ريش التوربينات بسرعات مرتفعة يبعث طنينًا مسموعًا وذبذبات متنقلة في الهواء.
يمدنا ذلك بالأدلة والحلول المحتملة لمتلازمة توربينات الرياح، التي سنتعرض لها في القسم التالي.
تفسيرات متلازمة توربينات الرياح وحلولها:
أعلن بعض الأشخاص الذين يقطنون المناطق القريبة من توربينات الرياح عن إصابتهم بالصداع واضطرابات النوم ومشكلات في التركيز. يمكن تفسير ذلك إلى جانب المزيد من الأعراض الأخرى بأنها نتاج الموجات تحت الصوتية والطنين والذبذبات المستمرة.
الخادع في الأمر أن هذه الأعراض ربما تكون نتيجة لمشكلات صحية أخرى. قلة النوم المزمنة مثلًا، قد تكون من الآثار السلبية للعيش في المناطق الصاخبة، مثل قرب الطرق السريعة أو المزدحمة، ما يؤدي إلى أعراض أخرى مثل التوتر وسهولة الانفعال والدوار.
أشارت نتائج دراسة أجريت عام 2018 إلى عدم وجود رابط مباشر بين موقع السكان من توربينات الرياح، وبين اضطرابات النوم، ومستوى ضغط الدم أو القلق، وفقًا لقياس مستويات الكورتيزول والإبلاغ ذاتيًا عن ارتفاع مستويات القلق. لم تجد الدراسة دليلًا صريحًا على تأثر صحة الفرد فعليًا بالتعرض لتوربينات الرياح. مع ذلك، وللتغلب على مشكلة الضوضاء تستخدم تكنولوجيا طاقة الرياح الحديثة تقنيات إخماد الصوت. فصُممت توربينات الرياح الأحدث لتكون أهدأ من النماذج الأولية إلى حد بعيد. فقلت الضوضاء الصادرة عن التروس والمولدات، وعُزلت مزارع الرياح الحديثة بعيدًا عن المناطق السكنية. وصُممت الريش لتُنتج ضوضاء أقل.
ومع ذلك توصلت دراسة جامعة تورنتو إلى أن: «الذين سكنوا المناطق القريبة من التوربينات مالوا للإفصاح عن انزعاجهم أكثر مقارنةً بمن يسكنون بعيدًا عنها». لذلك ينصح أغلب الخبراء بأهمية وجود منطقة عازلة حول مزارع الرياح لحماية الناس من التأثيرات المحتملة. تختلف الآراء حول الحد الأدنى للمنطقة العازلة، أو المسافة التي يجب أن تترك بين المناطق السكنية ومزارع الرياح، إذ تختلف اللوائح وفقًا للدول والولايات. لكن تبعد بعض مزارع الرياح مسافة 0.8 كيلومتر عن المناطق السكنية.
تُعد طاقة الرياح مع ذلك المصدر الأنظف والأرخص للطاقة المُنتجة محليًا. وتحتل ولاية تكساس الأمريكية الصدارة بين باقي الولايات من حيث توليد طاقة الرياح.
نأمل أن القوانين المنظمة للسكن خارج المناطق العازلة والسعي المستمر لإخماد الضوضاء عبر استخدام تقنيات عزل الصوت، قد تلغي الحاجة للإجابة عن سؤالنا: هل تسبب توربينات الرياح مشكلات صحية؟ لأن معظم العلماء ينفون ذلك.
أسئلة شائعة:
هل تصدر توربينات الرياح إشعاعات؟
لا تشكل مزارع الرياح أحد مصادر خطر التعرض للإشعاع. فمستويات المجال الكهرومغناطيسي في محيط توربينات الرياح أقل بكثير مما تقره اللوائح التنظيمية، بل تعد في الواقع أقل من تلك التي تصدر عن معظم الأجهزة المنزلية الكهربائية.
ما أعراض متلازمة توربينات الرياح؟
نشأت فكرة متلازمة توربينات الرياح عن كونها تعرض صحة البشر الذين يسكنون المناطق القريبة من طواحين الهواء للخطر. الأعراض التي أُعلن عنها هي الصداع والغثيان ومشكلات النوم مثل رهاب النوم، والطنين والقلق وسرعة الانفعال، ومشكلات في التركيز والتذكر، والدوار واضطراب التوازن . يعتقد العديد من الأشخاص أن ذلك يعود إلى الموجات تحت الصوتية الصادرة عن توربينات الرياح.
ما المسافة التي يجب أن تترك بين المنزل وتوربين الرياح؟
بما أن العلم لا يتفق مع مزاعم أن توربينات الرياح تؤثر في صحة الفرد، فلا يوجد إجماع في الوقت الحالي على المسافة التي يجب أن تفصلها عن المنازل السكنية. لا توجد حاليًا مناطق عازلة حول مزارع الرياح داخل الولايات، لكنها قد تُطبق مُستقبلًا.
هل من الخطر العيش بالقرب من توربينات الرياح؟
تناولت دراسات محدودة الأشخاص الذين لوحظت ووُثقت لديهم أعراض متلازمة توربينات الرياح، لكن لم يتوصل المجتمع العلمي: هل المتلازمة توجد بالفعل؟ أو هل يمثل العيش في مناطق قريبة من توربينات الرياح خطرًا؟
هل سببت توربينات الرياح حالات وفاة؟
أعداد الوفيات التي سببتها توربينات الرياح كبيرة، لكن معظم ضحاياها من الطيور والخفافيش.
قدرت المؤسسة الأمريكية للأسماك والحياة البرية أن مزارع الرياح تسبب نحو 140,000 إلى 500,000 حالة سنويًا من وفيات الطيور. ومع ذلك انخفضت نسبة الوفيات في النرويج بمقدار 70% عندما طُليت التوربينات بلون أسود. قد يساعد ذلك على خفض مدى تأثير توربينات الرياح على الطيور المهاجرة في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضًا:
هذا ما أنجزته توربينات الرياح بالحد من انبعاثات الكربون
توربينات الرياح المعلّقة تحت الجسور
ترجمة: سامية الشرقاوي
تدقيق: أسعد الأسعد