لا يوجد حاليًا علاج لمرض ألزهايمر، إذ يركز الباحثون على إيجاد طرق جديدة لتشخيص الحالة مبكرًا. حدد العلماء في جامعة ملبورن واسمًا حيويًا في الدم للتشخيص المبكر لمرض ألزهايمر.

يشرح براندن ماهان الأستاذ في كيمياء النظائر الأرضية في كلية الجغرافية في ملبورن: «ما زلنا لا نمتلك علاجًا شافيًا لمرض ألزهايمر ونعتمد على الكشف المبكر والمعالجة. إذا كشف وعولج مبكرًا فإن المراحل الأخيرة من المرض لاحقًا قد تمتد إلى ما بعد عمر الإنسان المتوقع. لذا يزاح عبء مالي وعاطفي عن المصابين بألزهايمر وعائلاتهم، وعن الاقتصاد الوطني والعالمي».

«على هذا، يجب أن نبحث باستمرار عن كل احتمال يخص الكشف المبكر عن ألزهايمر، ونركز جهودنا ومصادرنا لتخفيف هذا التحدي العالمي».

ماهان هو المؤلف الرئيس لدراسة جديدة نُشرت حديثًا، حددت واسمًا حيويًا جديدًا في الدم للتشخيص المبكر لمرض ألزهايمر، مستخدمًا تقنيات كيميائية أرضية.

ما الكيمياء الأرضية؟ وكيف تساعد على إيجاد واسمات ألزهايمر الحيوية؟

في الدراسة، تعاون ماهان وفريقه من الكيميائيين الأرضيين التحليليين مع مجموعة من علماء الأعصاب في مركز بحث الدماغ، لتطوير اختبار دم جديد للتشخيص المبكر لمرض ألزهايمر.

طبق العلماء تقنيات الكيمياء الأرضية التحليلية اللاعضوية التي تُستخدم عادةً لتحليل مكونات جيولوجية مثل الصخور والتربة، للبحث عن واسمات حيوية لمرض ألزهايمر في الدم.

يشرح ماهان: «الكيمياء الأرضية التحليلية اللاعضوية هي مصطلح عام للبحث يركز على تطوير وتطبيق أدوات معقدة وممارسات في المختبر لتحديد المكونات الكيميائية للمواد بدقة، سواء أكانت معادن أو صخور أو ماء أو نبات، ثم ترجمة هذه النتائج التحليلية ضمن سياق محدد».

«غالبًا، تجرى هذه التحاليل بواسطة مطياف الكتلة، إذ نجزئ المواد إلى مجموعة من الأيونات التي يمكننا لاحقًا التأثير فيها وفصلها باستخدام حقول مغناطيسية والكترونية، فنفصل الجزيئات المشحونة عن بعضها اعتمادًا على الكتلة».

بذلك يمكننا قياس الكميات النسبية لجميع الجسيمات المشحونة المختلفة، جميعها في الوقت ذاته، تُسمى الأداة المستخدمة: مطياف الكتلة البلازمي المتصل متعدد المجمعات، أو (MC-ICP-MS).

«طريقة تفكيك المواد في الأداة هي باستخدام شعلة بلازمية تدمر الروابط الكيميائية «تسمى الإرذاذ» وتزيل الإلكترونات من الذرات «التأين»، هذه الشعلة البلازمية تحترق بدرجة حرارة أعلى من سطح الشمس».

ماذا تقول نظائر البوتاسيوم عن خطر ألزهايمر؟

باستخدام 20 عينة دم من 10 أشخاص مصابين بمرض ألزهايمر و10 من غير المصابين، قارن الباحثون مستويات نظائر البوتاسيوم بين المجموعتين.

أوضح ماهان: «أساسًا، يبدو أن الدماغ المصاب بمرض ألزهايمر يطرد التركيزات العالية من النظير الأخف للبوتاسيوم، مقارنةً بالدماغ الطبيعي».

«الفرضية العاملة أن هذه النظائر الأخف من البوتاسيوم تُطرد إلى مجرى الدم، أي إلى المصل، بذلك نستطيع قياس هذا التغير في نسبة نظائر بوتاسيوم المصل، الذي يسببه مرض ألزهايمر في الدماغ».

«نظرًا إلى أن هذا الاختبار يعتمد على مطياف الكتلة اللاعضوي، أي أننا لا ننظر إلى مستويات البروتينات أو المواد العضوية الأخرى في الدم، فلا داعي للقلق بشأن مشكلات ضبط الجودة التي قد تنشأ من التخرب المحتمل للمواد العضوية في أثناء تخزين العينات ونقلها».

«مع أن هذه دراسة استطلاعية صغيرة، فإن النتائج الإحصائية تشير بالفعل إلى إنجاز في كشف مرض ألزهايمر، الذي يتساوى مع واسمات حيوية معتمدة على الدم، أفضل من المعتمدة على التحليلات العضوية».

يقول ماهان إنه فيما يتعلق بالخطوات القادمة في أبحاثهم، يخطط الفريق لتنمية وتوسيع هذا العمل البدئي إلى دراسة أشمل لتجمعات سكانية أكبر، وتمديد ذلك ليشمل معادن أخرى سوى البوتاسيوم، مثل النحاس والزنك.

«لدينا الآن إحدى هذه الأدوات المتخصصة (CRC-MC-ICP-MS)، هنا في قسم الكيمياء الأرضية التحليلية في ملبورن، ما يضاعف قدرتنا على قياس العينات».

«لدينا الآن الجهازان، ونسعى للبحث عن شركاء ودعم مالي لتمكين وتسريع هذا البحث المهم والمبتكر».

قالت فيرنا بورتر، طبيبة أعصاب معتمدة ومديرة قسم الخرف ومرض ألزهايمر والاضطرابات العصبية المعرفية في معهد علوم الأعصاب في سانتا مونيكا كاليفورنيا، إنها تجد هذا الأمر مثيرًا لأنه يقدم إمكانية استخدام نظائر البوتاسيوم بوصفها واسمات حيوية جديدة وغير بضعية لمرض ألزهايمر.

قالت بورتر: «أي تقدم في الكشف المبكر للمرض هو أمر مشجع للغاية. إمكانية الكشف عن مرض ألزهايمر مبكرًا بواسطة هذه الوسائل المبتكرة قد تغير كيفية تعاملنا مع العلاج ورعاية المرضى».

«التشخيص المبكر أمر أساسي لأنه يسمح بالتدخل في الوقت المناسب، ما يساعد على إبطاء تقدم المرض، وتحسين جودة حياة المريض، ومنح العائلات الوقت للاستعداد».

بخصوص الخطوات التالية في هذا البحث، أشارت إلى أنها ترغب في توسيعه ليشمل مجموعات مرضى أكبر وأكثر تنوعًا، لتأكيد موثوقية الواسم الحيوي الجديد.

«إن دمج هذا النهج مع واسمات حيوية أخرى مثبتة، مثل مستويات البيتا-أميلويد وبروتين تاو، سيوفر فهمًا أشمل لعلم أمراض ألزهايمر. ستكون الدراسات الطولية التي تتبع اضطراب البوتاسيوم ذات قيمة أيضًا في تحديد علاقتها بتقدم المرض».

اقرأ أيضًا:

بعض الأشخاص يعانون مرض ألزهايمر دون أعراض: ماذا يحدث في أدمغتهم؟

هذا الدليل الجديد قد يشخص مرض ألزهايمر قبل ظهور الأعراض

ترجمة: يارا سلامة

تدقيق: آلاء ديب

المصدر