يستخدم الرياضيون المحترفون الغمر بالماء البارد، أو ما يعرف أكثر باسم «حمامات الثلج» روتينيًا بعد المشاركة في حدث رياضي، إذ يُزعم أن الغمس في الماء المبرد -عادةً نحو 10 درجات مئوية- مدة 5 إلى 10 دقائق يحسن من الاستشفاء العضلي، و يعزز الأداء الرياضي لاحقًا.
لكن ماذا يقول العلم عن هذه الادعاءات؟
طُرح السؤال على خمسة خبراء في فسيولوجيا التمارين: هل تُحسِّن حمامات الثلج بعد التمرين الأداء الرياضي؟ فكان ردهم كما يلي:
ماذا يحدث للعضلات عندما تبرد؟
يستخدم كثير من الناس كمادات الثلج أو كيسًا من البازلاء المجمدة في المنزل، لتخفيف الألم والتورم عند إصابتهم بالشد العضلي.
تشرح جوانا لانير، خبيرة فسيولوجيا العضلات من معهد كارولينسكا في السويد، كيفية عمل ذلك: « يقلل التبريد من انتقال النبضات العصبية، ما يخفف من مستوى إدراك الألم. أيضًا يسبب التبريد انقباض الأوعية الدموية في الأنسجة المحيطة مثل العضلات، ما يؤدي إلى تقليل انتشار السوائل، ما يساعد على تخفيف الالتهاب الحاد الناتج عن ممارسة الرياضة».
يضيف ليون روبيرتس خبير فسيولوجيا التمارين من جامعة غريفيث في أستراليا: «من المعروف أيضًا أن الغمر بالماء البارد يساعد على إعادة معدل ضربات القلب إلى قيمه الطبيعية».
يمكن القول إن حمامات الثلج تؤثر في الدماغ كما تؤثر على العضلات. أجرى جيمس براوتش -الخبير في فسيولوجيا التمارين الرياضية من جامعة فيكتوريا – دراسةً بحثية لمقارنة تأثيرات حمام الثلج مع حالة علاج وهمي (بلاسيبو) خُدع فيها المشاركون، فكان العلاج الوهمي بنفس فعالية حمام الثلج.
في حالة العلاج الوهمي، استحم المشاركون في حمام دافئ ظنًا منهم أنه زيت استشفاء خاص، لكنه في الواقع كان منظفًا للجلد.
يقول براوتش: «قيّم المشاركون في الحالتين اعتقادهم بفوائد العلاج المقدم لهم، مترجمًا إلى استعادة متماثلة لقوة تمدد الساق على مدى 48 ساعة بعد التمرين».
ما تأثير حمامات الثلج في استشفاء العضلات بعد التمرين؟
تضيف لانير إن حمامات الثلج فعّالة في تقليل أعراض ألم العضلات متأخر الظهور الناتج عن التمرين، أي الألم والتصلب الذي يحدث في العضلات بعد ساعات إلى بضعة أيام بعد ممارسة تمارين شاقة أو غير معتادة، لذلك يُشاع استخدام حمامات الثلج من أجل الاستشفاء العضلي بعد المسابقات الرياضية.
ما تأثير حمامات الثلج في أداء التمارين؟
لما كانت الحمامات الثلجية تساعد العضلات على الاستشفاء، فقد تساعد في تحسين الأداء الرياضي. لكن الأمر ليس بهذه البساطة. يقول هاكان ويستربلاد خبير الفسيولوجيا الخلوية للعضلات من معهد كارولينسكا في السويد: «تُظهر الدراسات العلمية نتائج مختلفة فيما يتعلق بتأثير حمامات الثلج بعد التمرين على الأداء لاحقًا، مع نتائج تتراوح بين آثار إيجابية طفيفة إلى عدم وجود تأثير، أو وجود تأثير سلبي».
من المشكلات المتعلقة بقياس تأثير حمامات الثلج في الأداء في أثناء التمرين وجود أنواع مختلفة من التمارين، مثل تمارين التحمل أو القوة.
يقول روبيرتس:«من الغريب أن الغمر في الماء البارد بعد ممارسة تمارين القوة قد يعيق فوائد التمرين». أضاف روبرتس وزملاؤه أنهم وجدوا انخفاضًا وضعفًا كبيرين في النتائج المرجوة من تمارين القوة، مثل زيادة القوة وكتلة العضلات، مع تحسينات خلوية داخل العضلات. من المرجح أن هذا كان بسبب تأثير الماء البارد سلبًا في البروتين الطبيعي والاستجابات الخلوية التي تحدث في العضلات بعد كل جلسة تمرين.
أما تمارين التحمل، فقد تكون التأثيرات مختلفة تمامًا. يقول كريستوفر موهيني، خبير العلوم الرياضية من جامعة ماهيدول في تايلاند: «تشير أدلة إلى أن تبريد العضلات الممرنة يزيد من الإشارة الخلوية التي تنشط التولد الحيوي للميتوكوندريا».
يحدث ما يسمى «التولد الحيوي للميتوكوندريا«، إذ تزيد الخلايا من أعداد الميتوكوندريا، البنى التي تطلق الطاقة. ويعد التولد الحيوي للميتوكوندريا أحد الآثار الإيجابية التي تأتي من تمارين التحمل، لذلك قد تعزز الحمامات الثلجية هذه الفائدة.
لذلك نجد أن تأثير الحمامات الثلجية في أداء التمرين يختلف حسب نوع التمرين.
يلخص روجرز: «يفضل تجنب الغمر بالماء البارد بعد تمارين القوة. يُوصى باستخدامه بعد حالات خاصة، مثل الأحداث الرياضية الكبيرة أو تمارين التحمل، وقد يوفر أيضًا فوائد إضافية على الأداء في أثناء ممارسة تمارين التحمل لاحقًا».
الفكرة الأساسية هي: لا تُستخدم حمامات الثلج لتحسين تمارين القوة، لكنها قد تكون مفيدة في حالة تمارين التحمل.
اقرأ أيضًا:
السباحة في الماء البارد قد تحمينا من الخرف
هل يفيد الاستحمام بالماء البارد لعلاج القلق؟
ترجمة: وائل المشنتف
تدقيق: إيناس خير الدين