حسنًا، تبدو إمكانية الرؤية في الظلام كفكرة رائعة جدًا، أليس كذلك؟
بالفعل، فأجهزة الرؤية الليلية جعلت من ذلك أمرًا ممكنًا، وإننا نرى تلك الأجهزة طوال الوقت في الأفلام، حيث تلاحظ ذلك العميل السري واضعًا تلك النظارات ومتسلًّلًا إلى مبنى الأشرار الفخم، ثم يُسقط الأعداء مستخدمًا الظلام المحيط به كوسيلة للتخفي.
وبينما كنت تشاهد كل ذلك، ربما تكون قد سألت نفسك: هل تعمل النظارات هذه حقًا؟
الإجابة هي نعم، بالتأكيد.
فيمكن بوساطة أجهزة الرؤية الليلية NVD، أن ترى شخصًا على بعد يفوق 183 مترًا في ليلة شديدة الظُلمة.
وتعتمد معظم هذه الأجهزة، سواء كانت نظارات أو مناظير أو كاميرات، على نوعين من تقنيات الرؤية الليلة:
النوع الأوّل يستخدم تقنية تحسين الصورة، والتي تبدو فيه الصور المعروضة خضراء اللون.
ونواع الثاني الذي يستخدم تقنية التصوير الحراري، والتي تبدو فيه الصور رمادية مائلة إلى الزرقة.
وللتوضيح، فإن التقنية المستخدمة في النوع الأول المسماة بتقنية تحسين الصورة، تعتمد على استقبال وتجميع أصغر الكميات من الضوء الذي يشمل الجزء السفلي من الأشعة تحت الحمراء للطيف الضوئي، والتي تكون غير مرئية بشكل واضح بالعين المجردة، والقيلم بتضخيمها بحيث تصبح مرئية بسهولة.
ويتم استخدام المهبط الضوئي بواسطة محسّنات الصور لتحويل الفوتونات إلى إلكترونات، واستخدام جهد كهربائي عالٍ لتكبير هذه الإلكترونات ضمن صفيحة ذات قنوات صغيرة قبل اصطدامهم بشاشة مغطاة بالفوسفور.
وهنا يأتي الجزء المثير، فتبقى الإلكترونات في مساراتها بعد عبورها الصفيحة، وبذلك يتم منح صورة ممتازة ما دامت الإلكترونات تظل محاذية للفوتونات الأصلية.
وعندما تصطدم الإلكترونات بالشاشة، تثير طاقتهم الفوسفور والذي بدوره يحرّر الفوتونات.
ويقوم الفوسفور بتكوين تلك الصورة الخضراء التي تراها عندما تنظر خلال نظارة للرؤية الليلية.
أما في النوع الثاني فإن التصوير الحراري يلتقط الجزء العلوي من الطيف الضوئي للأشعة تحت الحمراء، والتي تبعثها الأجسام كطاقة حرارية بدلًا من انعكاسه كضوء.
فالأجسام الأكثر سخونة، كأجسام العملاء السريين تظهر بشكل واضح، لأنها تبعث هذا النوع من الضوء أكثر من الأجسام الباردة كالمباني والأشجار.
تستطيع هذه الأجهزة تحسس درجات حرارة تتراوح بين -20 و1980 درجة مئوية.
ويبدأ السحر، أو بالأحرى، العلم عند العدسات والتي تركز الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من كل الأجسام الموجودة ضمن نطاق الرؤية وتستخدم مصفوفة طورية من العناصر الكاشفة للأشعة تحت الحمراء لخلق إطار صُوَري لدرجة الحرارة ويُسمى “المخطط الحراري thermogram”، والذي يُتَرجَم بدوره إلى نبضات كهربائية ثم إلى بيانات لجهاز العرض، والذي يظهرها بألوان مختلفة وفقًا لشدة الأشعة تحت الحمراء.
استمر وجود أجهزة الرؤية الليلة لأكثر من 40 عامًا ومرّت بعدة تطوّرات.
واليوم، يتم استخدامها في عدة مجالات، منها تطبيقات للمؤسسات العسكرية، والملاحة، ومراقبة الحياة البرية.
تحرير: ناجية الأحمد