في الآونة الأخيرة، تم بناء العديد من السدود الكهرومائية بشكلٍ متسارع جدًّا في جميع أنحاء العالم.
لكنّ تَبِعاتها البيئيّة الحقيقيّة بدأت تظهر ببطء –حتى مع فوائدها الخضراء (الصديقة للبيئة)-، حيث أظهرت دراسة جديدة أنّ مصدر الطاقة المتجددة هذا يمكن أن يقود بعض أنواع الحيوانات للخروج من منطقتها الطبيعية، مما يؤدي إلى تناقصٍ ملحوظ في أعدادِها.
“تم التفكير بالسدود الكهرومائية على أنّها صديقة للبيئة ومصدر للطاقة المتجددة- في السنوات القليلة الماضية تم بنائها لسدّ الحاجة المُلِحّة للطاقة في البلدان الاستوائية النامية”، كما تقول د. ميرا بينشيمول (Dr. Maira Benchimol)، والتي قادت دراسة تمّ نشرها في مجلّة (PLoS One).
وتضيف: “بحثُنا أضاف أدلّة جديدة على أنّ الغابات من حيث كثافتِها وأنظمتِها الطبيعيّة تدفع ثمنًا باهظًا مقابل بناء سدٍّ جديد”.
البحث تمّ على “سد بالبينا” في وسط البرازيل في منطقة البراري.
عندما تمّ بناء السد في الثمانينات، وَضع منطقة مساحتها 2360 كيلومتر مربّع من المناطق غير الملموسة من الغابة تحت المياه، قاتلًا بذلك الكثير من الأشجار ومكونًا أكثر من 3500 جزيرة صناعيّة.
الفريق الذي يتكوّن من علماء من جامعة أنجليا الشرقيّة (University of East Anglia) قضى أكثر من سنتين في استطلاع تلك الجزر ومقارنتها بالمناطق غير المتأثرة بارتفاع مستوى الماء.
الباحثون وضعوا كاميرات في الأماكن المخصّصة للدراسة، وذلك لتسجيل الأنواع و وفرتها هناك، واستخدموا صورًا عالية الدقة من الأقمار الاصطناعيّة لتقييم كمّية التدهور الذي حلّ بالجُزُر، حيث وجدوا نقصانًا كبيرًا في عدد أنواع الحيوانات التي تعيش على الجُزُر -نقصان كبير في أعداد الثدييات الكبيرة، الطيور والسلاحف- في الجُزُر اللاتي تمّت الدراسة عليها.
“وجدنا القليل من الجُزُر مساحتها أكبر من 475 هكتار لاتزال تحتفظ بمجمتع متنوّع من أنواع الطيور والحيوانات، أيّ نسبتها 0.7% فقط من عدد الجُزُر التي تمّت الدراسة عليها”، وهذا على حدّ تعبير بينشيمول.
وتضيف: “وبالإضافة إلى التأثيرات الحاصلة كنقصان مساحة مواطن الحيوانات، فإنّ أغلب الجُزُر الصغيرة تدمّرت بفعل الرياح العاصفة والنيران التي حدثت في جفاف “نينو” الحادّ خلال 1997-1998″.
كل هذا يضيف لكمّية الأدلة أنّ السدود الكهرومائية ليست طاقة نظيفة وصديقة للبيئة كما كنّا نعتقد سابقًا.
وبالرغم من أنّ هذه السدود هي الأكبر في العالم من حيث المساحة المغمورة بالمياه، وبعد كلّ هذا الدمار والضرر التي سبّبته، فإنهّا تنتج مقدار ضئيل من الطاقة؛ فقط 250 ميجاواط.
وعلى أيّة حال، فإنّ كمّية غاز الميثان المنبعثة من الخزّان (يُقصد بها مجموعة الجزر) بسبب المواد المتحلّلة، تفوق كمّية الغازات المنبعثة من أقذر محطّات توليد الكهرباء من الفحم.
وعلى الرغم من هذا، لا زالت البرازيل تخطّط لبناء المزيد من السدود على نهر الأمازون، غامرةً بذلك مساحة أكبر من الغابات تحت المياه، ممّا سُيجِبر السكّان الأصليين على ترك أراضيهم.
ويوصي الباحثون بأن يتمّ أخذ كل هذه العوامل في الاعتبار عندما يتمّ التخطيط لبناء سدّ جديد، وعدم تجاهلها كم يحدث الآن.
- إعداد: منتظر حيدر
- تحرير: ناجية الأحمد
- المصدر