لقد بدت تلك الأسئلة كهرطقة منذ عقد مضى، وأصرَّ معظم علماء الكون أن لا معنى لها، فمجرد تخيُّل وجود الزمن قبل الانفجار العظيم كان أشبه بالسؤال عن اتجاه مكان ما شمال القطب الشمالي.
لكن التطور في الفيزياء النظرية وظهور نظرية الأوتار بشكل خاص قد غير وجهة نظرهم تلك، ليصبح الكون ما قبل الانفجار العظيم أحدث حدود علم الكونيات.
إن الرغبة في معرفة ما قد يكون قد حدث قبل الانفجار العظيم هو أحدث جولة للبندول الفكري المنطلق ذهابًا وإيابًا لآلاف السنين.
بشكل أو بآخر، فإن موضوع النشأة الأولى قد شغل بال الفلاسفة واللاهوتيين في كل الثقافات تقريبًا، مترافقًا مع مجموعة كبيرة من المخاوف والأفكار.
أحدها صُوِّرت في لوحة تعود لعام 1897 لِبول غوغان (Paul Gauguin): “من أين جئنا؟ من نحن؟ إلى أين نحن ذاهبون؟”، تصور القطعة دورة الولادة والحياة والموت –الأصل والهوية وقدر كل شخص-تلك المخاوف الشخصية ترتبط بشكل مباشر بمثيلاتها الكونية.
يمكننا أن نتتبَّع نسبنا وأصلنا بالرجوع بالأجيال القديمة، وبأسلافنا الحيوانات إلى أشكال الحياة الأولى والبدائية، وإلى العناصر التي تم تخليقها في الكون المبكر، وإلى الطاقة المشتتة وغير المنتظمة التي تراكمت في الفضاء قبل ذلك.
علَّنا نلبِّي تساؤلاتنا الملحَّة؛ هل شجرة عائلتنا تمتد خلفنا إلى مالا نهاية؟ أم أن تلك الجذور تنتهي عند حدٍّ ما؟ وهل كوننا فانٍ وزائل مثلنا أم أنه مستمرٌّ إلى الأبد؟