لسنواتٍ عديدةٍ سخَّر العلماء الخلايا الجذعية لأغراض مختلفة، آملين أن يتم استخدامها في يومٍ ما لتجديد عضلة القلب أو خلايا المخ التي فُقدت في مرض باركنسون.
ومنذ عقدٍ مضى اكتُشف أن خلايا الجلد وخلايا الدم العادية يمكن برمجتها إلى خلايا جذعية قادرة على التطور إلى إيّ نوع من الأنسجة، وهو ما سبب ثورةً في الأبحاث الطبية الحيوية.
وفي محاولة منهم لإيجاد حلٍ لمشكلة العقم، وجد علماء في اليابان طريقةً للحصول على بويضةٍ بشريةٍ من لا شيء سوى خلايا دم امرأة! ويُعد هذا البحث خطوةً هامةً في ما يطلق عليه العلماء تكنولوجيا (تغيير قواعد اللعبة – game changing).
لا تُعتبر الخلية البدائية الإنجابية التي أوجدها العلماء بويضةً ناضجةً، ولا يمكن تخصيبها لإنتاج جنينٍ.
لكن على مستوى آخر، تمكن العلماء بالفعل من إنتاج بويضات من خلايا ذيل الفئران، وتم تخصيبها لإنتاج جنينٍ وتمكن من البقاء.
يعتقد إيلي أداشي وهو عميد سابق في الطب والعلوم البيولوجية في جامعة براون كما أنّه لم يشارك في هذه الدراسة أن المسألة هي مسألة وقتٍ حتى نتمكن من تحقيق تلك الخطوة.
قاد هذه الدراسة ميتنوري سايتو وهو باحث في مجال الخلايا الجذعية في جامعة كيوتو في اليابان ويعمل منذ سنوات على الربط ما بين الخلايا الجذعية وخلايا البويضات والحيوانات المنوية، وفي التجربة الجديدة ابتكر سايتو خلايا جذعية من خلايا الدم البشرية ثم طورها إلى خلايا إنجابية بدائية في المرحلة المبكرة جدًا لنمو البويضة.
تمكن فريقه من الحفاظ على الخلايا حيةً لمدة أربعة أشهر، عن طريق احتضانها في طبقٍ واحدٍ مع خلايا مبيضية لفأر، عندها تطورت الخلايا إلى سليفات البيوض التي تظهر خلال الثلاثة أشهر الأولى من الحمل.
يشير سايتو إلى إن هدفه التالي هو إيجاد طريقةٍ ما لجعل سليفات البيوض أكثر تطورًا، رُبّما بالحضانة مع خلايا مبيضية جنينية مأخوذة من الإنسان بدلًا من الفأر.
يعتقد العديد من العلماء أن القضية تتعلق بالوقت الذي سيتمكن فيه العلماء من تخليق بويضة ناضجة.
يعتقد توشي شيودا المتخصص في عالم الأحياء من جامعة هارفارد، أنه حتى إذا تغلبنا على التحديات التقنية فهناك مصدر خوفٍ كبيرٍ من احتمال الأصابة بالسرطان أو بأمراضٍ أخرى للرضع الناتجين من هذه البويضة.
بينما يعتقد هنري غريلي مدير مركز القانون والعلوم الحيوية في جامعة ستانفورد ومؤلف كتاب (نهاية الجنس ومستقبل التكاثر البشري) أن هذه خطوة هامة، ولكنها واحدة من عدة خطواتٍ ضروريةٍ للوصول إلى خلايا تناسلية مصنوعة من خلايا جذعية قابلة للاستخدام.
لكن هذه التجارب قد تجلب لك العديد من الأسئلة الأخلاقية والمجتمعية، فمثلًا هل يمكن لشخص ما استغلال خلايا أحدهم دون علمه لجعله والدًا؟ وهل يمكن استخدام خلايا الخد مثلًا للحصول على خلايا جنسية؟!
وهل يمكن إعادة الساعة البيولوجية للمرأة إلى الوراء – أو إزالتها – إذا انتهت الحاجة إلى البويضات؟! وهل يمكن لسهولة تخليق البويضات السماح للوالدين بمراقبة الأمراض الوراثية بشكلٍ أفضلٍ؟
يعتقد العلماء إن الوقت قد حان للتحدث عن هذه الأمور وتثقيف العامة، وأشار أداشي إلى أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تؤدي إلى قلب الموازيين وقد تكون أكبر طفرةٍ حدثت في التكاثر البشري منذ تطوير التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب، وفي الوقت الذي سنشهد فيه ولادة بحث جديد مهم للبشرية عن هذه التكنولوجيا سيكون هناك رد فعل سلبي وإجراءات معادية من جهاتٍ عدة، سياسية ودينية وغيرها.
يقول العلماء العاملون في هذا المجال بأنهم يتلقون رسائل إلكترونيةً مكررةً من أشخاص يرغبون في الإنجاب ويتمنون أن تكون هذه التكنولوجيا جاهزةً في وقتٍ قريبٍ.
وأضاف غريلي أخيرًا:«إذا تمكننا من القيام بذلك فإن ملايين الأزواج داخل الولايات المتحدة وخارجها، سيتمكنون من إنجاب الأطفال، لا أعرف إن كان الأمر سينجح أم لا، لكن ما تعلمته من علم الأحياء هو أنه قادر على إدهاشنا دائمًا».
- ترجمة: شيماء ممدوح
- تدقيق: رند عصام
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر