أكد الفيزيائيون وجود شكلٍ جديد لنواة الذرة, والحقيقة أنها ليست متناسقةً في اعتراض النظريات الأساسية للفيزياء التي توضح الكون.
هذا ليس سيئًا كما يبدو؛ لأن ما اكتُشف في 2016 استطاع مساعدة العلماء في حل واحدةٍ من أكبر الأسرار في الفيزياء النظرية (مكان وجود كل المادة المظلمة)، واستطاع أيضًا توضيح سبب استحالة السفر إلى الماضي في الواقع.
حسبما أخبر ماركوس تشيك من جامعة غرب اسكتلندا كينيث ماكدونالد (at BBC News at the time): »إننا وجدنا تلك النواة تشير حرفيًا إلى نقطةٍ في اتجاه الفضاء، وهذا يوصل إلى اتجاهٍ في الزمن, مثبتًا أنه يوجد اتجاهٌ واضح المعالم في الزمن، وأننا سنسافر دومًا من الماضي إلى الحاضر«.
لنفهم هذا الشكل الجديد من نوية الذرة, علينا أن نتعرف القديم منها أولًا.
حتى وقتٍ حديث, كان مؤكدًا أن نواة الذرة تكون شكلًا واحدًا من ثلاثة أشكال: كرويّ, قرصيّ أو ككرة رجبي.
تلك الأشكال تكونَت من التوزيع للشحنات الكهربية داخل النواة, وتُمليها تركيباتٌ محددةٌ من البروتونات والنيوترونات في نوع ذرةٍ محددة, سواءً كانت ذرة هيدروجين, أو زنك, أو نظيرٍ مُعقَدٍ صُنِع في المعمل.
العامل المشترك بين تلك الأشكال الثلاثة هو تماثلهم, وهذا يتزاوج بشكلٍ جيدٍ مع نظرية فيزياء الجسيمات أو المعروفة باسم «CP-Symmetry».
وهي المزيج من التناظرين اللذين يُعتقد وجودهما في الكون:
.C-Symmetry و P-Symmetry) :CP-Symmetry)
وتُعرف أيضًا باسم تماثل الشحنة, وتنص على أنك إذا قلبت شحنة نواة (C-Symmetry) إلى عكسها, فإنَّ علوم الفيزياء لهذه الذرة ستظل كما هي.
لذلك إذا أخذنا ذرة هيدروجين، وذرة هيدروجين مضادة، وعبثنا بهما, فسوف يستجيب كلاهما بطرقٍ متطابقة, على الرغم من أن لهما شحناتٍ متضادة.
وقد وضح إيثان سيجيل من (It Starts With a Bang) أنَّ ما يُعرف أيضًا بالتساوي, ينص على أن الإحداثيات المكانية ((P-Symmetry تُوصف نظامًا من الممكن أن يُقلَب من خلال نقطة الأصل, لذلك س, ص, ع بُدِّلت إلى س-, ص-, ع-.
قائلًا: »يدك اليسرى ويدك اليمنى تمثلان (P-Symmetry) مع بعضهما البعض؛ إذا رفعت إبهامك، وأغلقت أصابع يدك اليمنى واليسرى سيكونان مرآةً لبعضهم البعض.
(CP-Symmetry) هي مزيجٌ من تلك الافتراضات في فيزياء الجسيمات, إذا كان لديك جسيمٌ يدور في اتجاه عقارب الساعة ويتحلل صعودًا, فإنَّ جسيمه المضاد سوف يدور في عكس اتجاهه (عكس اتجاه عقارب الساعة)، ويتحلل صعودًا بنسبة 100% من الوقت، وذلك إذا حُفظ CP ولم يتم انتهاكه .«
إنَّ احتمالية انتهاك الكون (C-Symmetry و P-Symmetry) هي واحدةٌ من الشروط التي اقترحت لتوضيح سر المادة المضادة في الكون.
ولكنَّ إثبات هذا يعني أن النموذج القياسيَّ للفيزياء يحتاج إلى إعادة التفكير بجدية.
وفقًا لقوانين الفيزياء, في وقت الإنفجار العظيم, كان يجب إنشاء كمياتٍ متساويةٍ من المادة والمادة المضادة, ولكن الآن وبعد مليارات السنين, أصبحنا محاطين بأكوامٍ من المادة (صلب, سائل, غاز، بلازما)، ويبدو أنه لا توجد أيُّ مادةٍ مضادةٍ طبيعية.
يقول عالم الرياضيات جانلوكا ساري من جامعة (كوينز بلفاست في المملكة المتحدة): »هذه خاصيةٌ محيرة, كنظرية ميكانيك الكم النسبية التي تشير إلى أنه يجب أن تكون لدينا كمياتٌ متساويةٌ من الاثنين«.
ويضيف: »في الواقع, لا نموذج حقيقيّ للفيزياء يستطيع أن يفسر التناقض.«
وبالعودة إلى أشكال نوى ذراتنا، فإنَّ معظم النظريات الأساسية في الفيزياء بُنيت على التماثل, لذلك عندما اكتشف علماء (CERN) نواةً غير متماثلةٍ على شكل كمثرى في النظير للراديوم 224 في 2013, كانت صدمةً؛ لأنه أظهر أن النواة قد تكون أكثر كتلةً في نهاية واحدةٍ من الأخرى.
بعد ذلك, في 2016 أُكِّد البحث بدراسةٍ ثانيةٍ أظهرت أن نواة نظير الباريوم 144 أيضًا غير متناظرةٍ، وعلى شكل كمثرى.
حسبما أخبر تشيك ال BBC : »إنَّ البروتونات تثري في نتوء الكمثرى، وتخلق شحنةً محددةً في توزيع النواة، وهذا ينتهك نظرية مرآة التماثل، ويتصل بالانتهاك الموجود في المادة والمادة المضادة في كوننا .«
وبينما يشتبه الفيزيائيون أن الباريوم 144 له نواةٌ على شكل كمثرى لبعض الوقت، اكتشف تشيك وفريقه كيفية مراقبة ذلك مباشرةً, واتُّضح أن تشويهها هو أكثر وضوحًا مما كان متوقعًا.
إذن، فما علاقة كل هذا بالسفر عبر الزمن؟
إنها فرضيةٌ جميلة, لكن تشيك قال: »إن هذا التوزيع غير المتكافئ للكتلة والشحنة يسبب نواة الباريوم 144، إلى أن تشير إلى نقطةٍ في اتجاهٍ معينٍ في الزمكان، وهذا التحيز يفسر سبب اتجاه الزمن من الماضي إلى الحاضر لا العكس, حتى إذا كانت قوانين الفيزياء لا تهتم إلى أي اتجاه يذهب«.
بالتأكيد, ليست هناك طريقةٌ لإثبات ذلك دون دليل, ولكنَّ الاكتشاف هو مؤشرٌ آخرٌ أنَّ الكون قد لا يكون متماثلًا كما يحتاج النموذج القياسيّ للفيزياء أن يكون, وإثبات ذلك يستطيع أن يرشدنا إلى عصرٍ جديدٍ من الفيزياء النظرية.
نُشرت الدراسة في «Physical Review Letters» في 2016arXiv.org.
- ترجمة: محمد الحجار.
- تدقيق: تسنيم المنجّد.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر