لا توجد حدود!
الفيزياء الكمومية هَزَمت الفيزياء الكلاسيكية مرّة أُخرى.
اكتشف العُلماء أنّه يُمكن لجسم كمّي مُنفرِد أن يُرسل إشارة مُزدوِجة المسار، وهو شيء مستحيل في الفيزياء الكلاسيكية.
هذا يعني أنّ الجسم يُمكن أن يُرسل رسالة لنفسه فضلًا إلى الحالة الماكرة بمبدأ الشك وهي (التراكُب – Superposition).
تنُص حالة التراكب على أنّه يُمكن للجسيم الواحد أن يشغل مكانين في نفس الوقت، وهذه هي كيفية حدوث الاتصالات المزدوجة.
حيث يُمكن استخدام فوتون مُنفرد أو جُسيم ضوئي لإرسال رسالة لشخصين في نفس الوقت الذي قد تستغرقه الرسالة للوصول لشخص واحد في الحالة العادية.
والأكثر من ذلك، أنّ الاتصالات الكمومية لن تُثبِت فقط أنّها أكثر أمانًا من الأنظمة التي نملكها اليوم، بل أيضًا ستكون أسرع كثيرًا، وفقًا لباحثي الدراسة الجديدة.
يقول أحد أعضاء الفريق، فلافيو ديل سانتو من جامعة فيينا بالنمسا:«إن أردنا توصيل رسائل بين أماكن مُختلفة، فإنّه أيًا كان ما يُخزِّن ويحمِل المعلومات، يجب عليه أن يظهر في كل هذه الأماكن.
مع ذلك، إذا أدخلنا الحامل المادي في حالة تراكب كمومي لهذه الأماكن، سيكون له قُدرة هائلة على جمع وتخزين وحمل المعلومات من أماكن مُختلفة في الوقت ذاته.»
لوضعها في صيغة أُخرى، يقول الباحثون أنّ الأمر يُشبه كونك قادرًا على زيارة وتسليم رسالة لإثنين من أصدقائك في نفس الوقت، عوضًا عن زيارة أحدهما ثم الآخر.
نَشَر ديل سانتو وزميله بوريفوج داكيتش، من الأكاديمية النمساوية للعلوم، ورقة مبنيّة على حساباتهم النظرية، ومن ثمَّ ألحقوا بها تجربة تُوضِّح الفكرة عمليًا.
لفِهم كيفية عملها، يجب الغوص قليلًا إلى العالم المُعقّد لميكانيكا الكم.
يوضِّح داكيتش: «تخيّل مشهد بسيط لفردين، أليس وبوب، يُريدان تبادُل معلومة بسيطة بينهُما، على سبيل المثال 0 أو 1، حيثُ يقوموا بترميز رسائِلهم الخاصة في نفس الوقت بشكل مُباشِر إلى حالة التراكب للجُسيم الكمومي.
بمُجرّد أن يتم ترميز المعلومة، يقوم الاثنين بإرسال الأجزاء الخاصة بهم من الجُسيم الكمومي ناحية بعضهما.»
ما يكون مطلوبًا بعدها هو نوع مُعيّن من الأجهزة الذكية وآلية عمل بين الفردين، والتي يُمكنها توجيه أجزاء الجُسيم طبقًا لمُحتواه.
يقول داكيتش:«على سبيل المثال، إذا وصل الجُسيم إلى أليس، فإنّها ستعرف أنّ الجزء الخاص ببوب كان هو المُقابل للجزء الخاص بها، والعكس صحيح.»
فيُصبح أليس وبوب حينها قد أرسلا واستقبلا رسالة في نفس الوقت الذي قد تستغرقه رسالة للوصول من أحدهم للآخر وِفقًا لنظام الفيزياء الكلاسيكية.
وللحصول على دليل عملي أكثر على الفكرة، وضع ديل سانتو وداكيتش فوتونًا مُنفَرِدًا في حالة تراكب، في وجود مرايا وأجهزة بصرية أُخرى بين محطّتين تُمثِّلان أليس وبوب.
بمُجرّد ترميز الفوتون إلى 0 و1 في كل محطة، يتم إرساله إلى المحطة المُقابلة وبينما يتفاعل الفوتون مع ذاته خلال الطريق، سواء حدث تكبير أو إخماد لإشارته، فإنّه قد قرّر أي المحطتين استقبل الفوتون.
هُناك وصف تفصيلي لهذه التجربة في طور المُراجعة، لكنّها مُتاحة للقراءة على سيرفر arXiv.org.
يُعد ذلك مثال آخر على قُدرة ميكانيكا الكم على تغيير الطريقة التي نُفكِّر بها في الكون وما حولنا.
يقول العالِم الفيزيائي فيليب فَلتر، من جامعة فيينا، والمُشارِك في التجربة التابِعة:«أحيانًا تغفل عن فكرة مُذهِلة، ثُم تجدها، حرفيًّا، أمام أنفك.»
تم نشر الجزء النظري من البحث في صحيفة Physical Review Letters.
- ترجمة: بسام محمد عبد الفتاح.
- تدقيق: مينا أبانوب.
- تحرير: عيسى هزيم.
- المصدر