يحدث نزيف الأنف فجأة وفي أي وقت، حتى إذا كانت الظروف غير ملائمة، وقد يشعر الأشخاص الذين كثيرًا ما يتعرضون لنزيف الأنف بالحرج والقلق والاستعجال لمحاولة إيقافه، ويتساءل بعضهم حتمًا: هل يدعو نزيف الأنف إلى القلق؟

يقول اختصاصي الأنف والأذن والحنجرة براندون هوبكينز: «لا يمثل نزيف الأنف عادةً سببًا للقلق، لكن في بعض الحالات يُنصح باستشارة الطبيب».

ما دلالات نزيف الأنف الخطير؟

من الطبيعي أن يشعر المرء بالقلق إزاء النزيف، لكن لسوء الحظ يبدو نزيف الأنف في معظم الأحيان أشد مما هو عليه في الحقيقة.

«مثلًا، إذا سكبنا قطرة دم واحدة في وعاء، فإنه يتحول بأكمله إلى اللون الأحمر، أي أن الأمر لا يتطلب كميةً كبيرة من الدم لجعل المشكلة تبدو وخيمة، إذ نبالغ عادةً في حساب مقدار النزيف بفارق شاسع».

يعني ذلك أن المصاب بنزيف الأنف على الأرجح لن ينزف بشدة، ولكن قد يشير نزيف الأنف مع ذلك إلى وجود مشكلة ما.

قد ينجم نزيف الأنف ببساطة عن تهيج الأنف بسبب الحساسية أو الهواء الجاف أو رذاذ الأنف، لكنه قد ينتج أيضًا من مشكلات أخرى تتطلب الرعاية الطبية، من علامات ذلك:

  •  استمرار النزيف طويلًا.
  •  تكرار نزيف الأنف.
  •  الإصابة بالاضطرابات النزفية.

نزيف الأنف دون توقف:

مدة النزيف من أهم النقاط التي ينبغي وضعها في الاعتبار عند تحديد مدى شدة نزيف الأنف، إذ قد يشير نزيف الأنف الذي يستمر أكثر من 20 دقيقة إلى وجود مشكلة مقلقة، لكن تجب أيضًا مراعاة ما فعله المصاب لتخفيف النزيف خلال تلك المدة.

عندما يبدأ الأنف بالنزيف، ينبغي أولًا تحفيز تكوّن جلطة لإيقاف النزيف، بالضغط على الأنف بثبات، وسيتوقف النزف عند الضغط على المكان الصحيح وسد مصدره.

ينصح هوبكينز باتباع الخطوات التالية لوقف نزيف الأنف:

  •  الحفاظ على الهدوء والتنفس من الفم.
  •  الجلوس وإمالة الجسم والرأس إلى الأمام قليلًا.
  •  وضع حوض أو منشفة مبللة على الركبتين لاستقبال قطرات الدم.
  •  الضغط على الجزء الليّن من الأنف باستخدام إصبعي الإبهام والسبابة.
  •  مواصلة الضغط مدة 10 دقائق على الأقل، يمكن استخدام مؤقت أو ساعة لحساب المدة.
  •  إذا لم يتوقف النزيف، كرر العملية مدة 10 دقائق أخرى.
  •  حال استمرار النزيف، يجب طلب الطوارئ.

قد يشعر المصاب بنزيف الأنف أن الوقت يمر سريعًا وأن النزيف مستمر منذ مدة طويلة بدلًا من دقائق معدودة، لذا يستحسن استخدام مؤقت لحساب الوقت بدقة.

من الضروري مقاومة الرغبة في إفلات الضغط قبل مرور المدة المطلوبة، إذ يجب على المصاب إعادة المحاولة مجددًا بعد كل مرة يفلت فيها الضغط على الأنف.

يقول هوبكينز: «أدرك أن الضغط على الأنف باستمرار طوال عشر دقائق ليس مهمةً سهلة، فقد يبدو غريبًا ويسبب الشعور بالانزعاج، لكن يتطلب بروتين الفيبرين في الدم عشر دقائق ليبدأ بتكوين جلطة توقف النزيف، وقد يؤدي إفلات الضغط قبل انقضاء المدة اللازمة إلى تفكك الجلطة، من ثم تلزم إعادة محاولة تكوينها مجددًا».

إذا استمر النزيف بعد محاولتين للضغط على الأنف عشر دقائق، يجب طلب المساعدة الفورية، أو الذهاب إلى قسم الطوارئ.

عند وصول المصاب إلى الطوارئ، يحاول الأطباء عادةً معالجة النزيف، بحشو الأنف بشاش أو إسفنج مخصص للأنف، مع أن بعض الناس قد يملؤون الأنف بالمناديل أو السدادات القطنية لامتصاص الدم، فإن هوبكينز ينصح بعدم اتباع هذا الإجراء، نظرًا إلى أنه قد يزيد تهيج بطانة الأنف ويؤدي إلى تفاقم النزيف، لذا يُفضل ترك هذه الخطوة للاختصاصيين.

يلجأ الأطباء أحيانًا إلى الكي لإغلاق الوعاء الدموي المسؤول عن النزيف بعد فشل السبل الأخرى.

نزيف الأنف المتكرر:

لا يوجد عدد محدد لحادثة نزيف الأنف يمكن اعتباره أكثر من اللازم، إذ يختلف ذلك من شخص إلى آخر، ولكن إذا بدأ بالتأثير في حياة المصاب، يجب عليه زيارة الطبيب المختص.

«مثلًا، عندما يتعرض طفل إلى نزيف في الأنف مرتين أسبوعيًا ويحتاج إلى مغادرة الصف نصف ساعة للتعامل معه، سيضطر إلى تفويت حصصه الدراسية، ما يمثل سببًا كافيًا لزيارة الطبيب، وإذا استيقظ شخص ما في وسط الليل ووجد بقع دم على الشراشف أكثر من مرة، سيرى معظم الأشخاص أن هذه المشكلة تجاوزت الحد الذي يستطيعون تحمله».

الأسباب المحتملة لنزيف الأنف المتكرر:

قد ينجم تكرر نزيف الأنف لدى الأطفال عن عبثهم بأنوفهم، لا سيما في الطقس البارد حينما يصبح الأنف أكثر عرضةً للجفاف.

أيضًا قد ينتج نزيف الأنف المتكرر من تهيج الأنف بسبب الهواء الجاف، لدى الأطفال والبالغين على حد سواء، تمكن الوقاية من هذه الحالة بترطيب ممرات الأنف باستخدام رذاذ ملحي أو مرهم أنفي مرطب.

حال فشلت هذه السبل، يجب طلب الرعاية الطبية. قد يفحص الطبيب المصاب للبحث عن أي مشكلة أخرى كامنة وراء النزيف، مثل انحراف حاجز الأنف، وأورام الأنف، والاضطرابات النزفية، وحالة وراثية تصيب الأوعية الدموية تُسمى توسع الشعيرات النزفي الوراثي. قد يرتبط نزيف الأنف المتكرر لدى المراهقين الذكور بورم حميد يُسمى الورم الليفي الوعائي الأنفي البلعومي.

نزيف الأنف لدى المصابين بالاضطرابات النزفية:

يجب على بعض الأفراد المصابين باضطرابات طبية معينة زيارة الطبيب حتى إذا كان نزيف الأنف يبدو طفيفًا، ومنهم الأشخاص المشخصين بأحد الاضطرابات النزفية، مثل الهيموفيليا ومرض فون ويليبراند، إلى جانب الأشخاص الذين يتناولون أدوية سيولة الدم مثل الأسبرين.

يقول هوبكينز: «يواجه الأشخاص المصابون بالاضطرابات النزفية أو يتناولون أدوية سيولة الدم مثل الأسبرين بانتظام صعوبةً في إيقاف النزيف بعد حدوثه، لذا يستحسن استشارة طبيب لإيجاد العلاجات المناسبة لهم، واتخاذ السبل الاحتياطية لإبقاء أنوفهم رطبة من أجل الوقاية من نزيف الأنف، إضافةً إلى وضع خطة لكيفية التصرف عند حدوثه».

خلاصة القول إن نزيف الأنف غالبًا يتوقف تلقائيًا بعد الضغط عليه دقائق معدودة، لكن تجب زيارة الطبيب إن لم يتوقف النزيف، أو إذا بدأ بالتأثير سلبًا في حياة المصاب.

اقرأ أيضًا:

لماذا يتكرر نزيف الدم من الأنف خلال الصيف؟

ست خطوات لإيقاف رعاف الأنف (نزف الأنف)

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: أكرم محيي الدين

المصدر