لقد أظهر بحث جديد أن نجمًا بعيدًا عن كوكبنا قد قام بالتهام دزينة من الكواكب أو ربما أكثر، قياسها من قياس كوكبنا، وقد أسموه الباحثون ( كرونوس – Kronos)، على اسم الإله العظيم الذي افترس أطفاله مخافة أن يخلعوه عن عرشه في الميثولوجيا اليونانية، وذلك حسب بيان جاء من جامعة برينستون.
إن النجم كرونوس ينتمي إلى مجموعة النجوم المزدوجة أو الثنائية، ويبعد عن كوكبنا 350 سنة ضوئية.
وقد اكتشف العلماء بُنية النجم المفترِسة، من خلال دراستهم المقارنة للتركيب الكيميائي لتوائمه من النجوم والذي أسموه (كريوس – Krios) على اسم الإله اليوناني والأخ الأكبر لكرونوس، وأظهرت النتائج أن هذا النجم مكوَّن من معادن غير عضوية متصخِّرة بصورة نادرة، ومن المقترح أنها تمنح 15كوكبًا من نفس كتلة الارض خلال فترة حياتها، تبعًا للدراسة (Gallery: Dying Stars Consume Rocky Alien Planets)
ولقد أُشير للنجمين ب HD240029 وHD240030 على التوالي، والذَيْن يبلغ عمرهما تقريبًا 4بليون سنة ضوئية، وهما من صنف النجوم الصفراء، “Yellow G-types stars” ويشبهان شمسنا لكنهما أصغر منها حجمًا، وتبعًا للدراسة أظهرت عمليات الرصد مدارات النجوم بالنسبة لبعضها البعض كل عشرة آلاف عام أو أكثر.
في البداية، تساءل الباحثون فيما إذا كان النجمان في الحقيقة عبارة عن زوج نجميين ثنائيين: إذ أنهما يقعان في سنتين ضوئيتين متفارقتين، لكن أكّد بحث أكثر عمقًا أن النجمين يتحركان بصورة مشتركة، ولهما نفس السرعة الزاويَّة، وحسب البيان فإن حركتهما تجاه الأرض معًا، إقبالًا وإدبارًا، هي دليل مفتاحي على أنها نظام نجمي ثنائي.
لكن المفاجأة الأعظم حول هذا النظام الثنائي، أنه مركّب من عدة معادن مختلفة ومتباعدة في تركيبها الكيميائي، فالدراسة تشير إلى أن كرونوس يحوي كمية كبيرة من معادن متعددة وهي: الماغنسيوم و الألومنيوم والحديد والسيليكون والكروم واليتيريوم، والتي تشكل كتلة الهيكل الصخري للكواكب، ككوكبنا أيضًا، لكن النجم المفترس لم يمتلك القدر نفسه من المكونات القابلة للتطاير، والتي تتواجد على الأرجح بصيغة غازية، كالأكسجين والكربون والنيتروجين والبوتاسيوم، وذلك وفقًا للدراسة.
ويقول سيميونغ أوه، طالب جامعي في برينسيتون، والكاتب الرئيسي لهذا البحث العلمي:
“إن معظم النجوم الغنية والتي تحتوي على كافة العناصر الأخرى تتحسّن وتتحوّل في مرحلة مشابهة، حيث أن كرونوس يحتوي على عناصر قابلة للتطاير لكنها مقيَّدة مما يجعل منها شيئًا غريبًا ضمن بيئة نموذجية ووافرة للنجوم، والوفرة في التشكل الصخري مركَّزة في الطبقات الخارجية للنجم كرونوس، بينما كل الأمكنة الأخرى داخل النجم هي ممزوجة.”
وأبعد من ذلك، فقد أكد الباحثون أن هذه الأنواع من المعادن في الطبقات الخارجية قد تصلَّبت عند درجات حرارة عالية، فهيئة الكواكب الصخرية، والتي تشكلت أشبه بالنجم الأصلي أكثر مما يفعله الغاز الضخم
لذا فإن النجم كرونوس على الأرجح استهلك 15 كوكبًا كتلتها تعادل كتلة كوكب الأرض لكي يكسب كمية فريدة من المعادن للتحوّل إلى هيئة صخرية، ومن جانب آخر يعتقد الباحثون أن النجم قد يمتلك كمية أكبر من المواد المتطايرة الملتهمة من قبل الغاز، ويضيف أوه أن العناصر التي تشكل أي كوكب صخري هي نفسها العناصر التي تطوَّرت في النجم كرونوس، أما العناصر القابلة للتطاير لم تتطور، وهذا يضعنا أمام جدلية قوية حول سيناريو الكوكب الملتهم، بدلًا من إفادتنا بمعلومة إضافية، وتزودنا الدراسة التي أُجريت برؤية جديدة أيضًا حول تشكُّل النجوم والكواكب خارج المجموعة الشمسية.
ويقول جيسي كريستيانسين، وهوعالم فضاء من وكالة ناسا الفضائية، هيئة العلوم في كاليفورنيا من معهد التكنولوجيا:
“حاليًا نحن ما زلنا في مرحلة تجميع القياسات وعمليات الرصد المختلفة لتحديد كيفية وزمن تشكُّل الكواكب والأجرام خارج مجموعتنا الشمسية، ومن الصعب المراقبة المباشرة لآلية تشكّل النجوم اليافعة، فهي مغطاة بالغبار الكوني بشكل كبير، والنجوم نفسها فعالة جدًا، مما يجعل عملية تحليل الإشارات الواردة منها صعبة جدًا، لذا فنحن مضطرون لاستخدام المعلومات المحدودة التي نمتلكها للاستنتاج قدر المستطاع”.
ولو حصلنا على معلومات أعمق، لانفتحت لنا نافذة جديدة على التراكيب المعدنية والكميات التي تشكل الأجرام السماوية، وفي مراحل مبكرة لمجموعات الكواكب، والتي قد تزودنا بقيود حاسمة في عالم نظريات التشكّل للكواكب.
- ترجمة: ديالا الاحمدية
- تدقيق: عبدالرحمن ربيع صوفي
- تحرير : رغدة عاصي
- المصدر