استعدوا، يا سكان الأرض: فقد أعلنت وكالة ناسا، والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، ولجنة التنبؤ بالدورة الشمسية رسميًا بداية الحد الأقصى للنشاط الشمسي .
ما يعني أن الشمس وصلت إلى ذروة دورة نشاطها التي تستمر 11 عامًا، وهي الفترة التي تنتشر فيها البقع الشمسية، والتوهجات الشمسية، والانبعاثات الكتلية الإكليلية. لذا، سنستمر في رؤية الكثير من النشاط من الشمس في الأشهر القادمة.
وفي مرحلة ما، وسط كل هذه الضجة والضجيج، ستتغير أقطاب الشمس المغناطيسية، وسيبدأ النشاط في التراجع، متجهًا نحو الهدوء في الدورة الشمسية المعروفة باسم الحد الأدنى للنشاط الشمسي. ولكننا لن نعرف متى سيحدث ذلك على وجه التحديد حتى ينتهي الحد الأقصى للنشاط الشمسي.
يقول عالم الأرصاد الجوية السيد طلعت من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي: «لا يعني هذا الإعلان أن هذه هي ذروة النشاط الشمسي الذي سنشهده في هذه الدورة الشمسية. بينما وصلت الشمس إلى فترة الذروة الشمسية، لن يُحدد الشهر الذي يبلغ فيه النشاط الشمسي ذروته على الشمس إلا بعد أشهر أو حتى سنوات».
يمكننا الاعتماد على وجود الشمس في حياتنا، وهذا خبر جيد بالنسبة لنا لأنها حيوية لوجودنا على هذا الكوكب. لكن هذا لا يعني أن الشمس ثابتة جوهريًا؛ نجمنا يخضع لتغييرات خاصة به، ومن أبرز هذه التغيرات دورة النشاط التي تستمر 11 عامًا.
لا نعرف الكثير عن العوامل التي تحرك هذه الدورات، بصراحة، فإن فهم ما يحدث داخل الشمس أمر صعب للغاية. ورغم أن كل دورة تستغرق نحو 11 عامًا، إلا أنها تختلف في طولها الدقيق. لا يمكننا التنبؤ بالمدة الدقيقة لأي شيء على وجه اليقين، ولا مدى قوتها، أو حتى متى من المقرر أن يحدث الحد الأقصى والحد الأدنى.
قال عالم الفيزياء الفلكية الشمسية، مايكل ويتلاند، من جامعة سيدني في أستراليا لموقع “ساينس أليرت” في 2022: «لا يمكننا التنبؤ بالدورات الشمسية على نحو موثوق. نحن لا نفهم تمامًا الدينامو الشمسي، الذي يولد المجالات المغناطيسية التي نراها على السطح في شكل بقع شمسية، والتي تنتج التوهجات. هذه واحدة من المشاكل البارزة في الفيزياء الفلكية».
لكننا نعرف كيف تتجلى الدورة الشمسية، ويمكن لعلماء الشمس والأرصاد الجوية استخدام هذه الظواهر لتتبع الدورة.
والمقياس الرئيسي هو البقع الشمسية وهي المناطق على سطح الشمس حيث يكون المجال المغناطيسي قويًا ومتداخلًا مؤقتًا، مما يمنع تدفق البلازما الساخنة، ويجعل المنطقة أكثر برودةً وداكنة أكثر من سطح الشمس المحيط.
نجد الحد الأدنى للنشاط الشمسي عندما تكون البقع الشمسية في أقل عدد لها. أما الحد الأقصى فهو عندما تتناثر البقع الشمسية على السطح مثل النمش.
ومعها تأتي الانفجارات الشمسية الضخمة. عندما تنكسر خطوط المجال المغناطيسي المتشابكة في البقع الشمسية وتلتقي مجددًا، فإنها تنفجر في دفعات قوية من الضوء والطاقة، وهذه هي التوهجات الشمسية. وفي بعض الأحيان، تطرد هذه الانفجارات مليارات الأطنان من الجسيمات الشمسية والمجالات المغناطيسية، التي تنطلق عبر النظام الشمسي، هذه هي الانبعاثات الكتلية الإكليلية.
قد يكون لهاتين الظاهرتين تأثير على الأرض. قد ينجم عن التوهجات الشمسية انقطاع في الإرسال اللاسلكي. وعندما تصطدم الانبعاثات الكتلية الإكليلية بالمجال المغناطيسي الذي يحمي الأرض، فإنها تولد ظاهرة تُعرف بالعواصف الجيومغناطيسية.
قد تكون هذه الظاهرة أكثر خطورة، إذ تولد تيارات قد تتداخل مع عمليات شبكات الطاقة، وتؤثر على الاتصالات والملاحة، وتعيق تشغيل الأقمار الصناعية. ولكنها تنتج أيضًا مشاهد شفق قطبي مذهلة، حيث تتفاعل الجسيمات الشمسية مع الجسيمات في الغلاف الجوي العلوي للأرض. لهذا السبب شهدنا العديد من أحداث الشفق القطبي هذا العام.
لكننا لسنا في خطر، كما يبدو حتى الآن. صحيح أن الدورة الشمسية الحالية أقوى بكثير من التوقعات الأولية التي قدمتها وكالة ناسا والإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي، لكننا لم نصل إلى الدورة الشمسية الأقوى التي شهدناها على الإطلاق، وهي لا تزال ضمن الحدود الطبيعية. أقوى توهج في الدورة الحالية كان بقوة X9.0 في 4 أكتوبر، وبينما يقع هذا ضمن أفضل 20 توهجًا تم قياسه، إلا أن هناك بعض التوهجات العملاقة التي ربما لم تلاحظها بعد.
وفي الوقت نفسه، لم تُجرى بعض التحليلات المثيرة للاهتمام بعد. بينما كانت التوقعات الرسمية حول الدورة الشمسية أقل مما حدث، تنبأ بعض العلماء بدورة شمسية قوية بدقة أكبر بكثير. قد يكون لهذا بعض الآثار المثيرة للاهتمام على فهمنا لكيفية عمل الشمس والنماذج التي نستخدمها للتنبؤ بالدورات الشمسية في المستقبل.
لذا، تأهبوا. فقد نكون على موعد مع بعض الطقس الفضائي العاصف وبعض الأفكار الجديدة الرائعة حول الطرق الغامضة لشمسنا الرائعة.
اقرأ أيضًا:
عاصفة شمسية تحدث ثقبًا في المجال المغناطيسي للأرض!
وصول الأرض إلى أقرب نقطة من الشمس يتزامن مع حدوث عاصفة شمسية
ترجمة: لور عماد خلیل
تدقيق: مؤمن محمد حلمي
مراجعة: باسل حميدي