لقد نجح علماء (جامعة كولومبيا – Columbia University) بالتعاون مع باحثين من (هارفارد – Harvard)، في تطوير عمليّة كيميائيّة لامتصاص ضوء الأشعّة تحت الحمراء وإعادة انبعاثها بهيئة طاقة مرئيّة، ما يسمح للإشعاع الحميد أن يخترق النسيج الحي ومواد أُخرى دون حصول الضرر الناجم عن التعرّض للضوء شديد الكثافة.
نُشر بحث الفريق ضمن العدد الصادر في 16 كانون الثاني عن مجلّة (نيتشر – Nature).
قال (توميسلاف روفيس – Tomislav Rovis) أستاذ الكيمياء في جامعة كولومبيا والمؤلّف المُشارك للدراسة: «النتائج مشوّقة لأنّنا استطعنا تنفيذ سلسلة من التحوّلات الكيميائية المعقّدة التي تتطلّب عادةً طاقةً عاليةً، وضوءًا مرئيًا باستخدام مصدر ضوئي غير مُوسَّع للأشعّة تحت الحمراء.
يمكن للمرء أن يتخيّل العديد من التطبيقات المحتملة حيث توجد الحواجز في طريق السيطرة على المادّة.
على سبيل المثال، يَعِدُنا هذا البحث بتعزيز امتداد وفعّالية العلاج الضوئي الحركي، الذي لم تتحقّق بعد إمكاناته الكاملة للتحكّم بالسرطان».
أجرى الفريق -الذي يضم (لويس م. كامبوس – Luis M. Campos)، وهو أستاذ مساعد في الكيمياء لدى جامعة كولومبيا، و(دانييل م. كونجريف – Daniel M. Congreve) من (معهد رولاند – Rowland Institute) في هارفارد- سلسلةً من التجارب باستخدام كميّات ضئيلة من مركّب جديد يمكن عند تحفيزه بالضوء، أن يكون وسيطًا في عمليّة انتقال الإلكترونات بين الجزيئات التي -فيما عدا ذلك- ستتفاعل بطريقة أبطأ أو قد لا تتفاعل أبدًا.
يتضمّن نهجهم المعروف باسم «تحويل الانصهار الثلاثي» سلسلة من العمليّات التي تقوم بشكلٍ أساسي بدمج فوتونَي أشعّة تحت حمراء في فوتون ضوء مرئي واحد.
تلتقط معظم التقنيّات الضوء المرئي فقط، بمعنى أنّ باقي الطيف الشمسي يضيع سُدى.
يمكن لتحويل الانصهار الثلاثي أن يجمع ضوء الأشعّة تحت الحمراء منخفض الطاقة وتحويله إلى ضوء يمكن بعد ذلك أن تمتصّه الأجهزة البصريّة الإلكترونيّة، مثل الخلايا الشمسيّة.
كما ينعكس الضوء المرئي بسهولة عن العديد من الأسطح، في حين أنّ الأشعة تحت الحمراء تمتلك أطوال موجيّة أطول يمكنها اختراق المواد الكثيفة.
قال كامبوس: «بهذه التقنيّة، تمكنّا من ضبط ضوء الأشعّة تحت الحمراء بشكلٍ دقيق إلى الأطوال الموجيّة الضروريّة والأكثر طولًا التي سمحت لنا بالمرور الغير متوسّع عبر سلسلة متنوّعة من الحواجز مثل الورق، والقوالب البلاستيكيّة، والدمّ والأنسجة».
حتّى أنّ الباحثين أنبضوا الضوء عبر شريحتين من اللّحم المقدّد ملفوفتَين حول قارورة.
حاول العلماء طويلًا حلّ مشكلة كيفيّة الحصول على الضوء المرئي الذي يخترق الجلد والدم دون الإضرار بالأعضاء الداخليّة، أو الأنسجة السليمة.
يُستخدم العلاج الضوئي الحركي (PDT)، لعلاج بعض السرطانات، ويفعِّل دواءً خاصًّا، يُدعى الحسّاس الضوئي (photosensitizer)، والذي يُشغّل بواسطة الضوء لإنتاج شكل أكسجين عالي التفاعلية قادر على قتل أو تثبيط نمو الخلايا السرطانيّة.
يقتصر العلاج الضوئي الحركي الحالي على علاج السرطانات الموضعيّة أو السطحيّة.
وقال روفيس: «هذه التقنيّة الجديدة يمكن أن تجلب تقنيّة (PDT ) إلى مناطق من الجسم لم يكن بالإمكان الوصول إليها من قبل.
بدلًا من تسميم كامل الجسم بعقار يسبّب موت الخلايا الخبيثة والخلايا السليمة على حدٍّ سواء، يمكن لدواء غير سام مقترنًا بالأشعّة تحت الحمراء أن يستهدف بشكلٍ انتقائي موقع الورم وإطلاق أشعة نحو الخلايا السرطانيّة».
قد يكون لهذه التقنيّة تأثير بعيد المدى.
ربمّا يكون العلاج بالأشعّة تحت الحمراء مفيدًا في معالجة عدد من الأمراض والحالات الصحيّة، بما في ذلك إصابة الدماغ الرُضّية، والأعصاب التالفة والحبل الشوكي التالف، وفقدان السمع، وكذلك السرطان.
وتشمل التطبيقات المحتملة الأُخرى: الإدارة عن بعد للتخزين الكيميائي لإنتاج الطاقة الشمسيّة وتخزين البيانات، وتطوير الأدوية، وأجهزة الاستشعار، وطرق سلامة الأغذية، والمركّبات المحاكية للعظام، ومعالجة المكوّنات الإلكترونيّة الدقيقة.
يختبر الباحثون حاليًا تقنيّات تحويل الفوتون في أنظمة بيولوجية إضافية. وقال كامبوس: «هذا الأمر يفتح المجال لفرصٍ غير مسبوقة لتغيير طريقة تفاعل الضوء مع الكائنات الحية.
في الوقت الحالي نحن نستخدم تقنيّات التحويل في هندسة الأنسجة وتوصيل الأدوية إلى هدفها».
- المترجم: رولان جعفر.
- تدقيق: حسام التهامي.
- تحرير: محمد سفنجة.
- المصدر