تقترح دراسة جديدة أن مهارات التواصل لا ترتبط بالزواج. ربما كان التكلم بصدق وشفافية عن المشاكل الجنسية في العلاقة صعبًا، إذ يشعر الكثير من الأشخاص بالحرج أو الإهانة لطلب ما يريدونه بوضوح وصراحة، رغم كونهم على علاقة طيبة بشركائهم.
توجد عدة تفسيرات محتملة لضعف التواصل الجنسي بين الشريكين:
- تربّى العديد من الأشخاص على أن الجنس (سيئ) أو أن الحديث عنه يُعَد وقاحة.
- يخشى البعض من الإساءة لشريكهم.
- يقلق البعض بشأن ردود شركائهم على طلباتهم.
- رغم وجود علاقات طويلة الأمد، يعاني بعض الناس من كيفية فتح هذا الموضوع مع شركائهم.
يرى الكثيرون أن الزواج أو الارتباط طويل الأمد قد يحل هذا المشكلة، إذ يُعَد الزواج مساحةً آمنة للحديث عن العديد من المشاكل. يرى الكثيرون أيضًا أن المهارات تُكتسب مع الوقت، وهنا تأتي أهمية الالتزام في العلاقة، إذ توفر العلاقة طويلة الأمد وقتًا كافيًا لإيجاد حلول لمثل هذه المشاكل.
لكن تُظهر دراسة ألمانية أن الأمر ليس بهذه البساطة. الالتزام والوقت مهمان في الكثير من الأمور، لكن فيما يتعلق بالحديث عن الجنس بين الزوجين لا يكون الأمر كذلك دائمًا. تطرح الدراسة سؤالًا بسيطًا: هل يحسن الزواج من التواصل بين الزوجين فيما يخص الجنس؟
الجواب الصادم هو: لا. تُظهر الدراسة المنشورة في مجلة Journal of Sex Research أن المتزوجين أظهروا أقل معدل للتواصل بين الشركاء عن الجنس.
ضمت الدراسة 3200 شخص ينقسمون إلى 7 مجموعات: المتزوجون ويمثلون الحصة الأكبر بنسبة (57.4%) والعازبون (14%) ومن لم يسبق لهم الزواج لكن لديهم شريك يعيش في مكان آخر (4.3%) وغير المتزوجين لكن يعيشون مع شريك (13.1%) والمنفصلون أو المطلقون (5.3%) والمنفصلون أو المطلقون لكن لديهم شريك يعيش في مكان آخر (2.7%) والمنفصلون أو المطلقون الذين يعيشون مع شريك (3.3%).
استخلص العلماء مدى التواصل الجنسي -باعتباره مُتغيرًا مركّبًا- من طريق الإجابة عن السؤالين التاليين: إذا أردت شيئًا مختلفًا في أثناء الجنس هل أقول ذلك أو أظهره بأفعالي؟ وعمومًا هل أستطيع التعبير عن احتياجاتي ورغباتي الجنسية جيدًا؟
جمع الفريق الإجابات، التي تراوحت بين 1 (أبدًا) إلى 5 (دائمًا)، واعتمد معيار بليس ونيكل وشميدت Plies, Nickel and Schmidt في تقييم النتائج.
كانت النتائج واضحة، إذ حقق المتزوجون ومن يعيشون مع شريكهم أقل نتائج في التواصل الجنسي. في حين أظهر العازبون والأشخاص في علاقة لكن يعيشون منفصلين أفضل النتائج فيما يخص مهارات التواصل الجنسي.
لفهم هذه النتائج يجب أن نفهم ماهية التواصل الجنسي ومدى أهميته.
ما التواصل الجنسي؟
يُعَرف التواصل الجنسي بأنه إمكانية تعبير الشخص عن تفضيلاته الجنسية، فمن يتمتعون بمهارات تواصل جنسي أكبر يميلون للتعبير عن رغباتهم الجنسية أكثر، والمبادرة بالأفعال التي يحبونها. فهم لا يعبرون فقط عن رغباتهم، بل هم واثقون من أنفسهم كفايةً ليطالبوا شركاءهم بتحقيقها.
لماذا يُعَد التواصل الجنسي مهمًّا جدًّا؟
أظهرت الدراسات أن التواصل الجنسي يرتبط إيجابيًّا بالرضا الجنسي. يقول الباحثون أن التواصل الجنسي وخاصةً القدرة على طلب الأشياء التي يرغب بها الشخص، هي الحلقة الواصلة بين الثقة بالنفس والرضا الجنسي. وتظهر دراسات أخرى العلاقة بين التواصل الجنسي وزيادة عدد مرات الاتصال الجنسي وعدد مرات الوصول للنشوة، وهذا ينطبق على الرجال والنساء.
لماذا المتزوجون ليسوا جيدين في التواصل الجنسي؟
من الشائع الظن أن مهارات التواصل تحتاج إلى الوقت والجهد، إذ نتعرف على احتياجات الطرف الآخر مع الوقت ونصبح أفضل في التعبير عن أنفسنا، ومن ثم فالزواج هو البيئة المثالية لتحقيق ذلك. لكن النتائج توضح خلاف ذلك، والسبب الحقيقي لذلك غير معروف ومن المُتوقع أن يكون موضوعًا لدراسات مستقبلية.
الاحتمال الأول أن مدة الزواج الطويلة تُضعف الرغبة والشغف في طلب ما نريد في العلاقة. ما يؤدي إلى ضعف مهارات التواصل الجنسي عند المتزوجين.
الاحتمال الثاني هو وجود علاقة عكسية بين ميل الشخص للزواج وبين امتلاكه مهارات التواصل الجنسي، إذ إن من لا يتمتعون بهذه المهارات يتزوجون أكثر من سواهم، ويبحث هؤلاء عن الحماية والأمان من طريق الزواج. أي أن من يتمتعون بمستوى منخفض من مهارات التواصل الجنسي يتزوجون مبكرًا ويستمرون بالزواج فترةً أطول، ما يؤثر على نتائج الدراسات.
إذن يبدو أن التيقظ والنشاط أمران مهمان لتطوير مهارات التواصل الجنسي. يتصف العازبون وغير المتزوجين بهذا الأمر طبيعيًّا، ويبدو أن على المتزوجين التعلم منهم!
اقرأ أيضًا:
لماذا يعد اختلاف الرغبة الجنسية مشكلة كبيرة بين الزوجين؟
ترجمة: زياد الشاعر
تدقيق: محمد شراباتي
مراجعة: أكرم محيي الدين
