وجدت دراسة جديدة تتعقب انتقال عدوى كوفيد-19 في ثماني مدارس ابتدائية في منطقة أتلانتا بولاية جورجيا الأمريكية أن المعلمين ينقلون العدوى إلى المدرسة على الأقل بقدر ما يصابون بها من طلابهم.
تتبعت الدراسة، التي عمل عليها كلٌّ من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وإدارة الصحة العامة في ولاية جورجيا، الحالات الإيجابية المرتبطة بالمدارس الابتدائية الثمانية في مدينة ماريتا؛ إذ استؤنف التعليم بحضور الطلاب في المدارس في شهر نوفمبر.
اتبعت المدارس بعض بروتوكولات السلامة الموصى بها من قبل مركز السيطرة على الأمراض، كفرض ارتداء الكمامات على الجميع والحد من أعداد الزوار مثلًا، ولكن كان من الصعب على المدارس الالتزام ببعض البروتوكولات الأخرى، كالحفاظ على مسافة الأمان. وُضعت فواصل بلاستيكية شفافة بين المقاعد الدراسية، ولكن المسافة بين كل من تلك الفواصل كانت أقل من ثلاثة أقدام؛ وذلك لأنّ المدرسة لم تكن بالمساحة الكافية لتوزيع الطلاب على مسافاتٍ أكبر، وعمل المعلمون أحيانًا مع الطلاب عن قربٍ في مجموعاتٍ صغيرة.
أجرى الباحثون أبحاثهم على مدار سبعة أسابيع تقريبًا بين شهر ديسمبر 2020 ونهاية شهر يناير2021. ولكن لم يكن هناك سوى 24 يومًا فعليًا لدوام الطلاب الشخصي في المدرسة بسبب عطلة الشتاء في هذه الفترة.
كان معدل انتشار العدوى في المجتمع مرتفعًا؛ إذ شهدت المقاطعة المحيطة قفزة في أعداد إصاباتها بنسبة 300% خلال هذه الفترة، ولذلك توفر هذه الدراسة نظرة واقعية حول كيفية انتقال عدوى كوفيد-19 عبر المدارس عندما تكون معدلات الإصابة مرتفعة خارج جدران المدرسة.
من بين 2600 طالب و700 موظف، حدد الباحثون تسع مجموعاتٍ من الإصابات التي شملت 45 حالة إيجابية: 13 معلمًا و32 طالبًا. كان المعلمون هم الحالة الأولى في أربعة من أصل المجموعات التسعة، أي إنهم كانوا أول من يصاب بالفيروس وينقله إلى فصولهم الدراسية. وكان الطلاب الحالة الأولى في مجموعةٍ واحدة، وفي المجموعات الأربعة الأخرى أصيب المعلمون والطلاب بالعدوى في نفس الوقت تقريبًا؛ لذلك لم يتمكن الباحثون من التأكد من الذي أُصيب بالعدوى أولًا.
عرضَ الباحثون إجراء اختباراتٍ مجانية لجميع من خالط الأشخاص الذين أُكدت إصابتهم بالعدوى، لكن 60% منهم فقط قَبِل ذلك العرض؛ لذا يُحتمل أن تكون الحالات أقل من الواقع. ورغم ذلك بقيت أرقام الإصابات منخفضةً بصورة مطمئنة بعض الشيء، ولم يُحجَر على المصابين في منازلهم. من بين 69 فردًا مِمن مكثوا معًا في المنازل نفسها مثل الحالات المتعلقة بالمدارس، كانت نتيجة 18 فردًا منهم إيجابية (أي بنسبة 26%).
يقول الباحثون إن نتائج هذه الدراسة المدرسية تقدم بعض الدروس، وأهمها أنّ دور المعلمين في انتشار العدوى بفيروس كورونا يبدو دورًا رئيسيًّا.
في إحدى الحالات، نقل معلمٌ العدوى إلى معلمٍ آخر خلال لقاءاتهم الشخصية، ثم نقل المعلم الثاني العدوى إلى الطلاب في المدرسة. وجدت عدة دراساتٍ من المدارس في ألمانيا والمملكة المتحدة أن المعلمين كانوا أكثر الناقلين للعدوى شيوعًا، ويقول الباحثون إنه يجب على المعلمين وغيرهم من موظفي المدرسة اتخاذ تدابير الوقاية من كوفيد-19 حتى عندما يكونون خارج المدرسة، ويقولون أيضًا إنه يجب تقليل تفاعلات البالغين مع بعضهم في المدرسة، ويجب أن تُقدّم اللقاحات للمعلمين وغيرهم من العمال الأساسيين في المدارس حالما تتوفر جرعاتٌ كافية، وينبغي أن يساعد هذا في وقف انتشار العدوى.
وقالت مديرة مركز السيطرة على الأمراض روشيل وولينسكي -الحاصلة على دكتوراه في الطب- في مؤتمر صحفي لفريق الاستجابة لجائحة كوفيد-19 في البيت الأبيض: «تسلط النتائج الضوء على أهمية زيادة جهود التطعيم في جميع أنحاء البلاد، إضافةً إلى الحاجة المستمرة إلى إعطاء الأولوية للمعلمين وغيرهم من موظفي المدارس».
وتؤكد الدراسة أيضًا أنّ الاستمرارية مهمة؛ إذ إن الأطفال والبالغين يرتدون الكمامات في أثناء الدراسة، لكنهم لا يفعلون ذلك دائمًا بصورة صحيحة، وهو أمرٌ ربما ساهم في انتشار العدوى بفيروس كورونا في بعض المجموعات.
اقرأ أيضًا:
هل للمناخ دور في ظهور فيروس كورونا المستجد؟
هل للمناخ دور في ظهور فيروس كورونا المستجد؟
ترجمة: محمد أحمد بصل
تدقيق: حنين سلام
مراجعة: رزان حميدة