رغم ما يشاع في عناوين الأخبار والتكهنات غير الواضحة في وسائل التواصل الاجتماعي، فإن جدري القرود لم يتحول إلى مرض ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي (STD) وليس محصورًا على المثليين. سألنا أحد الخبراء: لماذا لا يجب عد هذا المرض النادر من الأمراض المنقولة جنسيًا؟ ولماذا من الضروري توضيح هذه الفكرة؟
لاحظت السلطات الصحية أن إصابات جدري القرود في أوروبا وأمريكا الشمالية شُوهدت خاصةً عند الرجال الذين يمارسون الجنس مع رجال آخرين. كُشف عن العديد من الحالات عندما طلب هؤلاء الرجال المساعدة الطبية للآفات في أعضائهم التناسلية في عيادات الصحة الجنسية.
أعطى الدكتور ديفيد هيمان الرئيس السابق لقسم الطوارئ في منظمة الصحة العالمية WHO مزيدًا من الاهتمام إلى هذه التكهنات، إذ شرح لوكالة أسوشيتيد برس نظرية انتشار المرض، وهي أن مرتادي الحفلات يمارسون الجنس كثيرًا في إسبانيا وبلجيكا ودول أخرى من أوروبا.
ينجم المرض المنتشر عند الرجال المثليين عن فيروس من عائلة فيروس الجدري نفسها. تشبه أعراض جدري القرود أعراض الجدري، إذ يعاني المرضى الحمى وآلام العضلات وتضخم العقد اللمفاوية والإرهاق والطفح الجلدي، ولاحقًا تظهر أعراض أوضح، مثل: طفح جلدي غير طبيعي وآفات جلدية وقشور على الجلد.
يوجد الفيروس في أجزاء من وسط أفريقيا وغربها طبيعيًا في القوارض وليس في القرود.
تنتقل عدوى جدري القرود من إنسان إلى آخر عن طريق الاتصال المباشر بأدوات المصاب، ومفرزات الجهاز التنفسي عند التواصل وجهًا لوجه لفترة طويلة، وتنتقل أيضًا عن طريق مشاركة الملابس أو غطاء السرير مع شخص مصاب.
يشتبه العديد أن الفيروس ينتشر بين الأشخاص الذين يمارسون الجنس؛ لأنه بطبيعته يتضمن الاتصال الجسدي المباشر. بمعنى آخر، عند ممارسة الجنس مع شخص مصاب بنزلة برد قد تلتقط العدوى، لكن هذا لا يجعلها من الأمراض المنقولة جنسيًا.
تحدث الدكتور دومينيك سباركس مختص في أمراض المعدة والأحياء الدقيقة في مستشفى أدينبروك في كامبريدج لموقع IFLScience: «ينتشر جدري القرود عبر الاتصال الجنسي كما حدث في العديد من الحالات الحالية، وليس ضروريًا أن يكون الاتصال جنسيًا فهو ينتقل عبر أي اتصال مع المصاب. لذلك من المضلل تصنيفه على أنه مرض ينتقل جنسيًا».
أضاف الدكتور سباركس: «يوجد سببان لخطورة تصنيفه من الأمراض المنقولة جنسيًا. أولًا، قد يظن الأشخاص الذين لا يمارسون الجنس أنهم غير معرضين للإصابة بجدري القرود. ثانيًا، خجل الأشخاص من إصابتهم بمرض ينتقل جنسيًا؛ ما يجعلهم يخافون من مراجعة الطبيب في حال ظهور الأعراض».
قال الدكتور جون بروكس المسؤول الطبي الرئيسي عن قسم الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز): «قرر مركز السيطرة على الأمراض عقد مؤتمر صحفي حول تفشي المرض لأن شهر مجتمع الميم يبدأ عادةً في 30 مايو، ويريد المسؤولون التأكد أن المجتمع على علم بالوضع الحالي، وحث الأطباء على ضرورة توخي الحذر من المرض، لاشتباهه مع الأنواع الأخرى من الأمراض المنقولة جنسيًا».
أضاف بروكس: «خلال المراحل المبكرة من المرض كان الطفح الجلدي غالبًا في منطقة الأعضاء التناسلية وحول الشرج. وفي بعض الحالات نتج عنه آفات تشبه أمراض أخرى، مثل: الهربس أو جدري الماء أو الزهري».
حذر برنامج الأمم المتحدة المعني بفيروس نقص المناعة البشرية (UNAIDS) من بعض التقارير عن انتشار جدري القرود بين المثليين التي عززت القوالب النمطية العنصرية تجاه المثليين وزادت وصمة العار تجاههم، مشددًا على أن الخطر لا يقتصر على الرجال المثليين.
إذا ألقينا نظرةً على جائحة فيروس نقص المناعة المكتسب في أوائل الثمانينات، فمن السهل رؤية كيف أدت وصمة العار والصور النمطية تجاه المصابين إلى تفاقم الوضع السيئ.
قال ماثيو كافانا نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة المعني بفيروس نقص المناعة البشرية في بيان: «تضعف الوصمة واللوم الثقة والقدرة على الاستجابة بفعالية في أثناء تفشي مثل هذه التكهنات».
أضاف كافانا: «تبين التجربة أن وصمة العار تقلل الاستجابة القائمة على الأدلة؛ أي الخوف من مراجعة الطبيب بسرعة حال ظهور الأعراض ما يؤدي إلى إبعاد الناس عن الخدمات الصحية وإعاقة الجهود المبذولة لتحديد الحالات، وتشجيع التدابير الوقائية غير الفعالة. نقدر جهود مجتمع الميم وقيادته الطريق في زيادة الوعي، ونكرر أن هذا المرض يمكنه التأثير في أي شخص».
اقرأ أيضًا:
كل ما تود معرفته عن جدري القرود الذي عاود ظهوره
جدري القردة ينتشر، إليك ما يجب أن تعرفه عن هذا المرض
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: عبد المنعم حسين
مراجعة: أحلام مرشد