تعتبر إصابة النخاع الشوكي الرقبي إصابةً مغيرةً للحياة، يمكن أن تصيب أيّ أحدٍ عند تعرضه لحادث في لحظة من سوء الحظ، ولكن تساعد الإجراءات الجراحية المبتكرة على إصلاح الأذى المخرب للحبل الشوكي الذي قد تسببه هذه الإصابات، مانحةً الذين يعانون من شللٍ كاملٍ القدرة على الكتابة والرسم وتحريك أيديهم بحرّية من جديد. أجرى ثلاثة عشر بالغًا يعانون من فقدان القدرة على الحركة في الأطراف الأربعة (أو ما يدعى الشلل الرباعي) جراحةً نقل العصب ، والتي من خلالها وصل الأطباء أعصابًا وظيفيةً إلى الأعصاب المتأذية لاستعادة قوة العضلات التي تَعصُبها.
كما ذكر في تقرير في مجلة The Lancet في هذا الأسبوع: «يُؤخذ العصب المعطي الذي ما يزال متصلًا إلى الحبل الشوكي، ويُنقل إلى المنطقة المصابة.
يؤخذ عادةً عصب العضلة المدوّرة الصغرى الذي يصل بين أعلى الذراع والكتف ليُعاد ربطه جراحيًّا إلى العضلة المشلولة. وبالمعالجة النفسية الداعمة، تكون النتيجة النهائية هي حركة اليد والمرفق بشكل حر من جديد».
أظهرت مجموعة سابقة من دراسات حالات case studies أصغر حجمًا أنّ جراحة نقل العصب يمكن أن تكون علاجًا آمنًا ومناسبًا للمصابين بالشلل، ولكن هذه هي المرّة الأولى التي يتباهى فيها العلماء بنجاح عمليات نقل عدة أعصاب. ومع أن دراستهم ما تزال على قدر من الصغر، إلّا أنها تمنح الأمل للناس الذين يعانون من الشلل الرباعي والأشكال الأخرى من الشلل.
تقول الطبيبة Natasha van Zyl التي أدارت البحث: «إن الهدف الأهمّ من علاج المصابين بالشلل الرباعي هو تحسين وظيفة اليد، ونؤمن أنّ جراحة نقل العصب تمنحنا خيارًا علاجيًا جديدًا، وتمنح الأفراد المشلولين إمكانيّة استعادة وظيفة الذراع واليد لتأدية المهام اليومية، وتعطيهم استقلاليةً أكبر، وقدرةً على المساهمة في الحياة العائلية والعمل بشكلٍ أكثر سهولة».
جمع الباحثون 16 شابًا بالغًا تعرّضوا مؤخّرًا لأذيّةٍ رضّيةٍ على العمود الفقري الرقبي في الأشهر الثمانية عشر الأخيرة، كانت أغلب الإصابات بسبب حوادث السيارات، أو الأذيات الرياضية.
بالمجمل، أُجريت 59 عملية نقل عصب في المشاركين الستة عشر، إضافةً إلى إجراء عمليّة نقل وتر في 10 منهم لتسهيل سير العملية. إلا أن 4 من عمليات نقل أعصاب عند ثلاثة مشاركين قد فشلت، ما يظهر أنه ما يزال هناك نواحٍ غير مكتشفةٍ نسبيًّا في مجال الجراحة الطبية الحيوية.
رغم هذا، بعد 24 شهرًا تم تخريج 13 مريضًا لديهم قدرة وظيفيّة جيدة على تحريك اليد والمرفق، ما سمح لهم بالقيام بالمهام اليومية دون مساعدة.
تقول الدكتورة van Zyl: «وجدنا أنّه يمكن بنجاح القيام بعملية نقل العصب بالاشتراك مع تطبيق التقنيات التقليدية لنقل الأوتار للحصول على أفضل النتائج، فعندما استعاد المشاركون القدرة على عمليتي القبض والقرص grasp and pinch باستخدام نقل العصب في إحدى اليدين ونقل الوتر في اليد الأخرى، أقرّ المشاركون دون تردّد أنهم فضّلوا كلتا اليدين لأسباب مختلفة، ولن يختاروا أن يعاد ترميم اليدين بالطريقة ذاتها».
اقرأ أيضًا:
شلل بيل أو شلل العصب الوجهي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
إصابة ستة أطفال بحالة شلل غامضة، فما هو التهاب النخاع شوكي الرخو الحاد؟
علاج جديد لا يصدق يساعد مرضى الشلل على المشي لمرةٍ أخرى
غرسة دماغية تسمح ب التواصل ل امراة مصابة ب الشلل الكامل ، فهل ستحدث تقدما في المجال ؟
رجل مصاب الشلل الرباعي يحرك يده مستخدما أفكاره فقط
ترجمة: محمد ياسر جوهرة
تدقيق: عبد الرحمن عبد