متلازمة زيلويغر هي اضطراب أيضي وراثي نادر يصيب البيروكسيسومات -عضيات موجودة في كل خلايا الجسم تقريبًا- المسؤولة عن كثير من التفاعلات المهمة المتعلقة بأيض الطاقة، ما يعني أن هذه المتلازمة تستطيع أن تؤثر في الجسم بشدة، وقد يعاني حديثو الولادة المصابون مشكلات في الدماغ والكبد والكلية، إضافةً إلى صعوبة في الرضاعة أو الحركة بعد الولادة بقليل.
لا يوجد أي علاج أو دواء لهذه المتلازمة. قد تخفف العناية الطبية من حدة الأعراض، ولكن في معظم الأحيان يموت الرضع المصابون قبل إتمام السنة الأولى من حياتهم.
ما متلازمة زيلويغر؟
متلازمة زيلويغر هي اضطراب وراثي يصيب الأطفال حديثي الولادة، وهي الأشد بين الاضطرابات الأربعة في «طيف زيلويغر»، وتسبب مشكلات خطيرة في الأعصاب والأيض بعد الولادة بوقت قصير، وقد تؤثر في الدماغ والكبد والكليتين، إضافةً إلى أنها تتداخل مع وظائف مهمة أخرى في مختلف أنحاء الجسم، لذا فإنها تُعرف أيضًا بـ«المتلازمة المخية الكبدية الكلوية» (Cerebrohepatorenal Syndrome)، وهي في أغلب الأحيان مميتة.
ما اضطرابات طيف زيلويغر؟
يشمل طيف زيلويغر اضطرابات تصيب البيروكسيسومات وتُعرف أيضًا بـ«اضطرابات التخليق الحيوي البيروكسيسومي» (Peroxisomal Biogenesis Disorders)، ورغم أنها صُنّفَت جميعها في الأصل كاضطرابات منفردة، فقد أُعيد تصنيفها حديثًا كمتغيرات مختلفة من مرض واحد، وهي:
- متلازمة زيلويغر.
- متلازمة هايملر، التي تسبب فقدان السمع ومشكلات في الأسنان في المراحل الأخيرة من سن الرضاعة والمراحل الأولى من الطفولة.
- داء ريفسوم الرضيعي، الذي يسبب مشكلات في حركة العضلات وتخلفًا في نمو الرضيع.
- حثل الكظر وبيضاء الدماغ الوليدي، الذي يسبب فقدان السمع والبصر ومشكلات في الدماغ والحبل الشوكي والعضلات عند حديثي الولادة.
تتشارك هذه الاضطرابات العديد من الأعراض، ولكن لا يعاني كل المصابين بالضرورة نفس الأعراض أو التأثيرات الجانبية وفقًا لحدة اضطرابهم المصنفة في طيف زيلويغر.
من يصاب بمتلازمة زيلويغر؟
تنتج متلازمة زيلويغر عن طفرات في جينات معينة، وهي اضطراب وراثي جسدي متنحٍ، أي أن الطفل يمكنه أن يرث الاضطراب فقط إذا كان كلا والديه حاملين للنسخة المتحولة من الجين؛ فإذا كان الوالدان حاملين للجين المعيب، توجد احتمالية بنسبة 50% أن يصبح أطفالهم حاملين للجين -الحامل هو الشخص الذي يرث الجينات المعيبة دون أن يصاب بالمرض- وفي الجهة الأخرى، توجد احتمالية بنسبة 25% أن يصاب الأطفال بالمرض.
مدى شيوع المتلازمة
متلازمة زيلويغر نادرة، وتصيب -إلى جانب اضطرابات طيف زيلويغر الأخرى- من 1 في كل 50,000 إلى 1 في كل 75,000 رضيع، وتصيب الذكور والإناث على حد سواء.
المسببات
تنتج متلازمة زيلويغر من طفرات في أي من جينات 12 PEX، ولكن معظم حالات المتلازمة كان سببها طفرة في الجين 1 PEX.
تتحكم هذه الجينات بالبيروكسيسومات، العضيات التي تكسر السموم والدهون وتؤدي دورًا هامًا في نمو كل من:
- العظام
- الدماغ
- العينين
- القلب
- الكليتين
- الكبد
- الأعصاب
الأعراض
تبدأ أعراض متلازمة زيلويغر في الظهور بعد الولادة بفترة قصيرة، وتصيب أجزاءً مختلفةً من الجسم، مثل:
- الرأس والوجه: ارتفاع الجبين، وتشوه شحمة الأذن، وتسطح الوجه، وتباعد العينين، واتساع قصبة الأنف، وقوس حاجب غير متطور، ويافوخ أمامي كبير، وثنيات جفنية أنفية.
- الدماغ والجهاز العصبي: نمو غير طبيعي للدماغ ما يسبب نوبات الصرع، واعتلال السمع والبصر، وتخلف عقلي شديد وتأخر في النمو، وضعف أو غياب ردود الفعل الانعكاسية.
- الكبد: تضخم الكبد مع اختلاله الوظيفي، ما يؤدي إلى اليرقان.
- الكليتين: تكيس الكلى واستسقاء الكلية.
- العضلات والعظام: ضعف شديد في العضلات، وتشوهات في عظام اليدين والساقين والقدمين، إضافةً إلى مشكلات في الحركة.
إضافةً إلى أعراض أخرى مثل:
- نزيف في المعدة والأمعاء.
- صعوبة في الرضاعة أو تناول الطعام.
التشخيص
في أغلب الأحيان يلاحظ مقدم الرعاية الصحية سمات الوجه المميزة للمصابين بمتلازمة زيلويغر مباشرةً بعد الولادة، وتؤكد الفحوصات التالية التشخيص:
- فحوصات الدم والبول: ارتفاع مستويات مواد معينة في الدم أو البول، كالأحماض الدهنية ذات السلسلة الطويلة جدًا VLCFA التي تُعد مؤشرًا على متلازمة زيلويغر.
- فحوصات التصوير: يُستخدَم جهاز التصوير بالموجات فوق الصوتية للكشف عن حجم الكبد والكلى وأعضاء أخرى، وقد يُجرى أيضًا مسح بالرنين المغناطيسي للدماغ في أثناء عملية التشخيص.
- الفحوصات الجينية: يمكن لفحص الدم أن يؤكد وجود جينات PEX المعيبة.
الكشف المبكر بالاستشارة الوراثية والتشخيص قبل الولادة
الكشف المبكر لمتلازمة زيلويغر أو أي من اضطرابات طيف زيلويغر ممكن عبر الفحوصات الجينية. بما أن متلازمة زيلويغر اضطراب وراثي متنح، فإن هذا يعني أن الأطفال يصابون بها فقط إذا كان كلا الوالدين حاملين للجين المعيب. في هذه الحالة، كل طفل مستقبلي لديه احتمالية بنسبة 25% للإصابة بالمتلازمة، ويمكن للوالدين إدراك مخاطر الإنجاب بالتحدث مع المستشارين الوراثيين.
أما تشخيص الأجنة للوالدين المصابين، فقد يجري الأطباء فحوصات الدم أو يستعينون بتقنيات التصوير للتأكد من إصابة الجنين بالمتلازمة في أثناء وجوده في الرحم.
المضاعفات
قد لا يكون في مقدور الأطفال المصابين بمتلازمة زيلويغر السمع أو الرؤية أو تناول الطعام، وبعض الذين يعانون عضلات غير مكتملة النمو قد لا يستطيعون الحركة، إضافةً إلى أن الرضع المصابين يعانون غالبًا مشكلات في التنفس، وفشل الكبد، أو نزيفًا في الجهاز الهضمي.
العلاج
على الرغم من التقدم الذي أحرزه البحث في فهم متلازمة زيلويغر، فلا علاج لها بعد، وفي معظم الأحيان يموت الأطفال المصابون بهذا الاضطراب خلال السنة الأولى من حياتهم.
تهتم العناية الطبية في الوقت الحالي بتخفيف الأعراض فقط -كاعتلال وظائف الكبد ونوبات الصرع- فقد يستفيد الطفل الذي يواجه صعوبة في تناول الطعام من أنبوب التغذية، ولكنه لن يتمكن من تناول الطعام بطريقة طبيعية مستقبلًا.
لم يُلحظ أي تأثير علاجي لتغيير كمية الأحماض الدهنية ذات السلسلة الطويلة جدًا (VLCFA) في الحمية الغذائية، ولكن قد يساعد العلاج البدني والوظيفي ومعالجة النطق على تخفيف مشكلات الأكل والراحة.
سبل الوقاية
لا يوجد أي سبيل للوقاية من متلازمة زيلويغر، يمكن للأشخاص بتاريخ عائلي بالمتلازمة الاستعانة بالاستشارة الوراثية لمساعدتهم على التفكير مليًا في مخاطر توريثهم المرض لأطفالهم أو أحفادهم.
ما المصير المتوقع للأطفال المصابين بمتلازمة زيلويغر؟
في أغلب الأحيان لا يعيش الأطفال المصابون بعد بلوغهم 12 شهرًا، ولكن يميل مصير المصابين بالاضطرابات الأخرى من طيف زيلويغر إلى أن يكون أفضل من ذلك، فعلى سبيل المثال، قد يعيش الأطفال المصابون بمتلازمة هايملر أو ريفسوم حتى سن الرشد.
اقرأ أيضًا:
استسقاء الكلية Hydronephrosis الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: رحاب القاضي
تدقيق: حسام التهامي