تُعد متلازمة الشخص المتيبس التي أجبرت المغنية الكندية النجمة سيلين ديون على تأجيل جولتها في أوروبا حالة عصبية مزمنة نادرة جدًا تسبب صلابة تدريجية في العضلات بالإضافة إلى تشنج عضلي مؤلم. تشير التقديرات إلى أن شخصًا واحدًا تقريبًا من أصل مليون شخص مصاب بهذه الحالة وفقًا إلى المنظمة الوطنية الأمريكية للاضطرابات النادرة (NORD).
تختلف خطورة الأعراض من شخص إلى آخر، وتتطور على مدى أشهر أو سنوات بين عمر 30-60 عادةً، وقد تبقى مستقرة في بعض الحالات أو تسوء تدريجيًا في حالات أخرى. يُعاني عادة الأشخاص المصابين بهذه المتلازمة صلابة عضلية في الجذع والبطن (الجزء الأوسط من الجسم). ويصابون مع مرور الزمن بصلابة وتشنجات في الساقين وفي عضلات أخرى. قد يصبح المشي صعبًا ويصبح الأشخاص عرضة للسقوط والإصابة.
تقول (NORD) إن التشنجات العضلية المؤلمة غالبًا ما تستمر دقائق أو حتى ساعات، وقد تحدث عشوائيًا أو تحفّزها أحداث مثل الضجة العالية أو التماس الجسدي الخفيف أو التوتر أو المواقف التي تتطلب استجابة عاطفية زائدة.
قد تسبب المتلازمة مشكلات في المشي إن تُركَت دون علاج ما قد يقود إلى استخدام الكرسي المتحرك، وقد تؤثر تأثيرًا كبيرًا في قدرة الشخص على تنفيذ المهام اليومية.
اكتُشفت الحالة أول مرة عام 1956 وسُمّيَت بمتلازمة الرجل المتيبس، لكن الاسم تغير منذ أن شكّلت النساء معظم الحالات في الواقع. وتشير الأبحاث إلى أن هذه المتلازمة تُشخَّص خطأً بأنها طيف من الحالات غير العصبية. وسيقلل تحسّن دقة التشخيص من الخضوع للعلاجات غير الضرورية وكلفة العناية بالصحة.
قالت ديون في منشور على انستغرام حين أجّلت حفلاتها المخططة في أوروبا أو ألغتها: «في الوقت الذي ما زلنا فيه نتعلم حول الحالة النادرة، نعلم الآن أنها سبب كل التشنج الذي كنت أعانيه … لسوء الحظ، تؤثر التشنجات في كل ناحية من حياتي اليومية، وأحيانًا تسبب صعوبات عند المشي ولا تسمح لي باستخدام حبالي الصوتية للغناء بالطريقة التي اعتدّت عليها».
وأضافت: «لدي فريق عظيم من الأطباء الذين يعملون إلى جانبي لمساعدتي على التحسن … أعمل جاهدة مع مختصي العلاج بالطب الرياضي كل يوم لاستعادة قوتي وقدرتي على الأداء ثانية».
أنواع متلازمة الشخص المتيبس
تختلف تصنيفات هذه المتلازمة وأنواعها، وتتضمن:
- متلازمة الشخص المتيبس التقليدية: تعد الشكل الأكثر شيوعًا وتتعلق بأضداد غلوتاميك أسيد دي كربوكسيلاز (GAD) مع إن الدراسات أبلغت عن وجود ارتباط بأضداد أخرى.
- متغيرات متلازمة الشخص المتيبس: يوجد كثير من المتغيرات لهذه المتلازمة التي قد تشمل أجزاء معينة من الجسم أو تنطوي على عدم تناسق (رنح) أكثر وضوحًا.
- التهاب الدماغ والنخاع المتقدم مع صلابة ورمع عضلي(PERM): يُعد هذا المتغير في متلازمة الشخص المتيبس أكثر خطورة ويسبب انخفاضًا في الوعي ومشكلات في حركة العين ورنحًا واعتلالًا لاإراديًا، ويتطلب عادة تدبيرًا في المشفى بسبب الاعتلال اللإرادي.
من هم الأشخاص الذين تؤثر فيهم متلازمة الشخص المتيبس؟
تُعد النساء أكثر عرضة بمرتين للإصابة بمتلازمة الشخص المتيبس من الرجال، ومن الممكن أن تصيب متلازمة الشخص المتيبس أي عمر، لكن الأعراض تبدأ غالبًا في العقد الثالث أو الرابع. ترتبط هذه المتلازمة أيضًا بوجود حالات مناعية ذاتية أخرى، مثل: داء السكري من النمط الأول والداء الدرقي المناعي الذاتي والبهاق وفقر الدم الخبيث والداء الزلاقي.
ما أعراض متلازمة الشخص المتيبس؟
تُعد صلابة العضلات أو تيبسها والتشنجات العضلية المؤلمة الأعراض الأساسية لمتلازمة الشخص المتيبس. قد تنتشر الأعراض على مناطق أخرى من الجسم أو تسوء مع مرور الوقت. من الممكن أن يستغرق ظهور الأعراض من عدة أشهر إلى بضع سنوات. يعاني آخرون أعراضًا تتفاقم ببطء مثل الشلل التشنجي الأشد الذي قد يحدّ من القدرة على أداء نشاطات الحياة اليومية.
- صلابة العضلات: تكون عضلات الجذع (البطن والصدر والبطن) أول العضلات التي تتيبس في معظم حالات الإصابة بمتلازمة الشخص المتيبس. يسبب التصلب الألم وعدم الراحة. قد تتقلب هذه الأعراض في شدتها بدون سبب أو محفّز واضح، وقد تؤثر أيضًا في الذراعين والساقين. يعاني بعض الأشخاص وضعية جسد شاذّة تصعّب المشي أو الحركة كلما زاد التيبس.
- التشنجات المؤلمة: قد تصيب الجسم بأكمله أو منطقة معينة فقط، قد تدوم هذه الأعراض بضع ثوانٍ أو دقائق أو بضع ساعات في بعض الأحيان. قد تتحفز التشنجات بواسطة: الضجة الفجائية أو المرتفعة، أو التماس الجسدي أو التنبيه، أو التغيرات في درجة الحرارة كالبيئة الباردة، أو الأحداث المُجهِدة.
بسبب محفزات التشنجات العضلية غير المتوقعة، قد يعاني بعض الأشخاص المصابين بمتلازمة الشخص المتيبس القلق أو رهاب الميادين (الخوف المفرط من دخول الأماكن المفتوحة أو المزدحمة أو مغادرة المنزل)، ويعود ذلك إلى صعوبة تجنب محفزات التشنج العضلي علنًا.
ما الذي يسبب متلازمة الشخص المتيبس؟
ما يزال السبب الدقيق مجهولًا مع إنه يسود اعتقاد بأن هذه المتلازمة مرض مناعي ذاتي يحصل أحيانًا إلى جانب حالات مناعية ذاتية أخرى. يملك معظم الأشخاص المصابين بالمتلازمة أضداد تجاه غلوتاميك أسيد دي كربوكسيلاز (GAD)، إذ يؤدي هذا الإنزيم دورًا في صنع الناقل العصبي (GABA) الذي يضبط حركة العضلات.
لم يفهم الباحثون بعد الدور الدقيق الذي يؤديه GAD في تطور المتلازمة وازدياد سوئها، من المهم ملاحظة أن وجود أضداد GAD لا يعني أن هذا الشخص مصاب بمتلازمة الشخص المتيبس، فهي موجودة لدى نسبة صغيرة من الناس دون أن يكون لديهم أي آثار ضارة.
يوجد أضداد أخرى مرتبطة بهذه المتلازمة ومنها الأضداد المضادة لمستقبل الغليسين وأمفيفيزين والبروتين المشابه لدي ببتيديل ببتيداز 6. يوجد بعض المصابين بالمتلازمة الذين ليس لديهم أيًا من الأضداد المعروفة القابلة للكشف، وما تزال الأبحاث جارية لتحديد إمكانية وجود أضداد أخرى محتملة غير مكتشفة بعد.
كيفية تشخيص متلازمة الشخص المتيبس
قد يصعب تشخيص هذه المتلازمة لأنها نادرة وأعراضها مشابهة لأعراض أخرى، كالتهاب الفقار المقسط أو التصلب المتعدد أو حالات مناعية ذاتية أخرى. قد يستخدم مقدم الرعاية الصحية عدة اختبارات للحكم على هذه الحالات والبحث عن علامات مميزة لهذه المتلازمة.
يسأل الطبيب عن الأعراض ويجري اختبارًا جسديًا واختبارًا عصبيًا، ولدى الشك بمتلازمة الشخص المتيبس تُطلب اختبارات تؤكّد الإصابة وقد تتضمن:
- اختبار الأضداد في الدم: من الممكن أن يتحرى اختبار الدم وجود أضداد تجاه GAD أو الأضداد الأخرى ذات الصلة في الدم وعلامات أخرى قد تستبعد أو تشير إلى أمراض أخرى.
- تخطيط كهربية العضل: يقيس هذا الاختبار النشاط الكهربائي في العضلات وقد يساعد في استبعاد الأسباب الأخرى للأعراض.
- البزل القطني: يُسحب سائل من القناة الشوكية لتحري وجود أضداد تجاه GAD وللبحث عن علامات أخرى قد تستبعد أو تشير إلى حالات أخرى.
ما هو علاج متلازمة الشخص المتيبس؟
يعتمد علاج المتلازمة على الأعراض، إذ يهدف العلاج إلى تدبير الأعراض وتحسين قابلية الحركة والراحة. ويتضمن ذلك استراتيجيتين أساسيتين:العلاج العَرَضي، والعلاج المناعي أو الأدوية المعدلة للمرض.
قد يتضمن فريق الرعاية الصحية عدة اختصاصات مثل طبيب الأعصاب، خاصة طبيب الأمراض العصبية المناعية ومختص العلاج المهني والفيزيائي ومختص الطب الفيزيائي وإعادة التأهيل ومختص نطق ومختص الصحة العقلية كالطبيب النفسي.
- العلاج العرضي:
تتضمن العلاجات التي قد تساعد في تخفيف التيبس والصلابة والتشنجات العضلية المؤلمة ما يلي:
- البنزوديازيبينات: هي صنف من الأدوية التي تعالج مجموعة متنوعة من الحالات مثل القلق والاختلاجات والأرق. تؤثر في إشارات التناقل العصبي GABA. غالبًا ما يوصف الديازيبام ليكون الخط العلاجي الأول للمتلازمة.
- المرخيات العضلية: قد يساعد باكلوفين على علاج التشنجات العضلية، إذ يعمل على ترخية العضلات ما يقلل تيبس العضلات.
- علاج الألم والاعتلال العصبي: تؤثر أيضًا الأدوية مثل غابابنتين وبريغابالين في إشارات GABA وتستطيع أن تساعد على تخفيف الأعراض.
وتتضمن العلاجات التي قد تساعد في تدبير الأعراض أيضًا العلاج الفيزيائي والتمطط والتمسيد والعلاج بالماء والعلاج بالحرارة والعلاج بالوخز بالإبر.
- العلاج المناعي: يوجد دليل يقترح أن العلاج بالغلوبولين المناعي داخل الأوردة قد يحسن الأعراض بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين بالمتلازمة، وهو يحتوي غلوبولينات مناعية (أي أضداد طبيعية ينتجها الجهاز المناعي عادةً) تبرع بها آلاف الأشخاص الذين يتمتعون بجهاز مناعي صحي.
هل يمكن شفاء متلازمة الشخص المتيبس؟
لا يوجد شفاء حاليًا لهذه المتلازمة، ويتضمن العلاج تدبيرًا للأعراض.
هل نستطيع منع الإصابة بمتلازمة الشخص المتيبس؟
لا يمكن فعل أي شيء لمنع تطور متلازمة الشخص المتيبس لأنها حالة مرتبطة بالمناعة الذاتية. قد يصبح المشي أصعب وقد تنخفض القدرة على الأداء اليومي والمهام الروتينية مع مرور الزمن.
ما هو إنذار متلازمة الشخص المتيبس؟
تُعد هذه المتلازمة مزمنة ويختلف إنذارها من شخص لآخر بحسب بضع عوامل، ومنها خطورة الأعراض ومدى سرعة تقدم الحالات ومدى مساعدة العلاج على التحسن.
يُعد البدء بالعلاج بعد ظهور الأعراض فورًا ضروريًا لمنع تقدم المتلازمة أو تقليله وتجنب الاختلاطات طويلة الأمد. يتحسن معظم المصابين بالمتلازمة باستخدام الدواء، لكن ما يزال من الصعب تدبير المحفزات التي تسبب التشنجات العضلية. وكلما ساءت المتلازمة يزداد القلق بخصوص ارتفاع خطر السقوط. قد يحتاج بعض الأشخاص إلى استخدام عصا أو مشايات أو كراسي متحركة أو مساعد.
حاول إيجاد مقدم رعاية صحية مختصّ في البحث ومعالجة المتلازمة في حال كان ذلك ممكنًا، لكنه أمر صعب بسبب ندرة المتلازمة.
اللجوء إلى الرعاية الصحية
يُفَضّل إيجاد مختص في بحث متلازمة الشخص المتيبس وعلاجها إن أمكن، لكن ذلك أمر صعب بسبب ندرتها. وعند الإصابة بالمتلازمة يجب الالتزام مع فريق الرعاية الصحية بانتظام، للتحقق من نجاح العلاج وضبط تقدم الأعراض، والإبلاغ عن ملاحظة أعراض جديدة أو آثار جانبية للأدوية.
وتتضمن الأسئلة التي يجب توجيهها إلى الطبيب ما يلي:
- ما الأدوية التي يُنصح بها اعتمادًا على الأعراض؟
- ما الذي يمكن فعله في المنزل للسيطرة على الأعراض؟
- ما علامات الاختلاطات التي يجب الحذر منها؟
- ما هي التوقعات للحالة الصحية في المستقبل؟
- هل يوجد أي تجارب سريرية لمتلازمة الشخص المتيبس؟
اقرأ أيضًا:
متلازمة ويست: حين يصاب الطفل بنوبة تشنجات جسمية
ترجمة: ليليان عازار
تدقيق: أمنيه يسري محمد
مراجعة: محمد حسان عجك