تعرف متلازمة الإغراق بأنها حالة طبيّة تفرغ فيها المعدة محتوياتها في الأمعاء الدقيقة بسرعة أكبر من الطبيعي، وتسمى أيضًا بإفراغ المعدة السريع. وعندما تفرغ المعدة محتوياتها بسرعة، تتلقى الأمعاء الدقيقة كميات كبيرة من الطعام سيئ الهضم، ما يسبب أعراض الغثيان والتطبل وتشنجات البطن والإسهال، ويسبب تغيرات مفاجئة في نسب السكر في الدم أيضًا.
ماذا يحدث في متلازمة الإغراق؟
عادةً ما تطلق المعدة محتويات الجهاز الهضمي إلى الأمعاء الدقيقة تدريجيًا، وتوجد عوامل كثيرة تشارك في حركة المعدة كتنسيق عمل العضلات والأعصاب والإشارات الهرمونية معًا لمعرفة متى يجب إفراغ المعدة وكيف.
إفراغ المعدة غير المضبوط يعني أن المعصرة الموجودة في الجزء السفلي من المعدة (البواب) تفتح ببساطة ويخرج كل شيء قبل إنهاء المعدة لعملية الهضم. عندما تتلقى الأمعاء الدقيقة هذه الكتلة من الطعام غير المهضوم، فإنها تجري تعديلات لمحاولة استيعابها، ما يسحب حجمًا إضافيًا من السوائل ويطلق هرمونات إضافية. تسبب هذه التعديلات حدوث الأعراض التي يعاني منها الأشخاص بعد وقت قصير من تناول الطعام.
يعاني بعض الأشخاص من مجموعة أخرى من الأعراض بعد بضع ساعات، ويحدث هذا بسبب تغيرات نسبة السكر في الدم.
إذا تلقت الأمعاء الدقيقة نسبًا مركزة من محتوى السكر، تنطلق تنبيهات في الجهاز الهضمي، ترسل الأمعاء الدقيقة إشارة إلى البنكرياس لإفراز كمية إضافية من الأنسولين لتنظيم نسبة السكر في الدم. قد يؤدي ذلك إلى انخفاض حاد في نسبة السكر في الدم (نقص السكر في الدم التفاعلي)، ما يسبب بدوره الإغماء والرعشة وخفقان القلب.
من يصاب بمتلازمة الإغراق؟
غالبًا ما تحدث متلازمة الإغراق بوصفها مضاعفات لعملية جراحية على المعدة أو على المريء في مكان اتصاله بالمعدة (بنسبة 20% إلى 50%)، وهو أكثر شيوعًا عند الأشخاص الذين خضعوا لعمليات جراحية لإزالة أجزاء كبيرة من المعدة مثل استئصال المعدة أو جراحة تحويل مسار المعدة. وفي بعض الأحيان يحدث مع بعض أمراض الجهاز الهضمي.
هل تعد متلازمة الإغراق خطيرة؟
في الظروف العادية لا تُعد متلازمة الإغراق خطرة أو مهددة للحياة. تسبب الحالة الشديدة فقدانًا سريعًا للوزن ونقصًا غذائيًا، وقد يسبب الإسهال المستمر غير المعالج حدوث الجفاف، ولكن إدارة هذه المضاعفات أو الوقاية منها ممكن بالرعاية الذاتية. يعاني معظم الأشخاص من أعراض خفيفة وتقل بمرور الوقت. ومتلازمة الإغراق لا تعد حالة دائمة عادة.
ما علامات متلازمة الإغراق وأعراضها
تتكون متلازمة الإغراق من مرحلتين، ولكل منهما مجموعة من الأعراض الخاصة بها. قد يعاني الشخص إحدى المرحلتين أو كليهما.
تظهر أعراض متلازمة الإغراق المبكرة في حوالي 10 إلى 30 دقيقة بعد الانتهاء من تناول الطعام. وتتضمن :
- غثيان.
- إقياء.
- إسهال.
- ألم في البطن وتشنج.
- انتفاخ البطن.
- الشعور بتطبل البطن.
- نوبات دوار.
- تسارع معدل ضربات القلب.
تبدأ متلازمة الإغراق المتأخرة في إحداث العلامات بعد ساعتين إلى ثلاث ساعات من الانتهاء من تناول الطعام. وتتضمن:
- ضعف.
- تعب.
- التوتر أو الرعاش.
- ضربات قلب سريعة أو غير منتظمة.
- تعرق بارد.
- احمرار الوجه.
- تغيم الوعي.
- الجوع.
ما الذي يسبب متلازمة الإغراق؟
تشمل الأسباب الجراحية ما يلي:
- استئصال المعدة: عملية جراحية لإزالة جزء أو كل المعدة.
- جراحات السمنة لإنقاص الوزن، مثل تحويل مسار المعدة.
- رأب البواب: عملية جراحية على معصرة البواب في الجزء السفلي من المعدة.
- استئصال المريء: عملية جراحية لإزالة جزء من المري أو كله.
- قطع المبهم: إجراء عملية جراحية لقطع العصب المبهم في المعدة لتقليل حمض المعدة.
- إجراء نيسن: عملية جراحية لخياطة الجزء العلوي من المعدة حول المريء.
تشمل الأسباب المرتبطة بالمرض ما يلي:
- السكري.
- متلازمة الإقياءات المتكررة.
- الخلل اللاإرادي.
- قصور البنكرياس الإفرازي.
- قرحة الاثني عشر.
- متلازمة زولينجر إليسون.
- عسر الهضم الوظيفي.
- متلازمة فرط القنب.
كيف يتم تشخيص متلازمة الإغراق؟
إذا كان يوجد تاريخ مرضي لجراحة المعدة، حتى لو كان ذلك منذ سنوات، قد يتمكن مقدم الرعاية الصحية من تشخيص متلازمة الإغراق بناءً على الأعراض وحدها. وقد يرغب أيضًا بإجراء اختبارات لتأكيد الأسباب المحتملة الأخرى للأعراض أو لاستبعادها، ويعد هذا مهمًا خصوصًا إذا لم يوجد تاريخ لجراحة المعدة.
وتشمل اختبارات تشخيص متلازمة الإغراق ما يلي:
- اختبار تحمل الغلوكوز عن طريق الفم: يقيس هذا الاختبار نسبة السكر في الدم قبل شرب محلول الغلوكوز وبعده، ويقيس الهيماتوكريت (تركيز خلايا الدم الحمراء). يشير ارتفاع الهيماتوكريت بعد شرب الغلوكوز إلى انتقال كميات كبيرة من السوائل من مجرى الدم إلى الأمعاء. يشير انخفاض نسبة السكر في الدم بعد مرور ساعة إلى ثلاث ساعات إلى الإصابة بمتلازمة الإغراق المتأخرة.
- اختبار التنفس بالهيدروجين: يقيس هذا الاختبار مستويات الهيدروجين في النَفَس بعد شرب محلول الغلوكوز. يُظهر اختبار التنفس الإيجابي للهيدروجين أن الجلوكوز لم يُمتَص جيدًا في الأمعاء الدقيقة، ما يشير إلى أن الأمعاء الدقيقة كانت مثقلة جدًا.
- التنظير الهضمي العلوي: يفحص هذا الاختبار الجزء الداخلي من المريء والمعدة والاثني عشر باستخدام منظار داخلي، وهو أنبوب رفيع ومرن مزود بكاميرا مضاءة، قد يساعد على العثور على المشكلات الهيكلية والأسباب المحتملة الأخرى.
- سلسلة تصوير الجهاز الهضمي العلوي: يسمح اختبار التصوير هذا لمقدمي الرعاية الصحية بمراقبة انتقال محلول تباين السوائل عبر المريء والمعدة والأمعاء الدقيقة العلوية (الاثني عشر). ويتضمن شرب المحلول ثم سلسلة من صور الأشعة السينية بالفيديو (تسمى التنظير الفلوري) لتظهر مدى سرعة انتقال المحلول .
- اختبار إفراغ المعدة: يقيس هذا الاختبار مدى تحرك الوجبات السريعة عبر المعدة بإضافة كمية ضئيلة من المواد المشعة إلى الوجبات. يتمكن مقدم الرعاية الصحية من مشاهدة تقدم الوجبة من خلال المعدة باستخدام نوع خاص من الماسح الضوئي.
الإدارة والعلاج: كيف تتخلص من متلازمة الإغراق؟
يستطيع معظم الناس إدارة متلازمة الإغراق بنجاح مع التغييرات الغذائية، عندما لا تستجيب الأعراض الشديدة للنظام الغذائي، فقد يكون الدواء خيارًا. لكن الأدوية قد يكون لها آثار جانبية غير مناسبة للاستخدام طويل الأمد. وقد يقترح مزود الرعاية الصحية جراحة أخرى لإصلاح المشكلة.
يوصي مقدمو الرعاية الصحية بعض المبادئ التوجيهية الغذائية للحد من الأعراض:
- تناول وجبات أصغر في كثير من الأحيان، تهدف إلى ست وجبات صغيرة بدلًا من ثلاثة.
- الأكل ببطء والمضغ الجيد.
- تجنب السكريات البسيطة والكربوهيدرات ومنتجات الحليب، ما يمنع تحولات السكر في الدم السريع، وتُعد الكربوهيدرات المعقدة (كالحبوب الكاملة) هي أفضل.
- تناول المزيد من البروتين والدهون الصحية تحل محل الكربوهيدرات في النظام الغذائي، فالدهون تبطئ الهضم وتوفر مخزون عالي الطاقة.
- تناول المزيد من الألياف الغذائية تضيف جزءًا أكبر إلى الوجبة وتبطئ وقت العبور. وتبطئ الألياف امتصاص السكر في الجهاز الهضمي.
- الاستلقاء على الظهر مدة 30 دقيقة بعد تناول الطعام، وقد يؤدي ذلك إلى إبطاء إفراغ المعدة والمساعدة على الحفاظ على ضغط الدم في أثناء الهضم.
- عدم شرب السوائل في حوالي 30 دقيقة قبل الأكل أو بعده، فالسوائل تشجع الحركة.
تساعد بعض الأدوية في تعديل أعراض متلازمة الإغراق المبكر والمتأخر، ومنها مثلًا خلات Octreotide الذي يمنع بعض الهرمونات في الجهاز الهضمي، ما يبطئ إفراغ المعدة ووقت العبور المعوي الصغير، ويكبح الأنسولين وينظم نسبة السكر في الدم. يعطى هذا الدواء بالحقن، إما يوميًا أو شهريًا.
اقرأ أيضًا:
حقائق وخرافات عن القولون العصبي
ترجمة: زينب عبد الكريم
تدقيق: ألاء ديب
مراجعة: محمد حسان عجك