إن فهم كيفية سرقة الهوية هو الخطوة الأولى لمنع سرقتها. تُعد سرقة الهوية من العمليات الدنيئة، مهما كانت ظروف أو ملابسات السرقة. قد يطول شرح الملابسات، لكننا لن ننسى أن شخصًا ما قرر أن يأخذ مكانك حرفيًا! قد تكون سرقة الهوية مجرد غاية لفاعلها، أو إشارةً إلى ما هو أسوأ من ذلك. تُسرَق الهوية في إحدى العمليات الاحتيالية على شبكة الإنترنت، وربما يقف شخص ما في صالات أحد البنوك مُدعيًا أنه أنت.
لكن كيف يستطيع هؤلاء الأشخاص الوصول إلى هويتك أساسًا؟ وماذا سيحدث بعد نجاح سرقة إحدى الهويات؟
كيف تُسرَق هويتك؟
تُسرَق الهويات الشخصية عادةً بإحدى ثلاث طرق:
- الطريقة الأولى، يستنسخ أحد الأشخاص الذين تتعامل معهم كالنادل أو الباعة المتجولين بطاقتك الائتمانية أو يأخذ نسخة منها. يحدث ذلك عادةً عند سفرك إلى إحدى الدول الأجنبية أو المدن الكبيرة، وهو أقل شيوعًا عندما تكون في منزلك أو في الأماكن التي اعتدت زيارتها.
- الطريقة الثانية، قد تحدث عرضًا جانبيًا لوقوع إحدى حوادث اختراق البيانات ببعض الشركات والمؤسسات التي تمتلك بعض معلوماتك الشخصية مع هويتك. مثلًا، تعرضت مؤسسة إكسبريان للاختراق وتسريب بيانات العملاء عام 2015.
- الطريقة الثالثة، يُفضل المخترق تصيد بياناتك عبر إرسال رسائل هاتف قصيرة أو رسائل بريد إلكتروني ملغمةً تقتنص بعض أخطائك باتباعك تعليماتها.
يمكن سرقة هويتك على شبكة الإنترنت عبر إنشاء صفحات محاكاة زائفة للمواقع التي تتردد عليها باستمرار، ما يسهل الحصول على اسم المستخدم وكلمة المرور وبعض معلوماتك الشخصية، حينها ستظهر رسالة بأن ثمة مشكلة تتطلب النقر على رابط ما في الرسالة لإعادة تعيين كلمة المرور أو لإخبارك بتوقف حسابك، فتنقر على الرابط وتُدخل بياناتك لتسجل دخولك، وبذلك توفر لهم معلوماتك فتُسرَق هويتك إلكترونيًا.
كيف تنتقل ملكية الهوية الشخصية بعد السرقة؟
تُباع الهويات المسروقة غالبًا، ما يفسح مجالًا لإضافتها إلى قواعد البيانات المليئة بالهويات المزيفة لاستخدامها لاحقًا. تُجرَّب بطاقات الائتمان عادةً للتأكد من فعاليتها عبر إجراء عملية شراء صغيرة، قد تكون تكلفة الشراء أكبر، إذ تُشترى بعض البضائع وتُرسَل إلى عناوين غير دقيقة لإحدى المناطق الصناعية وتُباع بعد ذلك، وهي إحدى طرق غسيل الأموال. لذلك تُباع هويتك المسروقة أو تسافر إلى العديد من البلدان حتى العثور على مشتريها في حين أنك في منزلك.
قد تُعرض شخصيتك المسروقة للبيع على صفحات الإنترنت المُظلم!
تُفضل غالبًا الهويات الشخصية التي تتضمن حسابات بنكية، إذ يُحكَم على تلك الهويات الشخصية بعدة بنود منها: الحسابات المصرفية وبطاقات الائتمان والرهون العقارية ومنصات الدفع عبر الإنترنت مثل باي بال، وعروض الشراء وعقود تشغيل الهواتف الذكية، إضافةً إلى أي حسابات أو هويات شخصية تتطلب الكثير من البيانات الشخصية لاستخدامها، فكلما كانت البيانات كاملةً زادت فرص بيعها.
يظن معظم مستخدمي الأجهزة الإلكترونية أن مصطلحا الويب والإنترنت يحملان المعنى ذاته. في الحقيقة، يُعد الإنترنت البنية الأساسية التي تستوعب بيئةً مليئةً بأجهزة الوصول إلى الإنترنت ومراكز البيانات وخوادم دي إن إس والكابلات. أما الويب، فهو مجموعة من الخدمات تعمل عبر الإنترنت مثل: البريد الإلكتروني وبروتوكولات نقل الملفات عبر الإنترنت مثل تورنت.
كذلك صفحات الإنترنت المظلم الذي يعد جزءًا مخفيًا من عالم الإنترنت، تصل إليه عبر متصفح تور المشفر، ويُعد بمثابة وحش تصعب مراقبته، إذ لا تصل أدوات البحث المعتادة مثل جوجل إلى صفحات الإنترنت المظلم.
تعد صفحات الإنترنت المظلم كالساحات الخلفية والخفية في المدن التي في ثناياها تُتداول وتُباع بعض السلع المحرمة، مثل البيانات المسروقة والأسلحة والمخدرات والصفقات المشبوهة الأخرى. لذلك تذكر أن لصوص الهويات مجرمون، وقد يعملون أعضاءً في أنشطة إجرامية أخرى.
ما قيمة بيع هويتك الشخصية؟
يوفر الإنترنت المظلم بعض الصفحات لبيع الهويات المسروقة وشرائها. تحقق كل هوية مسروقة على صفحات الإنترنت المظلم ربحًا لسارقها. فكلما كانت البيانات والأرصدة البنكية أكثر، ارتفع سعر الهوية. تشير دراسة أجرتها شركة تريند مايكرو للأمن المعلوماتي إلى أن عمليات تسجيل الدخول البنكية وحدها قد بلغت نحو 200-500 دولار لكل هوية!
تُباع بطاقات الائتمان الفردية عادةً بأقل من 100 دولار أمريكي، مع بعض البطاقات بأقل من 10 دولارات أميركية. يتوقف سعر كل بطاقة على مقدار الائتمان المتاح بها. أما الحسابات مع مُشغلي خدمات الهواتف المحمولة فثمنها الأقصى 14 دولارًا أمريكيًا للحساب الواحد. وقد يبلغ سعر هويات حسابات الخدمات الضخمة على الإنترنت مثل إي باي للتسوق وباي بال للمدفوعات 300 دولار أميركي.
هل تتذكر عندما تقدمت بطلب لاستخراج بطاقات ائتمانية؟ ربما أرفقت صورةً لجواز سفرك حينها، أو حتى صورةً لعقد زواجك، ما يُكسب السارق 40 دولارًا أميركيًا إضافية، إذ يُعد امتلاك صورة من جواز سفر أحد الأشخاص بمثابة هوية جديدة.
إن التفكير في تداول هويتك الرقمية وعرضها للبيع مقلق حقًا. إليك السعر النهائي المتوقع: تُباع السجلات الطبية للهويات المسروقة بقيمة تبلغ 1000 دولار أمريكي لكل سجل! لذا نأمل أن يتبع موفرو الخدمات الصحية إجراءات آمنةً لحماية بياناتنا.
ما مصير هويتك المسروقة؟
يستطيع المجرمون الوصول إلى قواعد بيانات تحتوي على هويات شخصية تتضمن بيانات عن بطاقات الائتمان المسروقة والهوية كاملة. فكلما كانت البيانات أشمل، كانت عمليات البيع أفضل. إذ يرغب المخترقون عادةً في الحصول على هويات الأغنياء، لكن نادرًا ما تجد هوية شخص ثري، لذلك يلجأ المخترقون إلى طرق أكثر تعقيدًا لاختراق هويات الأغنياء.
يتيح لك الإنترنت وقف هويتك من أي مكان في العالم. ماديًا، يمكنك أن تقف في لندن لتشتري بعض الملابس، في حين تُستخدَم بطاقاتك في مكان آخر لشراء الإفطار لشخص ما. مع ذلك، غالبًا ما تلاحظ شركات بطاقة الائتمان الأنشطة المريبة، وتشير إلى وجود خطأ.
من المرجح ألا تسافر هويتك المسروقة إلى مكان بعيد عن محيطك اليومي المعتاد، وبهذه الطريقة يتمتع السارقون بهويتك المسروقة أطول فترة ممكنة، سيكون الأسبوع فترة طويلةً قد ترهقك عند رؤية قدر الديون التي سببها المخترقون باسمك.
حافظ على هويتك الشخصية
الأمر أبسط مما تتخيل؛ يستطيع شخص بامتلاك بعض المعلومات الرئيسية عن هويتك أن يدعي أنه أنت. إذ تُسرَق هويتك بكل سهولة مع تلك معلومات، ومعلومات أخرى تخص وضعك المادي.
يُعد منع اختراق البيانات مستحيلًا، لذا عليك محاولة حماية نفسك. تكمن إمكانيات سرقة الهوية الشخصية في استهدافك عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية. لذا يجب استخدام بعض أدوات الحماية والأمن السيبراني لتجنب تلك الحوادث.
لا يُفضل المخترقون السعي وراء الصيد الصعب الذي يكلفهم الكثير من الوقت والجهد والقليل من الربح. لذلك اجعل سرقة هويتك صيدًا يصعب الوصول إليه. زد من وسائل حمايتك الرقمية، ولا تكن فريسةً سهلة. عندها سيضطر المخترقون إلى الانتقال إلى فريسة أخرى سهلة الصيد.
اقرأ أيضًا:
ابتسم للكاميرات .. أنت مُخترق!
ترجمة: أحمد الشهاوي
تدقيق: راما الهريسي
مراجعة: أكرم محيي الدين