أي شخص نشأ في فترة إطلاق بعثة أبولو إلى القمر في السبعينيات، تُرك مع انطباع إمكانية وجود مستعمرات على القمر بحلول هذا وقتنا الحاضر. لكن بالنظر إلى أنه قد مضى أكثر من 30 عامًا ولم يحدث أي تقدم كبير، فمن الصحيح افتراض عدم وجود مستعمرات على القمر في أي وقت قريب.
لكن، ألن يكون أمرًا رائعًا أن تستطيع العيش وأخذ إجازة والعمل على القمر؟
لنفترض أننا أردنا استعمار القمر. توجد بعض الاحتياجات الأساسية التي يجب على مستعمري القمر الاهتمام بها إذا نووا العيش فترةً طويلةً. تشمل هذه الأساسيات الأولية ما يلي:
- هواء قابل للتنفس.
- ماء.
- غذاء.
- مأوى مضغوط.
- طاقة.
سيكون مثاليًا الحصول على أكبر قدر ممكن من هذه الموارد من القمر نفسه، لأن تكاليف الشحن إلى القمر غير قابلة للتصديق، بحدود 50,000 دولار لكل باوند (نصف كيلوغرام تقريبًا 0.453).
على سبيل المثال، غالون واحد من الماء يزن حوالي ثمانية أرطال (3.63 كيلوغرامًا) ستبلغ تكلفة شحنه إلى القمر 400,000 دولار!
بهذه المعدلات، فالمراد أن نحمل أقل ما يمكن إلى القمر والتصنيع بقدر ما نستطيع عند الوصول إلى هناك.
الحصول على هواء قابل للتنفس سهل إلى حد ما على القمر، إذ تحتوي تربته على أكسجين يمكن استخراجه باستخدام الحرارة والكهرباء.
وضع الماء أصعب، توجد الآن بعض الأدلة على احتمال وجود مياه في شكل جليد مدفون عند القطب الجنوبي للقمر. إذا كان الأمر كذلك، فقد يكون استخراج المياه ممكنًا وسيحل الكثير من المشاكل، فالمياه ضرورية للشرب والري، ويمكن تحويلها أيضًا إلى هيدروجين وأكسجين لاستخدامهما وقودًا للصواريخ.
إن لم يتوفر الماء على القمر فيجب استيراده من الأرض، وتتمثل إحدى طرق تنفيذ ذلك في شحن الهيدروجين السائل من الأرض إلى القمر ثم تفاعله مع الأكسجين المستخرج من تربة القمر لتكوين الماء. فبما أن جزيئات الماء تتكون من 67% من الأكسجين و33% من الهيدروجين، فقد تكون هذه أرخص طريقة لإيصال الماء إلى القمر. إضافةً إلى ميزة جانبية تتمثل بإمكانية تفاعل الهيدروجين مع الأكسجين في خلية وقود لتوليد الكهرباء أثناء إنتاج الماء.
موارد مستعمرة القمر
الطعام أيضًا مشكلة. يأكل شخص واحد 450 رطلًا (نحو 204 كيلوغرامات) من الطعام المجفف سنويًا، فستحتاج مستعمرة كاملة من الناس إلى أطنان من الطعام، والفكرة الأولى التي ستخطر على بال أي شخص هي زراعة الطعام على القمر.
نفكر بهذه الطريقة لأنه هنا على الأرض تتوفر مواد كيميائية مثل الكربون والنيتروجين بشكل حر في الغلاف الجوي، كما تتوفر المعادن بشكل حر في تربة الأرض.
يتكون طن القمح من طن من الكربون والنيتروجين والأكسجين والهيدروجين والبوتاسيوم والفوسفور وما إلى ذلك، ولزراعة طن من القمح سيتعين استيراد جميع المواد الكيميائية غير المتوفرة بسهولة على القمر. لكن بمجرد جني المحصول الأول، وطالما كان عدد سكان المستعمرة مستقرًا، يمكن إعادة استخدام المواد الكيميائية في دورة طبيعية.
يُزرع النبات، يأكله الإنسان، ثم يُخرجه بشكل فضلات صلبة وفضلات سائلة وثاني أكسيد الكربون في التنفس، ثم تُغذي منتجات الفضلات هذه المجموعة التالية من النباتات. لكن ما يزال علينا إيصال أطنان من الطعام أو المواد الكيميائية إلى القمر لبدء الدورة.
بالنسبة للمأوى، من المحتمل أن تكون الملاجئ الأولى عبارة عن مبانٍ قابلة للنفخ مستوردة من الأرض، ولكن أُجريت أبحاث كثيرة حول إمكانية بناء مبانٍ من السيراميك والمعادن المُنتجة على القمر.
تُعد الطاقة على القمر تحديًا مثيرًا للاهتمام. قد يكون من الممكن تصنيع خلايا شمسية على القمر، لكن ضوء الشمس متاح لجزء من الوقت فقط. وكما ذكرنا سابقًا، يمكن أن يتفاعل الهيدروجين والأكسجين في خلية وقود لتوليد الكهرباء. تُعد الطاقة النووية احتمال آخر، باستخدام اليورانيوم المستخرج على القمر.
مع وجود كل هذه المعلومات، نعرف سبب عدم وجود مستعمرة على سطح القمر الآن، فالأمر معقد!
لكن لنتخيل أننا أردنا إنشاء مستعمرة مكتفية ذاتيًا على سطح القمر من 100 شخص، ولنتخيل أيضًا أنه لبدء المستعمرة، شُحِنَ ما يلي إلى القمر لكل شخص:
- الشخص نفسه — 200 رطل (حوالي 91 كيلوغرامًا).
- حزمة طعام أولية، أو مواد كيميائية لزراعة الغذاء — 500 رطل (حوالي 227 كيلوغرامًا).
- مأوى ابتدائي ومعدات — 1000 رطل (حوالي 453.6 كيلوغرامات).
- معدات تصنيع — 1000 رطل.
المجموع: نحو 3000 رطل (1360 كيلوغرامًا) لكل شخص، و300,000 رطل (حوالي 136,077 كيلوغرامًا) للمستعمرة، عندما تُدرك أن مكوك الفضاء يزن 16,500 رطل (نحو 74,842 كيلوغرامًا) دون وقود، وتُدرك أن 100 شخص سيعيشون حياتهم بأكملها على القمر من المواد الموجودة على مكوكين فضائيين فقط، فستدرك مدى التفاؤل في تقدير هذا الوزن.
وبتكلفة 50,000 دولار لكل رطل فإن الناتج سيكون 15 مليار دولار لتكاليف الشحن فقط. بحلول الوقت الذي تضع فيه بالاعتبار التصميم والتطوير والمواد والتدريب والأفراد والتكاليف الإدارية، والكميات الفعلية من المواد التي يجب إرسالها، ناهيك عن الوقت والمال الذي استُثمِر فقط لإيصال محطة الفضاء الدولية إلى مدار أرضي منخفض، ستدرك أنه حتى مستعمرة صغيرة على القمر ستكلف مئات المليارات إن لم يكن تريليونات من الدولارات.
اقرأ أيضًا:
كم يستطيع القمر أن يستوعب من البشر ؟
فيلم The Martian كان محقا زراعة البطاطا على المريخ ممكنة
ترجمة: بشار منصور
تدقيق: آية فحماوي