وفقًا لتقارير صحفية حديثة، عُثر على اثنين من الزنابير الآسيوية الكبيرة (نوع غير معروف وجوده في أمريكا الشمالية) في شمال غرب ولاية واشنطن أواخر عام 2019، وعُثر أيضًا على مستعمرة زنابير أُزيلت في كولومبيا البريطانية (مقاطعة كندية).
يحاول العلماء حاليًا معرفة هل يوجد المزيد من هذه الحشرات في المنطقة؟ من بينهم عالم الحشرات (أكيتو كاواهارا)، الذي يَعد «الزنابير القاتلة» عنوانًا مُضلِّلًا مُبالِغًا، وإليكم تفسيره للأمر في إحدى المقابلات:
ما مدى انتشار الزنابير في آسيا، وما مدى الإزعاج الذي تُسببه؟
الزنبور الآسيوي العملاق (Vespa mandarinia) شائع إلى حد ما في أنحاء كثيرة من آسيا، حيث يُعرف بالزنبور العملاق.
خلال نشأتي في اليابان، رأيته مرات عديدة في الجبال خارج طوكيو. هذه الحشرات كبيرة وفريدة من نوعها، لها رأس برتقالي مُميز وجسم برتقالي مُخطط بالأسود، ومثل أي دبور اجتماعي آخر، سوف تُدافع عن عشها إذا أُزعجت المستعمرة، لكن الزنابير غالبًا تظل هادئةً إذا لم تتعرض لعدوانية البشر.
يجب على الناس تجنُّب الزنابير وأعشاشها عمومًا، لأن إبرة الزنبور العملاق أطول من مثيلتها لدى نحل العسل، ولا تنكسر عندما تَلدغ، وبإمكانها ثقب الملابس السميكة.
تنجذب الزنابير الكبيرة غالبًا إلى نسغ الأشجار، لقد لدغني أحدها من قبل عندما كُنت أبحث عن الفراشات على الأشجار، اللدغة مؤلمة، لكن التورم والألم يزولان غالبًا في غضون أيام قليلة.
كما هو الحال مع لسعات نحل العسل، قد يؤدي رد الفعل التحسسي أحيانًا إلى دخول المستشفى. في حالات نادرة تكون الاستجابة قاتلة. قتلت لسعات الزنابير والدبابير 13 شخصًا في اليابان عامي 2017 و2018 (أقل من 0.00001% من السكان)، في بلد يقضي فيه الكثير من الناس أوقاتًا طويلة في الغابة.
إذا كان لديك حساسية من لسعات النحل والدبابير، فمن الأفضل تجنب الاقتراب من هذه الحشرات وأعشاشها، وارتد ملابس بيضاء في الأماكن المفتوحة (إذ تنجذب إلى الألوان الداكنة)، وتجنب حمل المشروبات المُحلاة مثل المشروبات الغازية في الغابة.
هل أنت متفاجئ من ظهور الزنابير في أمريكا الشمالية؟
إلى حد ما، نعم. على الأرجح، دخلت إحدى ملكات الزنابير المخصبة إلى كندا عبر حاويات الشحن وأنشأت المستعمرة المُكتشفة سنة 2019.
من السهل على الحشرات أن تغزو أماكن أخرى بالسفر بهذه الطريقة؛ إذ يصل أكثر من 19 ألف حاوية شحن يوميًا إلى مواني الولايات المتحدة، ما يصعب تفتيشها كلها، فغالبًا ما تُجرى عمليات تفتيش عشوائية فقط. يشير أحد التقديرات إلى أن 2% فقط من الشُحنات تُفتش بحثًا عن كائنات حية ضارة مثل النباتات الضارة. ويُكتشف العديد منها، لكن بعضها يمر.
من المستبعد جدًا أن تُنقل مستعمرة كاملة إلى أمريكا الشمالية، فهي كبيرة ومرئية غالبًا، ناهيك بعدوانية الزنابير إذا أزعجت عشها.
أشار اختبار جيني إلى أن أحد الزنابير الموجودة في واشنطن لم يكن مرتبطًا بالمستعمرة المُكتشفة في كندا، لكن لم تُنشر هذه النتائج أو تُراجَع، ولم يُعثر على المزيد منها سنة 2020 في الولايات المتحدة أو كندا.
ما الظروف المناسبة لحياة هذه الحشرات؟
تعيش الزنابير الكبيرة غالبًا في المناطق الجبلية في آسيا، لكنها لا تُرى كثيرًا في المدن الكبيرة أو المناطق الكثيفة بالسكان. تبني أعشاشها عادةً في قاعدة الأشجار الكبيرة أو داخل جذوع الأشجار الميتة. هذه الحشرات غير قادرة على تحمل درجات الحرارة الشديدة أو البرودة القاسية، ما يجعل وجودها في أمريكا الشمالية أمرًا نادرًا.
لو اكتُشفت مستعمرات نشطة سنة 2020 في شمال غرب المحيط الهادئ، الذي يتمتع بمناخ أكثر اعتدالًا، فقد تنتشر هناك. ومع ذلك، فمن غير المُحتمَل أن يكون انتشارها سريعًا، إذ يبلغ نطاق بحث الزنابير نحو 700 متر من العش.
تبقى الحيطة والحذر أهم وسيلة لمنع انتشار هذه الحشرات، يجب على أي شخص في شمال غرب المحيط الهادئ أن يكون متيقظًا في أثناء تواجده في الهواء الطلق فترة الصيف والخريف.
إذا عثرنا على المزيد من الزنابير، فهل تمثل تهديدًا لنحل العسل والمُلقحات الأخرى؟
ربما نجد بعض المنشورات الإعلامية التي تُظهر تدمير الزنابير الكبيرة لأعشاش نحل العسل، لكن نحل العسل ليس فريستها الوحيدة، تتغذى الزنابير على أنواع مختلفة من الحشرات، وتجلب الفرائس الميتة التي تلتقطها إلى الخلية لإطعام الصغار.
في اليابان، يُحيط مربو النحل الخلايا بشبكات من السلك لحمايتها من الزنابير. يستطيع مربو النحل في أمريكا الشمالية استخدام الأسلوب نفسه باستعمال شبكات مُتوفرة محليًا.
لدى نحل العسل في آسيا القدرة على حماية الخلية من تطفل الزنابير العملاقة من طريق (حرقها)، فهي تنتظر دخول الزنبور إلى العش، ثم تحيطه بأجسادها من كل جانب. ثم تهز كل نحلة جناحيها، ما يرفع درجة الحرارة في وسط الكتلة إلى 50 درجة مئوية، وأيضا تزيد مستويات ثاني أكسيد الكربون في العش في أثناء هذه العملية، ما يساهم في قتل الزنبور.
هل ما يُقال عن (الزنابير القاتلة) مُبالَغ فيه؟
نعم للغاية. في أجزاء عديدة من اليابان، يرى الناس أن للزنابير منافع عدة، كإزالة اليرقات الضارة من المحاصيل، ويُعتقد أيضًا أنها تحتوي على مُغذيات، لذلك تُستخدم بوصفها مكونات في المطبخ الياباني، وفي صنع بعض المشروبات الكحولية القوية، يعتقد البعض أن لها فوائد طبية أيضًا.
يجب على سكان فانكوفر وسياتل والنواحي المحيطة أن يكونوا على دراية بشكل هذه الحشرات. يبلغ طولها 5 سنتيمترات أو أكثر، وطول الجناحين 7.5 سنتيمتر، ولها رأس برتقالي واضح وبطن برتقالي مخطط بالأسود. وهذا يختلف عن زنابير أمريكا الشمالية، ذات الأجسام الصفراء أو البيضاء المخططة بالأسود.
إذا رأيت زنبورًا كبيرًا في واشنطن، لا تحاول إزالة عشه بنفسك أو رشه بالمبيدات، قطع الأشجار لمكافحة الأعشاش غير ضروري أيضًا، بل خطير وقد يؤثر سلبًا في أنواع الحياة البرية الأخرى، متضمنةً الحشرات المفيدة اللازمة للتلقيح وتحلل التربة. تنخفض أعداد الحشرات باستمرار على مستوى العالم، لذلك يجب الحفاظ عليها.
ما عليك فعله هو التقاط صورة من بُعد وإبلاغ وزارة الزراعة في الولاية. الصور ضرورية للتحقق من صحة المعلومات.
احرص على رفع الصور على موقع iNaturalist، فهو أحد المصادر الأساسية للحصول على المعلومات عند تتبع الحياة البرية، تُحفظ الصور مع عدة بيانات، مثل الموقع ووقت الملاحظة والسمات المورفولوجية للحشرة، التي يستطيع العلماء استخدامها في أبحاثهم.
اقرأ أيضًا:
اكتشاف نحلة نصفها ذكر ونصفها أنثى
ترجمة: عبد الكريم زايدي
تدقيق: أكرم محيي الدين