تجربة الضفدع المغلي هي حكاية رمزية تصف تجربة يُغلى فيها الضفدع حيًا ببطء، والافتراض هنا يقول إن وضع الضفدع في الماء المغلي بشكل مفاجئ سيجعله يقفز، بينما عند وضعه داخل ماء فاتر وتركه يغلي ببطء، فإنه لن يدرك الخطر وسيُطهى ببطء حتى الموت. غالبًا ما تستخدم هذه القصة باعتبارها استعارة تصف عجز الأشخاص أو عدم رغبتهم في إدراك أو الرد على التهديدات الشريرة التي تنشأ وتكبر بشكل تدريجي وبطيء.
أشارت بعض تجارب القرن التاسع عشر إلى أن الفرضية الأساسية صحيحة إذا كان التسخين تدريجيًا بما فيه الكفاية، ولكن الفرضية خاطئة وفقًا لعلماء الأحياء المعاصرين؛ فالضفدع سيقفز حتى عند التسخين التدريجي، إذ يُعد التنظيم الحراري عن طريق تغيير الموقع استراتيجية أساسية للبقاء على قيد الحياة لدى الضفادع وغيرها من الكائنات التي تعتمد على مصادر الحرارة الخارجية.
التجارب والتحاليل
أُجريت في القرن التاسع عشر العديد من التجارب التي رصدت رد فعل الضفادع تجاه الماء عند تسخينه ببطء. وفي عام 1869، أوضح عالم الفيزيولوجيا الألماني فريدريش غولتز أن إزالة مخ الضفدع ستجعله يبقى في الماء، بينما سيحاول الضفدع السليم الهروب من الماء عندما تصل حرارته إلى 25 درجة مئوية.
مع ذلك، تزعم بعض التجارب التي أجريت في القرن التاسع عشر أن الضفادع لم تحاول الهرب من الماء المسخن تدريجيًا، ومثالًا على ذلك تجربة نفذها هاينزمان عام 1872 ليوضح أن الضفدع العادي لن يحاول الهرب إذا ما سُخِّنَ الماء ببطء كاف، وهذا ما أكده فراتشر عام 1875.
قال سيدجويك في عام 1888 إن التناقض الواضح بين نتائج هذه التجارب كان نتيجةً لمعدلات التسخين المختلفة المستخدمة في التجارب: «الحقيقة هي أنه إذا كان التسخين تدريجيًا بشكل كاف، فلن ينتج حتى الضفدع الطبيعي أية منعكسات؛ بينما إذا كان التسخين أسرع، ولكن بمعدل “تدريجي” إلى حد ما، فلن يضمن استجابة الضفدع العادي تحت أي ظرف من الظروف».
رفع غولتز في تجربته درجة حرارة الماء من 17.5 درجة مئوية إلى 56 درجة مئوية خلال نحو عشر دقائق (أي نحو 3.8 درجة مئوية في الدقيقة)، بينما سخن هاينزمان الضفادع على مدار 90 دقيقة من حوالي 21 درجة مئوية إلى 37.5 درجة مئوية (أي بمعدل أقل من 0.2 درجة مئوية في الدقيقة).
في كتابه الصادر عام 1882 حول تنوع المنعكسات الناجم عن التغير في درجة الحرارة لدى الضفادع، كتب ويليام طومسون سيدجويك: «رُفِعت درجة الحرارة في إحدى التجارب بمعدل 0.002 درجة مئوية في الثانية، ليُعثر بعدها على الضفدع ميتًا بعد ساعتين ونصف دون أن يهرب».
تفيد المصادر العلمية الحديثة أن الظاهرة المزعومة ليست حقيقية. في عام 1995، قال البروفيسور دوغلاس ميلتون من قسم الأحياء بجامعة هارفارد: «إذا وضعت ضفدعًا في الماء المغلي، فلن يقفز، وإنما سيموت.
في تجربة الضفدع المغلي ، إذا وضعته في ماء بارد، فسوف يقفز قبل أن يصبح ساخنًا –لن يجلس الضفدع ساكنًا من أجلك». بالإضافة إلى ذلك رفض الدكتور جورج زوغ هذا الاقتراح، وهو المسؤول على قسم الزواحف والبرمائيات في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي، قائلًا: «إذا امتلك الضفدع وسيلةً للخروج، فمن المؤكد أنه سيخرج».
في عام 2002، وضّح الدكتور فيكتور هتشيسون رأيه حول ذلك، وهو أستاذ فخري في علم الحيوان بجامعة أوكلاهوما، ويتمحور مجال اهتمامه البحثي حول العلاقات الحرارية للبرمائيات، حين قال: «التجربة غير صحيحة بشكل كامل!»، ووصف كيف يتم تعيين الحد الحرج الحراري الأقصى للعديد من أنواع الضفادع في التجارب البحثية المعاصرة؛ فبينما يُسَخن الماء بسرعة 2 درجة فهرنهايت (أو 1.1 درجة مئوية) في الدقيقة، يصبح الضفدع نشطًا بشكل متزايد أثناء محاولته الهرب، ويقفز في النهاية إذا سمح الوعاء بذلك.
استخدام هذه التجربة بمثابة استعارة مجازية
تُقدَّم قصة الضفدع المغلي عمومًا باعتبارها استعارة مجازية تنصح الناس بأن يكونوا على دراية بالتغيير التدريجي كي لا يعانوا من عواقب غير مرغوب فيها في نهاية المطاف.
وقد تُستخدم مع حجة المنحدر الزلق مثل تحذير ضد ما يدعى بالسواء المتدرج (الطريقة التي يمكن بها قبول تغيير كبير باعتباره وضعًا طبيعيًا إذا حدث ببطء، من خلال زيادات غير ملحوظة). وتُستخدم في الأعمال التجارية لتعزيز فكرة أن التغيير يجب أن يكون تدريجيًا حتى يُقبل. على العكس من ذلك، قد يُستخدم تعبير «متلازمة الضفدع المغلي» أحيانًا مثل اختصار بقصد الإشارة إلى عثرات رفض التغيير.
أُعيد سرد القصة عدة مرات، واستُخدمت لتمثيل وجهات نظر متباينة ومختلفة على نحو كبير، أمثلة على ذلك: استُخدمت القصة في عام 1960 للإشارة إلى التعاطف مع الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة؛ وفي عام 1980 للإشارة إلى الانهيار الوشيك للحضارة الذي توقعه الباقون؛ وفي التسعينيات للإشارة إلى التقاعس عن الاستجابة تجاه التغير المناخي وإلى الاستمرار في العلاقات المؤذية؛ واستخدمها التحرريون للتحذير من التلاشي البطيء للحقوق المدنية.
وفي رواية «قصة ب» الصادرة عام 1996 لمؤلفها دانييل كوين، يدور فصل كامل حول استعارة الضفدع المغلي، إذ يستخدمها لوصف تاريخ البشرية والنمو السكاني وفائض الغذاء.
علق أستاذ القانون والمعلق القانوني يوجين فولوخ في عام 2003 أنه بغض النظر عن سلوك الضفادع الحقيقية، فإن قصة الضفدع المغلي مفيدة باعتبارها استعارة مجازية، مقارنةً باستعارة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال. كذلك استخدم بول كروغمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد وكاتب صحيفة نيويورك تايمز، القصة في تموز/يوليو 2009 مع الإشارة إلى أن الضفادع الحقيقية تتصرف بشكل مختلف.
دعا الصحفي جيمس فالوز الناس منذ عام 2006 إلى التوقف عن إعادة سرد القصة واصفًا إياها بالخرافة، ولكن بعد عمود كروغمان، قال جيمس إن استخدام القصة جيد طالما أشَرْت إلى أنها غير صحيحة بالمعنى الحرفي.
استُخدمت تجربة الضفدع المغلي في الفلسفة مثل وسيلة لتفسير مفارقة السوريت (أو مفارقة الكومة)؛ التي تصف كومة افتراضية من الرمال تُؤخذ منها حبة واحدة تلو الأخرى، والتساؤل يكون عما إذا كان هناك نقطة محددة تفقد بعدها كومة الرمال تعريفها.
اقرأ أيضًا:
مغالطة: تجربة السعادين الخمسة هي تجربة حقيقية
علم النفس البيولوجي أو علم النفس الحيوي
معيار قابلية التكذيب عند كارل بوبر
ترجمة: دانيا الدخيل
تدقيق: نغم رابي