ما هي المدن الذكية ومتى سيطبق هذا المفهوم؟
لابد أن العديد منا سمع بمصطلح المدن الذكية (Smart Cities)، ولكن ماهي المدن الذكية؟
متى سيطبق هذا المفهوم؟
ومن هي الجهات التي تساهم في جعل المدن الذكية حقيقة.
تشكل هذه النقاط المحاور الأساسية التي سنسعى في هذا المقال لتوضيحها.
ماهي المدن الذكية؟
هناك العديد من التعاريف المتعلقة بهذا المصطلح، ولكن بشكل عام جميعها يجمع على المفهوم التالي:
المدن الذكية هي المدن التي تستخدم حلول تكنولوجية مبتكرة بهدف تحسين مستوى الحياة والخدمات التي يتلقاها المواطنون والزوار.
تعتمد المدن الذكية بشكل أساسي على استخدام التكنولوجيا الخاصة بإنترنت الأشياء (Internet Of Things -IOT)، وذلك من أجل ربط المكونات المختلفة ضمنها وتشكيل شبكة، بحيث أن كل مكون ضمن هذه الشبكة يكون مسؤولًا عن استشعار وتجميع مجموعة محددة من البيانات.
وبذلك تصبح هذه المدن قادرة على جمع البيانات المختلفة من هذه الشبكة وبالتالي من أنحاء المدينة.
تشكل هذه البيانات التي يتم تجميعها من الشبكة، الأساس الذي يتم استخدامه في بناء حلول تكنولوجية مبتكرة لإدارة موارد وخدمات المدن مثل شبكة النقل، شبكة التزويد بالمياه، شبكة التزويد الكهرباء، الكراجات، ضبط الأمن، وخدمات إطفاء الحرائق وغيرها الكثير.
تسمح المبادرات والمشاريع التي تطلق في إطار تحويل المدن إلى مدن ذكية إلى تحسين مستوى الحياة وتوفير الوقت والتكاليف بالنسبة لمواطني المدينة وزوارها وفي تحسين أساليب الاستفادة من البنى التحتية والخدمات المقدمة لهم.
كذلك تساهم في مساعدة الدولة في توفير ما يمكن توفيره من تكاليف وموارد، وفي زيادة التواصل بين الحكومة والمواطنين. مما سينعكس بدوره في المساهمة في ضمان الاستمرارية في المستقبل.
كما أن هناك بعض المبادرات في إطار مفهوم المدن الذكية التي تساهم في حال تطبيقها في الحفاظ على البيئة.
ما هي أهمية المدن الذكية؟
حسب دراسة لمعهد ماكينزي العالمي (McKinsey Global Institute)، فإن أكثر 600 مدينة في العالم -من حيث سرعة النمو والتطور-ستكون مولدة لحوالي 60% من النمو الاقتصادي الدولي وذلك بين 2010-2025.
ولذا وحتى تضمن هذه المدن الوصول لهذا المستوى من النمو والحفاظ عليه، لابد لها من أن تستعد لمواجهة مشاكل ازدياد عدد السكان في المدن والتغيير المناخي، وذلك بإيجاد طرق تساهم بإدارة أفضل وأكثر كفاءة للموارد والبنى التحتية.
وترى العديد من الدول أن المبادرات والمشاريع التي تطبق في إطار مفهوم المدن الذكية، هي الحل لهذه المشاكل وهو الذي سيضمن نموها، والاستغلال الأمثل لمواردها وبناها التحتية وحل العديد من المشكلات وتوفير حياة أفضل للمواطنين والزوار مما سينعكس بدوره على كافة مناح المجتمع.
متى سيتم تطبيق مفهوم المدينة لذكية؟
في الحقيقة المدن الذكية حقيقة موجودة الآن، وتتطور يومًا بعد يوم.
حيث أن هناك العديد من المدن التي طبقت العديد من الحلول المبتكرة في إطار مفهوم المدن الذكية.
وللتوضيح فلا يوجد مدينة ذكية 100% حالياً ولكن هناك عدة مدن في العالم تطبق مبادرات ومشاريع في إطار مفهوم المدن الذكية، فهنالك دائماً ما يمكن عمله من تحسين خدمات واستغلال الموارد والبنى التحتية.
وهناك عدد من مراكز الأبحاث والجهات حول العالم التي يقوم كل منها بإصدار ترتيب للمدن حسب عدة مؤشرات خاصة بمدى تطبيقها للمبادرات والمشاريع ووضعها الخطط للقيام بمبادرات ضمن إطار مفهوم المدن الذكية.
ومنها مؤشر (Innovation Cities™ Index)، والذي بدأ منذ عام 2007 بنشر تقارير تتعلق بترتيب المدن اعتمادًا على تصنيف تطور المدن من حيث عدة نواحي، وقد تطور عبر السنين، ليتضمن دراسة 500 مدينة في العالم بناءاً على عدة مؤشرات للتطور يصل عددها إلى 162 مؤشرًا، وقد تم الاعتماد على نتائجه في هذا التقرير استنادًا على اعتماديته من قبل العديد من مراكز الأبحاث والصحف والمجلات العالمية بما يتعلق بمجال ترتيب المدن في إطار مفهوم المدن الذكية.
وبحسب التقرير الرسمي الخاص بالمؤشر والذي صدر لعام 2016-2017 فإن المدن العشر الأكثر تقدماً في مجال تطبيق أو تخطيط مبادرات وتطبيقات المدن الذكية هي:
- مدينة لندن عاصمة المملكة المتحدة؛
- مدينة نيويورك ضمن ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، بفارق نقطة واحدة عن لندن والتي توجت كأفضل المدن الذكية عن عام 2016 (Best Smart City 2016) وذلك ضمن فعاليات (The Smart City Expo World Congress) المنعقد في برشلونة؛
- مدينة طوكيو عاصمة اليابان؛
- مدينة سان فرانسيسكو ضمن ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية؛
- مدينة بوسطن ضمن ولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأميركية؛
- مدينة لوس أنجلوس ضمن ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية؛
- مدينة سنغافورة عاصمة سنغافورة؛
- مدينة تورنتو في كندا؛
- مدينة باريس عاصمة فرنسا؛
- مدينة فيينا عاصمة النمسا.
ولابد من الإشارة إلى أن هناك عدد من المدن العربية التي تم تصنيفها ضمن التقرير وفي مقدمتها مدينة دبي التي تحتل المرتبة 28 عالميًا، وبحسب تحليل التقرير نجد أن المدن العربية الثلاث الأكثر تقدمًا في هذا المجال هي:
- مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة (المركز 28 عالميًا)؛
- مدينة أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة (المركز 68 عالميًا)؛
- مدينة الدوحة في قطر (المركز 266 عالميًا)؛
وحسب تقرير نشرته شركة سيمينس (Siemens) في عام 2015. فإن حجم السوق الخاص بالمبادرات في إطار تطبيق المدن الذكية بلغ 575 مليار دولار في عام 2014، وبحسب التوقعات فإنه سيصل إلى 1240 مليار دولار في عام 2019.
علمًا أنه وبحسب التقرير فإن القارات الأكثر إنفاقًا في هذا المجال في عام 2004 هي آسيا وأميركا الشمالية والتي احتلت الصدارة بلا منازع من حيث حجم السوق في هذا المجال ويتوقع أن تستمر بذلك.
الجهات التي تجعل من المدن الذكية حقيقة
هنالك العديد من الجهات التي يمكن أن تساهم في جعل المدن الذكية حقيقة.
إذ تشكل حكومات الدول ورؤيتها الجهة الأهم في دعم وتحقيق المبادرات التي تساهم في التحول إلى مدن ذكية.
ويشارك في إطار ذلك القطاع الخاص في إطلاق وتطبيق مبادرات ومشاريع تساهم في دعم تطبيق هذا المفهوم.
كما قد تساهم المدارس والجامعات والمستشفيات في ذلك.
وقد أصبح هذا المجال مجالًا جديدًا للمنافسة بين شركات التكنولوجيا والاتصالات الرائدة، حيث تتسابق في تقديم حلول في مجالات متعددة تساهم في دعم تطبيق مفهوم المدن الذكية على مستوى العالم.
نذكر من هذه الشركات (Cisco-IBM-Intel-General Electric-Siemens-AT&T).
كما أن رواد الأعمال والحاضنات الداعمة لهم من الجهات الهامة في إطار التوجه نحو تعميق تطبيق هذا المفهوم، حيث أن العديد من الحكومات في دول العالم أصبحت توفر مساعدات خاصة لدعم رواد الأعمال لإيجاد حلول ريادية ومبتكرة في إطار مفهوم المدن الذكية.
كما أن هناك جمعيات عالمية مثل (TM Forum)، ذات دور ريادي فهي تحاول أن تدفع باتجاه إيجاد مدن ذكية حول العالم وتعمل مع الدول والشركات الأعضاء ضمنها على إيجاد حلول ومبادرات في إطار مفهوم المدن الذكية، كما تعمل على مشاركة ونقل التجارب في هذا الإطار.
إعداد: ريما الجوهري
تدقيق: جعفر الجزيري