تُحمَل معظم الشحنة الكهربائية بواسطة الإلكترونات و البروتونات داخل الذرة. يُقال أن الإلكترونات تحمل شحنةً سالبةً بينما تحمل البروتونات شحنةً موجبةً. ووفقًا لموقع جامعة جورجيا “HyperPhysics” تجذب البروتونات والإلكترونات بعضها البعض، فكما يُقال “الأضداد تتجاذب”. وعلى العكس تصد البروتونات بعضها البعض، كما أن الإلكترونات تصد بعضها بعضًا.
تُنشئ البروتونات والإلكترونات حقولًا كهربائية تبذل قوةً تسمى قوة كولوم، تنتشر هذه القوة للخارج في جميع الاتجاهات. ووفقًا لسيف أوران أستاذ الفيزياء بجامعة ولاية بيتسبيرج، يشبه انتشار الحقل الكهربائي الخارج من جسيم مشحون انتشار أشعة الضوء الخارجة من مصباح كهربائي. وكما هو الحال مع سطوع الضوء، تقل قوة المجال الكهربائي بالتناسب مع مربع المسافة من المصدر (1 / r أس 2 ). فإذا ابتعدنا ضعف المسافة عن المصدر تقل شدة الحقل إلى الربع، وإذا ابتعدنا ثلاثة أضعاف المسافة تقل شدة الحقل إلى التسع.
وبما أن البروتونات محصورة في النواة الموجودة داخل الذرات، فهي ليست حرة في حركتها مثل الإلكترونات. لذلك عند التحدث عن الشحنة الكهربائية فإننا نعني دائمًا وجود فائض أو نقص في الإلكترونات، أي أن التيار الكهربائي ينشأ نتيجة عدم وجود توازن في الشحنات إذ تتمكن الإلكترونات من التدفق.
يؤدي النقص أو الفائض الموضعي والمستمر من الإلكترونات في جسم ما إلى توليد الكهرباء الساكنة. يستطيع التيار اتخاذ شكل تفريغ مفاجئ للكهرباء الساكنة مثل صاعقة برق أو شرارة بين إصبعك ولوحة مفاتيح الإضاءة، أو التدفق المستمر لـِ(التيار المستمر – direct current) (DC) من بطارية أو خلية شمسية، أو أن يكون على هيئة تيار متردد كالتيار الناشئ في مولد التيار المتردد أو جهاز إرسال راديو أو مكبر صوت.
كون كهربائي
وفقًا لمايكل دوبسون أستاذ الفيزياء بجامعة كولورادو بولدر، لا يمكننا الشعور بالشحنات الكهربائية من حولنا لأن معظم الأجسام تحتوي على كميات متساوية من الشحنات الموجبة والسالبة التي تعادل بعضها البعض، ويُعتقد من ذلك المنطلق أن الشحنة الصافية للكون محايدة.
وقال دوبسون لـِ”Live science”: «إذا اختلفت نسبة الشحنة الموجبة إلى الشحنة السالبة للكون بعامل 10 الأس (40-) فقط، لكانت قوة كولوم أقوى من قوة الجاذبية، ما سيكون كفيلًا بتغيير هيئة الكون الذي نلاحظه الآن تمامًا». ومع ذلك، تكهن بعض الباحثين مثل مايكل دورن من جامعة جوستوس ليبيج جيسن في ألمانيا بإمكانية وجود كون مشحون كهربائيًا.
البحوث الكهربائية المبكرة
استُنبط مفهوم الشحنة الموجبة والسالبة من قِبل رجل الدولة الأمريكي والمخترع بنجامين فرانكلين، الذي بدأ دراسة الكهرباء في عام 1742. وحتى ذلك الحين اعتقد معظم الناس أن الظواهر الكهربائية نتجت عن خلط سائلين من السوائل الكهربائية المختلفة، أحدها موجب والآخر سالب.
اقتنع فرانكلين بأن هناك سائلًا كهربائيًا واحدًا وأن الأجسام قد تمتلك فائضًا أو نقصًا في هذا السائل. لذلك وفقًا لجامعة أريزونا، اخترع فرانكلين مصطلحي الموجب والسالب لتعيين الفائض أو النقص على التوالي.
وحدة قياس الشحنة الكهربائية هي الكولوم، نسبةً لتشارلز أوغسطين كولوم عالم فيزياء فرنسي من القرن الثامن عشر. وضع كولوم القانون الذي ينص على أن “الشحنات المتشابهة تتنافر والشحنات المختلفة تتجاذب”.
ويُعرف الكولوم بأنه مقدار الشحنة المنقولة بواسطة تيار قدره واحد أمبير لمدة ثانية واحدة. قد تبدو كميةً صغيرة، ولكن وفقًا لـِ “HyperPhysics”: «تتنافر شحنتان مقدار كل منهما كولوم واحد، مفصولتان عن بعضهما مسافة متر بقوة تبلغ حوالي مليون طن!». يفضل المهندسون الكهربائيون استخدام وحدة أكبر للتعبير عن مقدار الشحنة وهي أمبير /ساعة، وهي تساوي 3600 كولوم.
قوة كولوم وقوة الجاذبية هما القوتان الرئيسيتان اللتان يمكن ملاحظتهما على النطاق المجهري. وبالرغم من هذا يتضح أن قوة كولوم أقوى بكثير من قوة الجاذبية. فقوة التنافر الكهربائي بين اثنين من البروتونات بسبب شحنتهما أقوى بـِ4.1 × 10 الأس 42 مرة من قوة الجاذبية الجاذبة بينهما بسبب كتلتهما. يصِح ذلك على أي مسافة إذ أن المسافة تُلغى على جانبي المعادلة.
إنه رقم كبير! تُشبه مقارنة حجم القوتين مقارنة كتلة الأرض بكتلة جزيء واحد من البنسلين! ولكن لا تزال الجاذبية مهيمنةً على الكون على النطاق الأوسع، إذ أنه وبعكس الشحنات يمكن تجميع كمية ضخمة من الكتلة، ولا ينطبق ذلك على الجسيمات المشحونة بسبب تنافرها المتبادل وتعادلها المستمر.
خصائص الشحنة الكهربائية
للشحنة الكهربائية كمية مقدرة، أي أنها تتزايد بمقدار وحدات ثابتة. تحمل البروتونات والإلكترونات شحنةً تقدر بـِ1.602 × 10 الأس (19-) كولوم، وكل زيادة للشحنة هي مضاعف لهذا الرقم، ولا يمكن وجود جزء من الشحنة. تنص الديناميكا اللونية الكمومية على أن البروتونات والنيوترونات تتكون من ثلاثة كواركات بشحنات (2+/3) أو (1−/3) من شحنة البروتون الثابتة، ويتحد اثنان من أحدهما وواحد من الآخر لتشكيل جسيمات تُقدر شحنتها بصفر أو (1+) وحدة شحنة.
لا يمكن وجود هذه الجزيئات بشكل منفصل. يتطلب تقسيم بروتون أو نيوترون إلى كواركاته الكثير من الطاقة، تتحول هذه الطاقة إلى مادة وفقًا لمعادلة آينشتاين الشهيرة E=mc^2 وبدلاً من الحصول على كوارك واحد ينتهي بك الأمر بزوج متعادل الشحنة من الكوارك المطلوب وكوارك مضاد له، يسمى هذا الزوج بالميزون. وتُعتبر الإلكترونات جسيمات أساسية لا يمكن تقسيمها إلى أجزاء أصغر.
تُعد الشحنة الكهربائية كميةً محفوظة، أي لا يمكن إنشاؤها أو إتلافها، كما أن صافي كمية الشحنة الكهربائية في الكون ثابت ولا يتغير. يمكن أن تعادل الشحنات الموجبة والسالبة بعضها البعض، أو أن تنفصل الجزيئات المتعادلة لتشكل أزواجًا من الجسيمات المشحونة، ولكن تظل القيمة الصافية للشحنة دائمًا كما هي.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: رتاج إبراهيم
تدقيق: حسام التهامي