هل تساءلت يومًا، كيف يكسب رافعو الأثقال الكتلة العضلية الضخمة هذه؟ في حين يحصل عليها بعضهم بفضل اتباع نظام صارم من التدريبات والحمية الغذائية، يحصل عليها بعضهم الآخر بالاستعمال غير الشرعي للستيرويدات الابتنائية.
الستيرويدات مواد مصنعة مشابهة لهرمون التستوستيرون (وهو هرمون الذكورة الطبيعي عند الثدييات). تستعمل هذه العقاقير لأغراض طبية، ويصفها الأطباء أحيانًا لعلاج نوع معين من الأنيميا «فقر الدم»، ولبعض الذكور غير القادرين على إنتاج التستوستيرون طبيعيًا في أجسامهم.
يصف الأطباء أنواعًا مختلفة من الستيرويدات، كالكورتيكوستيرويدات (الستيرويدات القشرانية السكرية) لتخفيف التورم، والجدير بالذكر، أن الكورتيكوستيرويدات لا تُعد ستيرويدات ابتنائية، لذا فإنها لا تحمل الآثار الضارة نفسها.
لا يصف الأطباء الستيرويدات الابتنائية للناس الأصحاء من أجل بناء بنية عضلية، ويعَد استعمالها غير شرعي دون وصفة طبية.
يوجد أنواع مختلفة من الستيرويدات، ومن أشهرها الستيرويدات الابتنائية، وهي: أنادرول، اكساندرين، ديانابول، وينسترول، ديكادروبالين، والكويبويز.
ما الأسماء الشائعة -غير العلمية- للستيرويدات الابتنائية؟
يصعب حصر الكلمات العامية التي تشير للستيرويدات الابتنائية، عمومًا يطلقون عليها ستيرويدات، وبعضهم يطلقون عليها اسم هرمونات.
الاسم العلمي لهذا النوع من العقاقير هو الستيرويدات الابتنائية الأندروجينية. تشير كلمة الابتنائية «إلى عملية بناء العضلات»، أما كلمة «أندروجينية» فتشير إلى زيادة في الصفات -أو الخصائص- الذكورية، ولكن في النهاية اختصرها العلماء أيضًا فأطلقوا عليها اسم «ستيرويدات ابتنائية».
كيفية استعمال الستيرويدات الابتنائية:
يستعمل بعضهم الستيرويدات على صورة أقراص، بينما يستعمل بعضهم الآخر الحقن، لإيصال العقار مباشرة إلى العضلة.
يعَد من يتعاطى هذا العقار -من أكثر من نوع دواء واحد- مرارًا وتكرارًا مدمنًا. ويُعرف المدمنون بأنهم يأخذون جرعات تتراوح بين 10 و100 ضعف من الجرعات الطبية الموصوفة لأسباب طبية.
يستخدم العديد من مستهلكي الستيرويدات نوعين أو أكثر منها بالتزامن، وهذه الطريقة تساعدهم على كسب كتلة عضلية بسرعة.
قد يلجأ بعض المستخدمين إلى الطريقة الهرمية «على حد زعمهم»، فيأخذون العقار مدة (6 – 12) أسبوع، إذ يبدؤون بجرعات منخفضة، ويزيدونها تدريجيًا ببطء، وفي منتصف العلاج، تُخفض الجرعة تدريجيًا، ولكن لا يوجد أدلة علمية تثبت فعالية هذه الطريقة.
استخدام المراهقين للستيرويدات الابتنائية:
معظم المراهقين أذكياء يبتعدون عن استعمال الستيرويدات، فحسب دراسة أجرتها NIDA في عام 2002، استطلعت آراء المراهقين: هل استعملوا الستيرويدات الابتنائية ولو مرة واحدة؟ كانت النتائج كما يلي:
- 2.5% من طلاب المرحلة الإعدادية.
- 2.5% من طلاب المرحلة الأولى الثانوية.
- 4% من طلاب الثانوية العامة.
الآثار الجانبية الشائعة لتناول الستيرويدات الابتنائية:
رغم أن الستيرويدات الابتنائية تزيد الكتلة العضلية وتضخم شكل العضلات (كالعضلة ذات الرأسين)، فإن هذا التأثير ظاهري فقط، وعلاوةً على ذلك، فإنها محفوفة بالمخاطر الصحية الباطنية.
قد يسبب تناول الستيرويدات:
- ظهور البثور وتساقط الشعر.
- اختلال في التوازن الهرموني. وعند المراهقين، يعد الحفاظ على التوازن الهرموني أمرًا في غاية الأهمية، فالهرمونات مسؤولة عن تطوير الصفات الأنثوية للإناث، والصفات الذكورية للذكور، وعندما يسيء أحدهم استعمال الستيرويدات، ستظهر عليه ملامح الخلط الجنسي (كالشعرانية ونمو اللحية لدى الأناث وصغر في حجم الثديين وخشونة الصوت، وظهور التثدي لدى الذكور، وتقليل حجم الخصيتين).
- الصلع لدى الذكور والإناث، واجتياح حب الشباب وزيادة دهنية الجلد، لأن الستيرويدات الابتنائية منشطة للغدد الدهنية في الجلد.
- نمو الخلايا السرطانية في الكبد، ونقص عمر الكبد.
- انسدادات قلبية.
- السلوك العدواني والهياج. وبعبارة أخرى، فإن استعمال الستيرويدات الابتنائية يجعلك خارجًا عن السيطرة!
خطر توقف النمو عند المراهقين:
عندما يسيء المراهقون والذين لم يتموا البلوغ استخدام الستيرويدات، فإنهم لن يصلوا إلى الطول الافتراضي عند بلوغهم. ولكن، لماذا؟
لأن الجسم مبرمج على أن يوقف النمو بعد الوصول إلى البلوغ، وعندما تصل مستويات الهرمونات إلى مرحلة معينة، سيعتقد جسمك أن البلوغ قد تم فعلًا، ولهذا تتلقى العظام أمرًا بتوقف النمو مبكرًا جدًا.
إساءة استخدام الستيرويدات الابتنائية قد تكون قاتلة!:
عندما تدخل الستيرويدات الابتنائية إلى الجسم، فإنها تستهدف العضلات ومناطق مختلفة من الجسم، محفزةً خلايا الفرد على صنع البروتين. وهنا تكمن المشكلة.
في الكبد مثلًا، يُحتمل أن تنمو خلايا ورمية قد تتطور إلى سرطانات، وقد يتعرض المستخدمون له -نادرًا- إلى الفرفرية الكبدية (وهي تجاويف مملوءة بالدم ضمن نسيج الكبد)، ومن مضاعفات الأورام والتكيسات حدوث النزيف الداخلي.
عند إساءة استخدام الستيرويدات، قد يتعرض الأفراد إلى السكتات والنوبات القلبية حتى عند لاعبي كمال الأجسام اليافعين.
قد يقود استعمال هذه المركبات إلى حدوث العصيدة الشريانية (تصلب الشرايين)، وتتمثل بتكدس الشحوم في طبقة البطانة الداخلية للشرايين، فتسد جريان الدم للقلب، ما يؤدي إلى حدوث النوبات القلبية، وفي حال كان طريق الدم مسدودًا باتجاه الدماغ، تحدث السكتة الدماغية.
لا يقتصر استخدام الستيرويدات الابتنائية على تطور الأمراض القلبية الوعائية فحسب، بل إن استعمال الستيرويدات الابتنائية قادر على إضعاف الجهاز المناعي؛ ما يعني أن دخول البكتريا والعوامل الممرضة إلى الجسم سيكون سهلًا. وعلى الجانب الآخر، يتعرض المراهقين الذين يأخذون الستيرويدات الابتنائية بالحقن إلى احتمالية العدوى بالأمراض السارية، كفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب HIV، والتهابات الكبد الفيروسية B وC، وذلك لأن بعضهم يستعمل إبرًا غير معقمة.
الستيرويدات الابتنائية والتغيرات المزاجية الحادة
قد تعبث الستيرويدات الابتنائية بالحالة العقلية والمزاجية، مؤدية إلى العصبية المفرطة بسبب تأثير الستيرويدات على الدماغ، ما يجعل بعض المسالمين أكثر عدوانية، وقد يرتكبون جرائم تحت تأثير هذه المواد الهرمونية الصناعية. وقد تؤدي الستيرويدات الابتنائية إلى اكتئاب خفيف؛ لأنها تؤثر في الجهاز الحوفي النطاقي، وهو المسؤول عن توازن المشاعر والمزاج. وفي النهاية، قد تسبب الستيرويدات الابتنائية الهلوسة والأوهام والسلوك العنيف أو العدواني.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: طارق محمد
تدقيق: تسنيم الطيبي
مراجعة: حسين جرود