يبدو أنّ ثورة (البلوكتشين – blockchain) تجري على قدم وساق، فخلال عامٍ واحدٍ فقط، ازداد عدد طلبات البحث في غوغل لكلمة “blockchain” بنسبة 250%.
كما أجرى مجلس الشيوخ الأمريكي مؤخرًا نقاشًا عامًا حول تطبيق البلوكتشين الأكثر بروزًا، (العملات المشفرة – cryptocurrency).
وأضافت عدّة هيئات عامة كلمة بلوكتشين إلى اسم الشركة.
إذن ما السبب وراء كلّ هذه الضجّة؟ ما هي البلوكتشين و كيف ستستفيد الشركات منها؟
ما هي البلوكتشين؟
بعبارات بسيطة، يمكن وصف البلوكتشين كدفتر حسابات يمكنك فقط إضافة المعلومات له.
أيّ أنّه بإمكانك كتابة معلومات جديدة في هذه الدفتر، ولكنّ المعلومات السابقة – المخزنة في كتل – لا يمكن تحريرها أو تعديلها أو تغييرها.
يتحقق هذا بربط محتويات الكتلة المضافة حديثًا بكل كتلة قبلها باستخدام التشفير، بحيث يؤدي أيّ تغيير في محتويات كتلة سابقة في السلسلة إلى إبطال البيانات في كل الكتل بعدها.
البلوكتشين تعتمد على الإجماع، إذ يتّصل عدد كبير من الحواسيب بالشبكة، وللحد من قدرة أيّ مهاجم على إضافة معاملات على الشبكة بشكل ضار، يجب على الحواسيب التّي تريد الإضافة للشبكة أن تتنافس على حل مسألة رياضيّة.
يتمّ مشاركة النتائج مع جميع أجهزة الكمبيوتر الأخرى على الشبكة، إذ يتوجب على جميع أجهزة الكمبيوتر -أو العُقَد المرتبطة بهذه الشبكة- الموافقة على الحلّ، ومن هنا يأتي “الإجماع”.
هذا أيضًا يجعل إضافة البيانات إلى دفتر المعاملات لا مركزيًا.
أيّ، لا يمكن لأيّ كيان واحد السيطرة على المعلومات المتواجدة على البلوكتشين، وبالتالي، وبما أنّنا نعتمد على موافقة العديد من الكيانات، لسنا بحاجة للوثوق بكيانٍ واحد.
إنّ جمال هذا النظام يتمثّل بإمكانيّة نشر المعاملات المسجّلة في السلسلة (البلوكتشين) والتحقق منها علنًا، بحيث يمكن لأيّ شخص عرض محتويات البلوكتشين والتحقق من أنّ الأحداث التّي سُجِّلَت قد تمّت بالفعل في الواقع.
تلخيصًا لما سبق، البلوكتشين هي:
- دفاتر معاملات
- غير قابلة للتغيير
- معتمدة على الإجماع
- لا مركزيّة
- غير معتمدة على الثقة
- محميّة بواسطة التشفير
- يمكن جعلها علنيّة
ماذا تستفيد الشركات؟
قبل ظهور البلوكتشين، لم تكن هناك طريقة لتأمين الملكيّة والتحقق من صحتها في الأصول – (الممتلكات الرقمية – digital asset) – أو التحقّق من التحويلات (المعاملات الماليّة) بطريقة عامّة لا تعتمد على الثقة.
على سبيل المثال، استخدام ترخيص برنامج ما للتمكن من الوصول إليه، مثل مايكروسوفت وورد.
لتأكيد حقّ المستخدم في استخدام البرنامج، يجب التحقق من ذلك بواسطة خادم مركزيّ تديره مايكروسوفت، وقد تمنع مايكروسوفت المستخدم من الوصول إلى البرنامج أو أنّها قد تنقل تلك الأذونات إلى مستخدمٍ آخر، إذا أرادت.
بينما نعتبر مايكروسوفت كيانًا موثوقًا به، يزداد خطر القيام بسلوك غير المشروع عند التعامل مع طرفٍ غير موثوق به.
ولعلّ المثال الأفضل هو امتلاك أصل ذي قيمة أعلى من المثال السابق، مثل حصّة كبيرة في شركة أو أصول رقميّة قيّمة، مثل عمل فني رقميّ.
لِنَقْل أسهم الملكيّة في شركة، يتطلب النظام الحاليّ الكثير من المعاملات الورقيّة بالإضافة لمحامٍ، أو كيانٍ مركزيّ موثوق مثل بورصة نيويورك.
ماذا عن نقل أصل رقميّ مثل قطعة فنيّة؟ كيف تمنع الأفراد من نسخ الملف الرقميّ وإرسال نسخ لأشخاص آخرين؟
إذا لم تكن هناك طريقة للتحقق بشكلٍ علنيّ من تحويل أصل واحد إلى كيان واحد، فلا توجد طريقة لفرض الملكيّة أو المصداقيّة.
هذا هو السبب وراء كون قيمة العمل الفنيّ دائمًا ما تكون في شكله الماديّ.
تُعتَبَر البلوكتشين أوّل تقنية تمكّننا من نقل الملكيّة الرقميّة بطريقة لا مركزيّة وبشكلٍ لا يعتمد على الثقة.
في الواقع، هناك شركات مثل “Polymath” والتّي تعمل على إحداثِ تغييرٍ من خلال إنشاء عملات رقميّة بإمكانها أن تمثّل الملكيّة في شركة، الأمر الذّي بإمكانه إحداث تغييرٍ هائلٍ في عالم الفنّ الرقميّ من خلال السماح بالملكيّة على البلوكتشين.
في حين أنّه من المؤكد أنّ التقنيات والمنصّات الداعمة للبلوكتشين ستطوّر حتمًا، فإنّه للإجابة على السؤال حول أيّ من الشركات ستستفيد من استخدامه في البداية، علينا التطرّق للشركات التّي تمتلك السمات التالية:
- تعتمد على المعاملات
- تستفيد من تدقيق العامة
- عدم إمكانيّة إعادة كتابة التاريخ تعود عليها بالفائدة
- يستفيد فيها المستخدم النهائيّ أو الزبون من تطبيق اللامركزيّة
- ثوريّ ولكنّ محدود
- ترجمة: مهران يوسف
- تدقيق: آية فحماوي
- تحرير: صهيب الأغبري
- المصدر
من السهل الانسياق في ضجة إحدى التقنيات الجديدة الأسرع نموًا. ولكنّ من المهم أن نفهم أنّ للبلوكتشين حدودها العمليّة.
إذ قد لا تكون بديلًا مناسبًا في التطبيقات التّي تحتاج إلى المركزيّة (أو على الأقل عندما لا تكون هناك فائدة من اللّامركزية) أو حيث تكون هناك حاجة إلى سهولة وسرعة الحركة.
مثال جيد لمكان قد تعقّد البلوكتشين الأمور فيه بدون إضافة أيّ قيمة هو السجلات الطبيّة.
بما أنّ خصوصيّة المعلومات محميّة بموجب اللوائح الفيدراليّة، فإنّ إتاحتها للجمهور قد لا تكون بالضرورة أمرًا جيدًا.
الطريقة الوحيدة لجعل أمر كهذا مفيدًا هي تشفير المعلومات، ثمّ تخزين مفاتيح فكّ التشفير على كيانات مركزيّة لتمكين للعُقد الأخرى من قراءة البيانات المشفّرة.
ولكنّ هذا يتطلب أن تكون بضعة أطراف محددة فقط قادرة على قراءة وكتابة البيانات المشفّرة.
وبالتالي، نحتاج إلى إدارة مركزيّة تتحكم في ترخيص هذه المعلومات للتأكد من أنّ الجهات السيئة لا تملك القدرة على سرقة السجلات الطبيّة الخاصة بشخص ما.
أيضًا، قد يكون من المستحيل تغيير المعلومات الخاطئة والتّي إُضيفَت إلى السلسلة.
لا شك أنّ التكنولوجيا الداعمة للبلوكتشين ستتطور بسرعة، وكذلك إمكانيّة التطبيقات التّي تعتمد عليها.
ومع نموّها سوف يزداد وعي المستهلك لفوائد البلوكتشين.
يمكن للشركات – التّي تعتقد أنّها قد تكون قادرة على إضافة قيمة من خلال دمج هذه التكنولوجيا في منتجاتها أو خدماتها -الاستفادة من مجتمع متنامٍ من مهندسي البلوكتشين، سواء كانوا يعملون بشكلٍ حر أو من خلال وكالة بلوكتشين مهنيّة.
وكما هو الحال مع أيّ صناعة ناشئة، ستكون المواهب شحيحة في البداية، ولكنّ مع تطور النظام، نأمل أن يزيد الطلب لدعمه.