الاقتصاد هو الدراسة العلمية للملكية والفائدة وتبادل الموارد النادرة (غالبًا ما يُختصر في علم النُدرة). يُعتبر الاقتصاد علمًا اجتماعيًا؛ لأنه يستخدم أسلوبًا علميًا لبناء النظريات التي توضح سلوك الأفراد والمجموعات والمنظمات. ظهرت محاولات توضح السلوك الاقتصادي عند تبادل الموارد النادرة.
من ناحية المنهجية، يُعتبر علماء الاقتصاد كغيرهم من العلماء الاجتماعيين، غير قادرين على القيام بتجارب يمكن التحكم بها كما يفعل علماء الكيمياء والأحياء. من هنا، يجب على علماء الاقتصاد أن يوظفوا الطرق المختلفة، التي تعتمد في الأصل على الملاحظة والاستنتاج وتفسير النماذج المجردة.
كما تطورت العلوم الاجتماعية خلال آخر 100 عام وأصبحت متخصصةً بشكل متزايد، تطور الاقتصاد، إذ شهد تطور الكثير من خيوط التحقيق التي تشمل الاقتصاد الكلي والجزئي، والاقتصاد البحت والتطبيقي، والاقتصاد الصناعي والمالي. ما يربط بينهم هو المحاولة لفهم كيف يحدث التبادل ولماذا؟ وكيف يخلق التبادل المنفعة والتكلفة للمشاركين؟
دراسة الاقتصاد
تتضمن دراسة الاقتصاد ثلاثة أسئلة مترابطة:
- لماذا تُبدل الموارد النادرة؟
- كيف يتصرف المستهلك والمنتج عند تفاعلهما مع بعضهما داخل سوق العمل، مع محاولتهما تحقيق المنفعة المتبادلة؟
- ما هو دور الحكومة في التعويض عن محدودية قوة السوق في تحقيق تبادل يفيد الطرفين بشكل عادل؟
الأساليب التي يستخدمها علماء الاقتصاد
يستخدم علماء الاقتصاد في أبحاثهم الملاحظة العلمية والاستنتاج. ولتحقيق ذلك يقومون بما يلي:
وصف عمليات التبادل التي يلاحظونها وقياسها
يصف علماء الاقتصاد التغيرات التي تحدث في المتغيرات الاقتصادية، ويقيسون هذه التغيرات بمرور الوقت. فمثلًا، يوضح علماء الاقتصاد كيف يحدد التفاعل في الأسواق أسعار المنتجات المختلفة مثل: السيارات والمنازل وقصات الشعر وبرامج الكمبيوتر. يمكن لمقاييس الاقتصاد أن تأخذ أشكالًا كثيرة تتضمن قياس الكميات والقيم المطلقة والنسبية. ومن الشائع استخدام الأرقام القياسية Index Numbers عند قياس القيم النسبية.
توضيح كيف تنشأ التفاعلات، ووضع التكاليف والفوائد
يحاول علماء الاقتصاد توضيح آثار العمليات الاقتصادية أو نتائجها. فمثلًا، يوضحون سبب تصاعد أسعار المنازل في المملكة المتحدة خلال آخر 30 عامًا، رغم الفقاعات الاقتصادية والانهيارات، وأيضًا يستطيعون تحديد الذين تأثروا سلبًا أو إيجابًا بهذه الزيادة. وبالطبع يحاول علماء الاقتصاد توضيح الحركات قصيرة الأجل للأسعار، وقيمة فوائدها وتكاليفها.
اقتراح الفرضيات وإنشاء النماذج وتطبيقها لاختبار هذه الفرضيات
يطور علماء الاقتصاد الفرضيات مثل غيرهم من العلماء؛ ليوضحوا لماذا يحدث السلوك الاقتصادي؟ ثم ينشئون النماذج ليختبروا هذه الفرضيات. فمثلًا، يفترضون أن ارتفاع الأسعار يحدث بسبب زيادة الطلب، ثم ينشئون نموذجًا للسعر يوضح تأثير زيادة الطلب على ارتفاع السعر. يستخدم علماء الاقتصاد كثيرًا نسخًا لنماذج العرض والطلب؛ لتساعدهم في توضيح أحداث معينة مثل تقلبات أسعار المنازل. عادةً ما تستخدم النماذج الاقتصادية التحاليل البيانية والحسابية؛ وذلك لتوضح هذه العمليات الاقتصادية.
جمع البيانات لوضعها في النموذج
يجب أن تُختبر النماذج تجاه العالم الواقعي، ما يعني جمع البيانات الإحصائية عن الأحداث الحقيقية. يمكن بهذه الطريقة للنموذج أن يُطور ويُراجع عند الضرورة.
التنبؤ بسلوك مبني على هذه النماذج
يُعتبر أقصى هدف للاقتصادي هو التنبؤ بسلوك مستقبلي. فمثلًا، باستخدام نماذج العرض والطلب وبإدخال بيانات حقيقية عن سوق العقارات، يستطيع علماء الاقتصاد إظهار أن خطأً صغيرًا في الإقراض المصرفي يمكن أن يتسبب فى سلوك يؤدي إلى انهيار خطير في أسعار المنازل على المدى القصير.
تكمن أقصى قيمة للنموذج الاقتصادي بتمكنه -وبدقة- من التنبؤ ببداية الحدث الاقتصادي وتأثيره. كلما كان النموذج أفضل، كان أكثر فائدةً في مساعدة الاقتصاديين لعمل التنبؤات.
يفترض علماء الاقتصاد أن الأحداث والظواهر الاقتصادية لا تحدث عشوائيًا، ولكن تحددها أسباب كامنة ومفهومة.
على عكس العلماء التجريديين، لا يستطيع علماء الاقتصاد السيطرة على تجاربهم، لذلك يجب أن يختبروا نماذجهم بوسائل مختلفة. يمكن للتحليل الإحصائي للبيانات الاقتصادية الواقعية أن يقدم تيارًا من المعلومات التي تُبنى من خلالها النماذج وتُختبر الفرضيات. فمثلًا، بتجميع البيانات التي تخص زيادة أسعار المنازل يمكن استنتاج العوامل التي تسبب زيادة أسعار المنازل أو نقصها، وبأي ثمن.
يستخدم علماء الاقتصاد الأرقام القياسية؛ لتساعدهم في عمل مقارنات بين الدول بمرور الوقت. يمكن لتحليل العلاقات المترابطة أن يساعد في تحديد قوة علاقات سببية محددة، إذ يمكن تحديد العلاقات القوية والضعيفة. على سبيل المثال-وقد يمكن إثبات ذلك-: يُعتبر انخفاض توافر الائتمان العامل الوحيد الأكبر من بين جميع العوامل التي ساهمت في انخفاض أسعار المنازل.
دور الاقتصادي المحترف
يطبق الاقتصادي المحترف مهاراته في الوصف والتحليل وبناء النماذج والتنبؤ لتوليد المعرفة، ومن خلال ذلك، يقدم نصيحة للقطاعات الخاصة والحكومة والمنظمات الأخرى.
يقدم المعرفة
أول وظيفة للاقتصادي: هي تقديم معلومات-تُسمى بالذكاء الاقتصادي- منها تُصنع القرارات. تحتاج الشركات لاتخاذ الكثير من القرارات وذلك لتنجح وتنجو، ولكن تحف المخاطر كل قرار. يستطيع الاقتصادي المحترف تقليل هذه المخاطر بتجميع الذكاء الاقتصادي وتحليله. يكون الذكاء الاقتصادي مفيدًا عندما يُوضع داخل نموذج اقتصادي، ثم يُطبق على القرارات التي يجب اتخاذها.
الوظيفة الثانية للاقتصادي المحترف: هي تفسير البيانات المجموعة وتقديم المشورة لأصحاب الشركات والمنظمات والحكومات عن الأسعار والفوائد المحتملة من القرارات التي أُخذت.
يعطي الاقتصادي دائمًا تقديرًا لقيمة الاقتراحات الأخرى التي يمكن اختيارها عند تقديم المشورة. فمثلًا، يمكن لمعمل تكرير البترول وتجار التجزئة أن يواجهوا ارتفاعًا كبيرًا في أسعار البترول الخام، فهل يجب الآن رفع سعره؟ بعد تقييم جميع خيارات التسعير -مع الأخذ في الاعتبار احتمال استجابة المنافسين- يمكن أن ينصح كبير الاقتصاديين في الشركة ببقاء السعر ثابتًا (ربما تكون هذه أقل إجابة سليمة).
الاقتصاد الموضوعي والمعياري positive and normative economics
كعلم اجتماعي، يحاول علماء الاقتصاد استخدام مبادئ العلم وأساليبه لتفسير السلوك الاقتصادي. يتضمن هذا إنشاء عبارة موضوعية عن عالم الاقتصاد.
تُعتبر العبارات الموضوعية عبارات واقعية يمكن التحقق منها مثل: «انخفضت أسعار المنازل بنسبة 15% خلال العام الماضي».
على النقيض، تعتمد العبارات المعيارية على الرأي والحكم التقديري، كالعبارات التي تُشير إلى أن شيئا يجب أن يحدث أو كوصف شيء بأنه «غير مُنصف».
مثلًا: «الانخفاض الأخير في أسعار المنازل غير مُنصف للأغنياء». لا يمكن لهذه العبارة أن تُحلَّل؛ لأنها غير قائمة على أي شيء قابل للاختبار. لو وُجد تعريف للعدل بشكل قابل للقياس ومتفق عليه، لأُمكن اختبار تأثير التغيير في أسعار المنازل على الفئة التي تعاني من هذا الحدث (فئة الأغنياء) على درجة من الإنصاف. وبالتالي تُعتبر هذه العبارة معياريةً؛ لأنه لا يمكن التحقق منها، ولأنها تعتمد على رأي بدلًا من الحقائق الواقعية.
قانون بقاء العوامل الأخرى ثابتة ceteris paribus rule
الاقتصاد: علم اجتماعي-على عكس العلوم المادية- لا يمكن الانخراط في السيطرة على تجاربه لإثبات كيفية ترابط المتغيرات.
في العالم الحقيقي، تتغير المتغيرات الاقتصادية -مثل الأسعار والدخل- باستمرار، وذلك يخلق مشكلةً في إثبات العلاقة بين المتغيرات. مثلاً، يُحتمل أن يؤدي الانخفاض في الأسعار إلى زيادة في طلب المستهلك مع افتراض ثبات باقي العوامل.
بالطبع، لأسباب مستقلة، يمكن للدخل أن ينخفض عند انعدام زيادة الطلب. يمكن أن يواجه انخفاض الأسعار بهبوط في الدخل. يُستخدم قانون بقاء العوامل الأخرى ثابتةً عند محاولة إثبات العلاقة بين المتغيرات الاقتصادية.
ترجمة شولميث ابانوب – تدقيق محمد قباني – مراجعة تسنيم الطيبي