يبدو أنّ البشر يتفوّقون في ذروتهم على العديد من الخوارزميات الحاسوبية في خلق أنماط عشوائية.
وُفقا لدراسة نشرت في صحيفة PLoS))، إنّ مقدرة الناس على اتخاذ قرارات عشوائية أو محاكاة عملية عشوائية -كمتابعة النتائج الافتراضية لسلسلة من رميات قطعة النقود- بلغَت ذُروَتَها في سنّ الخامسة والعشرين، ويعتقد العلماء أنّ القدرة على التصرف بطريقة تبدو عشوائية، تنشأ من بعض أكثر العمليّات الإدراكية تطورًا عندَ البشر، وربّما ترتبط بمقدرات أخرى، كالإبداع البشري.
كما أظهرَت دراسات سابقة أنّ التقدم بالسن يضعِف قدرة الشخص على السلوك العشوائي.
على أية حال، كان من غير الواضح كيف تتطور هذه القدرة خلال حياة الشخص، ولم يكن هناك إمكانية لتقييم الطرق التي ربما يتصرّف بها البشر بعشوائية من خلال اختبارات إحصائيّة بسيطة.
من أجل الفهم الجيد لتأثير العمر على السلوك العشوائي، قام نيكولاس غوفريت Nicolas Gauvrit)) وزملاؤه في مجموعة الطبيعة الخوارزمية والعاملين للعلوم الطبيعية والرقمية في باريس بتقييم أكثر من 3,400 شخص تتراوح أعمارهم من 4 إلى 91 سنة.
قام كل مشارك بتنفيذ سلسلة من المهام التي قيّمت قدرَتَهم على السلوك العشوائي.
تضمّنت المهام الخمس الإصغاء إلى النتائج الافتراضية لسلسلة مكونة من اثني عشرَ رمية لقطعة نقود، بحيث تبدو عشوائية لشخص آخر، وتخمين أي الأوراق ستظهر، وعند السحب من ورق اللعب المخلوط عشوائيًا والإصغاء للنتائج الافتراضية لعشر لفّات لشخص ميت، أيْ نوع التتالي الذي ربما تحصل عليه إذا قمتَ حقًا بلفّ شخص ميت.
قام العلماء بتحليل خيارات المشاركين وفقًا لعشوائيتهم الخوارزمية التي تعتمد على فكرة أنَّ الأنماط الأكثر عشوائية هي الأصعب لتلخيصها رياضيًا.
بعد ضبط صفات كالجنس والثقافة واللغة وجدوا بأنّ العمر هو العامل الوحيد المؤثر في قابلية السلوك العشوائي، وكانت ذروة السلوك العشوائي وسطيًا في سن الخامسة والعشرين ثم انحدرت بعد ذلك.
يقول هيكتور زينيل Hector zenil))، الكاتب المشارك للدراسة: «التجربة هي أحد أنماط اختبار تورنج العكسي للسلوك العشوائي، وهو اختبار للقوة بين البشر والخوارزميات».
ويضيف د.غوفريت قائلًا: «إنّ الخامس والعشرون هو وسطيًا العمر الذهبي الذي يتفوّق به البشر ذكاء على الحواسيب».
أظهرت الدراسة أيضًا، بأن قائمة قصيرة نسبيًّا من الخيارات، ولنقلْ عشر رميات افتراضية لقطعة نقود، يمكن استخدامها للقياس الموثوق للعشوائية في السلوك البشري.
يستخدم المؤلّفون الآن مقاربة مشابهة لدراسة الارتباطات القويّة بين قابلية السلوك العشوائي وأشياء مثل التراجع الإدراكي والأمراض التنكسيّة العصبية.
ترجمة: رنيم جنيدي
تدقيق: لؤي حاج يوسف
المصدر
