تمثل الزلازل بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون بالقرب من الصفائح التكتونية غير المستقرة أو خط صدع نشط، مثل: صدع سان أندرياس في كاليفورنيا، أو الخط التكتوني المتوسط في اليابان، أو منطقة سوندا جنوب شرق آسيا، جزءًا طبيعيًا من حياتهم، وغالبًا ما تكون عبارةً عن هزات صغيرة تحدث دون أن تسبب أضرارًا كثيرةً، لكنها تكون كارثيةً في أوقات أخرى، مسببةً الدمار على نطاق واسع، والموت للآلاف وأكثر. لكن ما هو الزلزال بالتحديد؟ ما هي القوى الجيولوجية المؤدية لهذه القوة المدمرة؟ أين تحدث؟ وكم نوعًا مختلفًا هناك؟ والأهم هو كيف يمكننا الاستعداد بشكل أفضل للزلازل؟
تعريف الزلزال
يعرَّف الزلزال بأنه هزة -يمكن الشعور بها- تحدث في الطبقة السطحية من الأرض، تسببها الموجات الزلزالية الناتجة عن إصدار مفاجئ للطاقة في طبقة من قشرة الأرض، تُرصَد أحيانًا؛ بسبب انتقال هذه القوة إلى المباني، مسببةً ضجةً واهتزازً ملحوظين، وتكون تارةً أخرى، قويةً كفايةً لرمي الناس وهدم مدنها بأكملها.
بشكل عام، يستخدم المصطلح لوصف أي حدث زلزالي يولد موجات زلزالية. إن نقطة تصدع الزلزال الأولية تدعى مركزه أو المركز السفلي، بينما تدعى النقطة التي تعلوها مباشرة على سطح الأرض (المنطقة الأكثر تأثرًا مباشرة) بمركز الزلزال.
الأسباب
إن بنية قشرة الأرض، المقسمة لعدة “صفائح تكتونية”، هي المسؤولة عن معظم الزلازل. تتحرك الصفائح باستمرار بسبب الحمل الحراري المتولد في القسم الأعلى النصف لزج من طبقة الوشاح. مع الزمن، ستتباعد هذه الصفائح و تصطدم ببعضها، مشكّلة حدودًا مرئية تدعى التصدعات.
عندما تصطدم الصفائح، فإنها تبقى ملتحمة حتى يتجمع الضغط الكافي لدفع إحداها تحت الأخرى في عملية تدعى الانزلاق. تحدث هذه العملية على مدى ملايين السنين، وتؤدي أحيانًا لإصدار كم هائل من الطاقة، وانتشار حرارة بفعل الاحتكاك، والانشطار على طول خط التصدع ما يعرف أيضًا بالزلزال.
تصنف موجات الطاقة الناتجة لفئتين –موجات سطحية وموجات داخلية. سُمّيت الموجات السطحية بهذا الاسم لأنها الطاقة التي تصل إلى سطح الأرض، بينما تدل الموجات الداخلية على الطاقة التي تبقى داخل الكوكب.
يقدر أن 10% فقط أو أقل من طاقة الزلزال الكلية تنعكس كطاقة زلزالية، بينما يُستهلك الباقي لتغذية نمو الشقوق أو تحوّل لطاقة احتكاك. مع ذلك، فإن ما يصل للسطح هو ما يمثل الآثار التي نربطها نحن البشر بالزلازل –أي الهزات التي تختلف بالمدة والشدة.
يمكن أن تحدث الزلازل أحيانًا بعيدًا عن خط التصدع. يعود ذلك لتمركز حدود الصفائح في مناطق الغلاف الصخري للقارات، حيث ينتشر التشوه لمناطق أكبر بكثير من حدود الصفائح. وفق هذه الظروف، ترتبط الزلازل بالمناطق الواسعة التي يصلها التشوه.
يمكن أن تحدث الزلازل داخل الصفائح (تدعى “زلازل داخلية”) نتيجة لحقول الضغط الداخلية، الناتجة عن التفاعل مع الصفائح المجاورة، وكذلك التحميل الرسوبي أو التفريغ.
بعيدًا عن الزلازل الطبيعية المنشأ (المعروفة بالزلازل التكتونية) التي تحدث على طول حدود الصفائح (خطوط التصدع)، هنالك الزلازل المعروفة بأنها “من صنع الإنسان”. كنتيجة لنشاط الإنسان، وهو بالغالب تجارب نووية.
يمكن الشعور بهذا النوع من الزلازل الناتجة عن تفجير سلاح نووي من مسافة كبيرة. يوجد القليل فقط من البيانات المتوفرة حول هذا النوع من الزلازل، لكن يمكن التنبؤ والتحكم بها بسهولة بالمقارنة مع النشاط التكتوني.
مقاييس
يقيس العلماء قوة الزلزال باستخدام أجهزة قياس الزلازل ، والتي تقيس الموجات الصوتية عبر قشرة الأرض. هناك أيضًا طريقة لقياس شدة الزلزالتعرف بمقياس رختر، الذي يحدد درجة الزلازل من 1 إلى 10 حسب شدته.
بالرغم من عدم وجود حد أعلى للمقياس، فإن معظم الناس ثبتوا 10 كالحد الأعلى لأنه لم يتم رصد أي زلزال بقوة 10 أو أكثر. افترض العلماء أن الزلازل بقوة 10 كانت أكثر شيوعًا بعصور ما قبل التاريخ، نتيجة لتأثير النيازك خاصًة.
آثار الزلازل
يحدث الزلزال على اليابسة أو في البحار، وبذلك يمكن أن تؤدي لكوارث طبيعية أخرى. في حالة الزلازل التي تحدث على اليابسة، تشقق الأرض هو النتيجة غالبًا، ما يسبب انهيار طبقات الأرض أو حتى البراكين. وبالنسبة للزلازل التي تحدث في البحر، ينتج عنها تشقق قاع البحر غالبًا، مسببًا التسونامي.
تتسبب الزلازل الكبيرة بأضرار جسيمة رغم قلتها، فهي تؤدي إلى اندلاع الحرائق عند تضرر خطوط الغاز، أو الكهرباء، وتسبب الفيضانات عند تدمر السدود، إضافةً للكوارث الطبيعية المذكورة سابقًا، التي يمكن أن تسببها.
يُعد زلزال (شانشي-1556 Shaanxi) من بين أكثر الزلازل تدميرًا في التاريخ، حدث هذا الزلزال في الصين عام 1556م، ونتج عنه دمار هائل للبيوت في المنطقة –معظم المنازل التي نُحتت مباشرةً من جبال الحجر الطيني- وتسبب في وفاة أكثر من (830000) شخص.
ويعد زلزال (تانغشان)، الذي حدث شمال شرقي الصين عام 1976م، الحادثة الأكثر خطرًا في القرن العشرين، مسببًا وفاة ما بين (240000) و(655000) شخص، كما يُعد زلزال (تشيلي) الذي وقع عام 1960م، أقوى زلزال رُصِد على أجهزة قياس الزلازل، إذ سجل (9.5) درجة، وذلك في 22 /أيار/ 1960م.
وهناك أيضًا زلزال المحيط الهندي الذي حدث عام 2004م، وهو حدث زلزالي تسبب أيضًا بتسونامي هائل، أدى بدوره دمارًا في جنوب شرقي آسيا، وسجل هذا الزلزال (9.1 -9.3) درجات على مقياس رختر، محدثًا الضرر في المجتمعات الساحلية بموجات يصل ارتفاعها إلى (30) مترًا، أي: (100 قدم)، وسبَّب وفاة (230000) شخص في (14) بلدًا.
أنظمة التحذير
أكثر من 3 ملايين زلزال تحدث كل سنة، أي ما يعادل (8000) زلزال كل يوم، ويقع معظمها في أماكن محددة؛ ذلك لأنها تحدث على طول حدود الصفائح التكتونية، وبصرف النظر عن صعوبة التنبؤ بها -باستثناء المفتعلة من قبل الانسان- طُوّرت بعض الطرق للإنذار بحدوث الزلزال.
مثلًا، يمكن التنبؤ بالزلازل قبل أسابيع بل وأشهر عن طريق استخدام بيانات زلزالية مسجلة في مناطق التصدعات المدروسة جيدًا، كما تُستخدم الإنذارات المحلية أثناء حدوث الزلازل، ولكن قبل حدوث الهزات، ما يمنح الناس الوقت للبحث عن الملاجئ في الوقت المناسب.
تشبه الزلازل البراكين والفيضانات والانهيارات فهي قوة طبيعية لا يُستخف بها، في حين تعد كلها خاصيةً عاديةً لنشاط كوكبنا الجيولوجي، إذ كان لها التأثير الكبير على المجتمعات البشرية، تمامًا مثل الانفجار الذي دفن بومبي، والفيضان العظيم، فإنها تُذكر لفترة طويلة بعد حدوثها.
مقالات ذات صلة:
لماذا تبحث ناسا عن الزلازل المريخية؟
ترجمة: نور مصطفى
تدقيق: أسماء العجوري