يعد داء الراعوم نادرًا في الولايات المتحدة، لكن أربع حالات أثارت الاهتمام الوطني. ظهرت هذه الحالات بين شهري مارس ويوليو عام 2021 في أربع ولايات مختلفة، وقد تسببت بوفاة شخصين.
داء الراعوم: هو عدوى بكتيرية تسببها بكتيريا بيركهولدرية راعومية Burkholderia pseudomalle، وهي بكتيريا تعيش في التربة والمياه في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية من العالم.
قد تؤدي العدوى إلى مجموعة من الأعراض، تمتد من تقرحات الجلد إلى ظهور خراجات على أعضاء متعددة، وقد تسبب التهابًا رئويًا. ومع ذلك، توجد بعض الحالات التي لا تظهر عليها أي أعراض، وقد لا يدرك الشخص المصاب أنه مصاب!
تحدث 165 ألف حالة تقريبًا من حالات الإصابة بالراعوم كل عام، وفقًا لدراسة أجريت عام 2016 في مجلة Nature Microbiology، وتحدث معظم الحالات في جنوب شرق آسيا وشمال أستراليا.
أشارت الأبحاث المنشورة في مجلة Revista do Instituto de Medicina Tropical de São Paulo في عام 2006 إلى أن الراعوم مرض منشؤه البرازيل ودول أمريكا الجنوبية المجاورة.
من الغريب جدًا أن تُشخص أربع حالات من داء الراعوم بين شهري مارس ويوليو عام 2021 في أربع ولايات. أدى الراعوم إلى وفاة شخصين! لذا أثارت هذه الإصابات الاهتمام الوطني، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC.
ما تزال أصول العدوى وطرق انتقالها لغزًا حتى وقت كتابة هذا التقرير، إذ ما تزال التحقيقات جارية.
قال الدكتور دانيال لوسي الأستاذ المساعد للأمراض المعدية في جامعة جورج تاون في واشنطن: «لا داعي للقلق ما دمتَ لم تسافر مؤخرًا إلى منطقة ينتشر فيها المرض أو في حال كنت تخطط للسفر إلى أي منها»، وأضاف: «عمومًا في الوقت الحالي، لا داعي للقلق المفرط».
يُعرف هذا المرض أيضًا بمرض ويتمور، نسبة إلى أحد العالمين اللذين وصفا المرض أول مرة بعد التعرف على حالات الإصابة بمرض إنتان الدم الجديد في بورما في عام 1912، ويحدث مرض الراعوم نتيجة التلامس المباشر مع البكتيريا البيركهولدرية الراعومية وقد تحدث الإصابة بالعدوى عبر استنشاقها أيضًا. توجد هذه البكتيريا عادة في التربة أو المياه الملوثة في المناطق الاستوائية أو شبه الاستوائية من العالم.
وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن الطرق المحتملة التي يمكن أن يصاب بها شخص ما بالعدوى من التربة أو المياه الملوثة تشمل:
- استنشاق قطرات الماء الملوثة أو بقايا من الغبار الملوث.
- ابتلاع قطرات الماء الملوثة.
- تناول الطعام المزروع في التربة الملوثة.
- ملامسة جرح مفتوح أو خدش على الجلد.
قد يحدث الانتقال أيضًا بين الأشخاص نتيجة ملامسة الدم أو سوائل الجسم، ولكن هذا نادر الحدوث، ويعد الأشخاص الذين يعيشون أو يقضون وقتًا في المناطق التي تنتشر فيها البكتيريا معرضين لخطر مرتفع، ولكن توجد عوامل خطر أخرى أيضًا.
صرّح لوسي لمجلة Live Science: «يعد مرض السكري أكبر عامل خطر طبي»، إذ وجدت مراجعة أجريت عام 1999 لدراسات حالة داء الراعوم، نُشرت في مجلة Clinical Infectious Diseases، أن مرض السكري هو أحد أكبر عوامل الخطر للإصابة بداء الراعوم الشديد.
عمومًا، يكون مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية الشديدة مقارنةً بغير المصابين، وخاصة العدوى التي تسببها البكتيريا سالبة الجرام، مثل الأنواع التي تسبب داء الراعوم.
المصابون بأمراض الكبد أو الكلى أو الرئة معرضون أيضًا لخطر الإصابة بالراعوم إذا تعرضوا للبكتيريا المسببة، وكذلك المصابون بالسرطان والذين يعانون نقص المناعة.
توجد الكثير من أنواع الحيوانات المختلفة -مثل الأغنام والماعز والخنازير- المعرضة أيضًا للعدوى ويمكنها نشر البكتيريا عبر فضلاتها. تصاب الحيوانات بالمرض بنفس الطريقة التي يصاب بها البشر، أي عند التعرض لمياه أو تربة ملوثة (وفقًا لوزارة الصناعات الأولية والتنمية الإقليمية التابعة لحكومة أستراليا الغربية).
تستغرق أعراض مرض الراعوم عمومًا ما بين أسبوعين وأربعة أسابيع لتظهر، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. وقد يستغرق الأمر سنوات قبل ظهور الأعراض لدى بعض الأشخاص وقد تظهر في غضون أيام فقط عند آخرين.
قد يظهر مرض الراعوم بعدة طرق، وتعتمد الأعراض على مكان الإصابة؛ فقد تكون عدوى موضعية تبدأ بقرحة أو خراج جلدي في بقعة معينة، وقد تكون عدوى منتشرة تسبب خراجات في جميع أنحاء الجسم، متضمنةً الأعضاء أو المفاصل أو العظام أو الدماغ.
أكثر أعراض المرض شيوعًا هو العدوى الرئوية وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. قد يصاب الأفراد بحالة خفيفة من التهاب الشعب الهوائية، وقد يصابون أيضًا بحالة شديدة من الالتهاب الرئوي، من أعراض هذا الالتهاب الرئوي السعال والحمى الشديدة وألم الصدر والصداع وفقدان الشهية.
قد تحدث أيضًا الإصابة بعدوى في مجرى الدم، وغالبًا ما تؤدي إلى الصدمة الإنتانية. يعد الذين يعانون حالات صحية أساسية مثل مرض السكري أكثر عرضةً للإصابة بهذا النوع من العدوى، فيميل إلى التطور بسرعة عندهم، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. تشمل أعراض عدوى مجرى الدم آلام المفاصل والصداع والحمى وآلام البطن وضيق التنفس التوهان أو الارتباك.
عادة ما يوصي الطبيب بإجراء اختبار إذا كان الفرد قد سافر إلى منطقة تنتشر فيها البكتيريا وظهرت عليه الأعراض منذ ذلك الحين. تُجرى الفحوص المخبرية على الدم أو البول أو البلغم أو سائل الخراجات والآفات الجلدية للبحث عن بكتيريا بيركهولدرية راعومية. يمكن أيضًا تشخيص داء الراعوم عبر الكشف عن ارتفاع في الأجسام المضادة للبكتيريا في عينة الدم.
لا يوجد لقاح لداء الراعوم، لذلك ينصبّ التركيز على الوقاية، لذا يوصي الخبراء بتجنب ملامسة التربة أو المياه الراكدة في المناطق التي تنتشر فيها البكتيريا.
لعلاج العدوى يوصي الخبراء عادةً بأن يتلقى المصاب المضادات الحيوية عبر الوريد مدة أسبوعين.
قال لوسي إن العلاج عبر الوريد هو الطريقة الأكثر فاعلية لإيصال المضادات الحيوية إلى موقع البكتيريا. بعد انتهاء الأسبوعين، يخضع المريض لتقييم آخر لتحديد وجود داعٍ لتجديد العلاج.
عند تجديد العلاج سيستغرق الأمر من أربعة أسابيع أخرى إلى ستة أسابيع من التداوي بالمضادات الحيوية الوريدية. بعد ذلك، يوصي مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بتناول المضادات الحيوية فمويًا من ثلاثة أشهر إلى ستة.
يشهد الكثير من الأشخاص الشفاء التام بعد العلاج، لكن الانتكاس أمر وارد وقد يتطلب علاجًا إضافيًا؛ إذ تزداد احتمالية الانتكاس عند الذين عانوا حالات شديدة والذين لديهم عوامل خطر محددة، مثل المصابين بمرض السكري.
اقرأ أيضًا:
البلهارسيا: الأسباب والعلاج والوقاية
ترجمة: ديانا بريمو
تدقيق: تسنيم الطيبي
مراجعة: عون حدّاد