اكتشف العلماء في كلية آلبرت آينشتاين للطب أنَّ الخلايا الجذعية الموجودة في غدة تحت المهاد تتحكم في سرعة سير الشيخوخة، وقد يقود ذلك الاكتشاف الذي نُشر في (مجلة نيتشر) بعد إجرائه على الفئران إلى استراتيجيات جديدةٍ لإيقاف أمراض الشيخوخة وإطالة الحياة.
لطالما عُرفت غدة تحت المهاد بتنظيمها للعمليات المهمة في جسم الإنسان مثل النمو، التطور، التكاثر، والاستقلاب، وفي العام 2013 نشرت )مجلة نيتشر( ورقةً بحثية ذكرت فيها ذهول باحثي كلية آينشتاين للطب عند اكتشافهم أن غدة تحت المهاد تساهم في تنظيم عملية الشيخوخة في أنحاء الجسم، والآن استطاع العلماء تحديد الخلايا في تحت المهاد المسؤولة عن عملية التنظيم، وهي مجموعة صغيرة من الخلايا الجذعية البالغة التي عُرف عنها مسؤوليتها عن تشكيل خلايا عصبية جديدة.
وقال د. دونغشينغ كاي بروفيسور علم الأدوية الجزيئية في كلية آينشتاين: “يُظهر بحثنا تناقص عدد الخلايا الجذعية البالغة في تحت المهاد مع تقدم الحيوان في العمر.”
وأضاف: “لكن اكتشفنا إمكانية عكس التأثيرات الناجمة عن النقص، وبات الآن ممكنًا إبطاء أو حتى عكس المظاهر المختلفة للشيخوخة في أنحاء الجسم عبر تجديد تلك الخلايا أو الجزيئات التي تنتجها.”
تابع العلماءُ مصيرَ الخلايا الجذعية الموجودة في تحت المهاد في الفئران السليمة مع تقدمها في العمر للتأكد من دور تلك الخلايا في عملية الشيخوخة، فلاحظوا بدء تناقص عدد تلك الخلايا عند بلوغ الفئران لعمر العشرة أشهر، الأمر الذي يسبق بدء ظهور أعراض الشيخوخة المعتادة بعدة أشهر، وقال د.كاي: “تختفي معظم الخلايا في عمر الفئران المتقدم، أي السنتين تقريبًا.”
أراد الباحثون بعد ذلك معرفة فيما إذا كانت الشيخوخة ناجمةً عن الفقدان المستمر للخلايا الجذعية أم متزامنة معها، فلاحظوا ما حدث حينما دمروا انتقائيًا الخلايا الجذعية تحت المهادية في الفئران متوسطة العمر، وعلق د.كاي قائلًا: “أسهم تدمير الخلايا الجذعية في تسريع الشيخوخة بالمقارنة مع الفئران العادية، فماتت تلك الفئران التي أُفسدت خلاياها الجذعية أبكر من الطبيعي.”
وطرح الباحثون سؤالًا محوريًا، هل ستعكس الخلايا الجذعية الشيخوخة إذا أُضيفت إلى تحت المهاد؟ فحقنوا خلايا جذعية تحت مهادية في أدمغة فئران سليمة وفي أدمغة فئران متوسطة العمر تخلو أدمغتها من الخلايا الجذعية، وفي كلا المجموعتين استطاع العلاج إبطاء أو عكس بعض مظاهر الشيخوخة المختلفة.
واكتشف د.كاي وزملاؤه أن الخلايا الجذعية تمارس تأثيرها المعاكس للشيخوخة عبر تحرير جزيئات “الحمض النووي الريبوزي الدقيق (miRNA)” التي لا تشارك في اصطناع البروتينات، لكنها تلعب دورًا رئيسًا في تنظيم عملية “التعبير الوراثي” وهي معبأة داخل جزئيات صغيرة تدعى الجسيمات الخارجية التي تحررها الخلايا الجذعية تحت المهادية في السائل الدماغي الشوكي للفئران.
وتمكن الباحثون من استخلاص بعض الجسيمات الخارجية المحتوية على الحمض النووي الريبوزي الدقيق من الخلايا الجذعية تحت المهادية ثم حقنها في السائل الدماغي الشوكي لمجموعتين من الفئران؛ الفئران متوسطة العمر التي دُمرت خلاياها الجذعية تحت المهادية وفئران متوسطة العمر سليمة، فأدى العلاج إلى إبطاء الشيخوخة إبطاءً ملحوظًا في كلا المجموعتين استنادًا إلى تحاليل الأنسجة والاختبارات السلوكية التي تضمنت تقييم التغيرات الحاصلة في تحمل العضلات، والتناسق، والسلوك الاجتماعي والقدرة المعرفية.
يحاول الباحثون حاليًا اكتشاف مجموعات الحمض النووي الريبوزي الدقيق وربما اكتشاف عوامل أخرى تحررها تلك الخلايا الجذعية المسؤولة عن محاربة الشيخوخة، وبهذا يخطو الباحثون خطوتهم الأولى في محاولة إبطاء سير الشيخوخة ومعالجة أمراضها.
- ترجمه: باسل غازي الإسماعيل.
- تدقيق: هبة أبو ندى.
- تحرير : رغدة عاصي
- المصدر