أبلغت النرويج عن وفاة عدد من كبار السن بعد فترة وجيزة من تلقي لقاح كوفيد-19 ، ما أثار بعض القلق بشأن سلامة اللقاح، لكن دون العثور على أي دليل حاليًا يشير إلى صلة مباشرة بين الوفيات واللقاحات. وفقًا لوكالة الأدوية النرويجية (NOMA)، أُبلغ حتى تاريخ 14 يناير 2021 عن 23 حالة وفاة لمسنين واهنين في النرويج في غضون 6 أيام من تلقيهم جرعتهم الأولى من لقاح فايزر/بيونتك BioNTech/Pfizer الخاص بكوفيد-19.
تراقب السلطات الصحية في النرويج الوفيات من كثب، إذ عملت حتى الآن على تقييم 13 حالة وفاة من مجموع الحالات، دون إيجاد دليل يجزم بأن الوفيات نجمت عن اللقاح مباشرة، وبالمثل، لم يتمكنوا من استبعاد احتمال معاناة هؤلاء العجزة أمراضًا مستبطنة تفاقمت بسبب الآثار الجانبية الشائعة للقاح، مثل الغثيان والحمى. على أي حال، لم يعرب الخبراء أو المسؤولون الصحيون في البلاد عن قلقهم إزاء التقارير المتعلقة بسلامة لقاح كوفيد-19 وأمانه.
قالت الدكتورة سارة فيكسموين واتلي، كبيرة الأطباء في المعهد النرويجي للصحة العامة، في بيان لها: «لا يقتضي بالضرورة تزامن الحوادث المميتة لدى هؤلاء المرضى الضعفاء مع التطعيم وجود علاقة سببية بين التطعيم ضد فيروس كورونا والوفاة»، بينما صرّح شتاينار مادسن، المدير الطبي لوكالة الأدوية النرويجية، للمجلة الطبية البريطانية: «يوجد احتمال قائم يفيد بأن هذه التفاعلات الضارّة الشائعة وغير المستغربة في سياق عمليات التطعيم، التي لا تحمل خطرًا على المرضى الأصغر سنًا والأكثر لياقة، قد تؤدي إلى تفاقم الأمراض المستبطنة لدى كبار السن» مضيفًا: «نحن لا نشعر بالقلق أو الذعر مما حدث».
يُذكر أن تقارير أخرى نوهت أيضًا بتحقيقات يجريها معهد باول إرليش في ألمانيا فيما يتعلق بوفاة 10 أشخاص عانوا مشكلات صحية خطيرة مستبطنة وتوفوا بعد تلقيحهم بلقاح كوفيد-19.
يجب علينا هنا تأمل الصورة الأكبر، إذ لم يعد خفيًا أن كبار السن الذين يعانون أمراضًا مستبطنة هم أكثر الفئات المؤهبة للوفاة بسبب كوفيد-19، خاصةً أولئك القاطنين في دور الرعاية المشتركة حيث ينتشر المرض بسهولة أكبر، ومن الأمثلة التي تؤكد ما سبق، الأرقام والإحصائيات الواردة من الولايات المتحدة، والتي أشارت إلى أن 80% من وفيات كوفيد-19 وقعت في صفوف الأفراد الذين تجاوزوا سن الخامسة والستين. وعليه يمكن القول إن خطر وفاة المسنين بكوفيد-19 يتفوق تفوقًا كبيرًا على بعض المخاطر المحتملة للقاح، دون إغفال احتمالية وفاة هؤلاء الطاعنين في السن في أي وقت، ومن ثم قد لا يكون عدد الوفيات المبلغ عنه بعد التطعيم بالضرورة أعلى بكثير من عدد الوفيات الذي نتوقع رصده في هذا الإطار الزمني.
علق البروفيسور ستيفن إيفانز، أستاذ علم الوبائيات الدوائية في مدرسة لندن للصحة والطب الاستوائي: «لسنا متيقنين حتى الآن، لكن يبدو أن الأعداد المرصودة للوفيات ليست أعلى بكثير من الأرقام المتوقعة».
أخيرًا، علينا أن نأخذ في الحسبان عدد الملقَّحين الإجمالي، والعدد المنخفض جدًّا للملقَّحين الذين عانوا أي آثار جانبية مزعجة. حتى تاريخ 18 يناير 2021، طُعِّم 48,680 شخصًا في النرويج، مع اقتصار الآثار الجانبية -إن وجدت- لدى أغلبهم على أعراض خفيفة الشدة.
أجرت شركتا فايزر وبيونتك المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح كوفيد-19، إذ شملت أكثر من 43,000 مشارك دون تحديد أي مخاوف صحية من سلامة اللقاح. تلخصت الآثار الجانبية الجديرة بالذكر التي لوحظت لدى أكثر من 2% من المُطعَّمين باللقاح، في كل من التعب (3.8%) والصداع (2%). على أي حال، تضمنت التجارب عددًا قليلًا نسبيًا من المشاركين الذين تزيد أعمارهم عن 85 عامًا، دون أن تشمل المرضى الذين يعانون أمراضًا حادة أو غير مضبوطة.
دفعت هذه الأحداث النرويج إلى التوصية بضرورة التقييم الفردي للمرضى الواهنين أو أصحاب معدلات البُقيا المنخفضة، وذلك لتقدير جدارتهم بتلقي لقاح كوفيد-19 ، أما بالنسبة إلى معظم الأفراد الذين يتمتعون بصحة معقولة، فلا سبب يدعوهم للقلق، إذ أكد البروفيسور إيفانز: «لا داعي للقلق عمومًا، لكن التراخي يبقى على القدر نفسه من الخطأ».
اقرأ أيضًا:
ما الآثار الجانبية المحتملة للقاحات كورونا؟
خبراء التجارب السريرية يشرحون لماذا يجب التفاؤل بلقاحات كوفيد-19
ترجمة: حسام شبلي
تدقيق: عون حدّاد
مراجعة: رزان حميدة