هي قيمة إضافية تكتسبها الشركة من مُنتَج يحمل اسمًا مميزًا مقارنةً بمنتج آخر. تكوّن الشركات قيمة علامة تجارية لمنتجاتها من طريق جعلها قابلةً لأن يتذكرها العملاء ويميزونها بسهولة، وجعلها أعلى جودةً وجدارة، وتساعد حملات التسويق الشاملة على تكوين قيمة العلامة التجارية أيضًا.
عندما يصبح للشركة قيمة علامة تجارية إيجابية، فسيدفع العملاء سعرًا أعلى لشراء منتجاتها، وإن كان بإمكانهم شراء المنتجات ذاتها من شركة منافسة بسعر أدنى. عمليًا، يدفع العملاء سعرًا إضافيًا عند التعامل مع الشركات التي يعرفونها ويثقون بها. ولما كانت الشركة التي تمتلك قيمة علامة تجارية لا تتحمل تكلفةً أعلى من منافسيها لتصنيع المنتج وتسويقه، يحقق الفرق في السعر للشركة أرباحًا إضافية، إذن تمكّن قيمة العلامة التجارية الشركة من تحقيق المزيد من الأرباح في مبيعاتها.
مهم: قيمة العلامة التجارية هي امتداد للاعتراف بالعلامة التجارية، لكنها أكثر من مجرد اعتراف، فهي قيمة إضافية لاسم تجاري معين.
مفهوم قيمة العلامة التجارية
تحتوي قيمة العلامة التجارية 3 مكونات هي: تصور العميل ورأيه، والتأثيرات السلبية أو الإيجابية، والقيمة الناتجة. يعتمد بناء قيمة العلامة التجارية على تصور العميل في المقام الأول، الذي يتضمن معرفته بالعلامة التجارية وتجربته للمنتجات، وينشأ عن ذلك آثار إيجابية أو سلبية.
إذا كانت قيمة العلامة التجارية إيجابية، فسيعود ذلك بالنفع على الشركة ومنتجاتها وعائداتها المالية، أما إذا كانت القيمة سلبية تكون النتيجة عكس ذلك.
تتحول هذه التأثيرات في النهاية إلى قيمة ملموسة وأخرى غير ملموسة، فمثلًا إذا كان التأثير إيجابيًا، تتمثل القيمة الملموسة في زيادة الإيرادات والأرباح، أما القيمة غير الملموسة فتتمثل في فعالية التسويق وسمعة الشركة.
في حال كان التأثير سلبيًا، فستكون القيمتان الملموسة وغير الملموسة سلبيتين. مثلًا إذا فضل العملاء شراء منتج لا يحمل علامة تجارية بدلًا من منتج يحمل علامة تجارية، فهذا يعني أن لتلك العلامة التجارية قيمة سلبية. ويحدث ذلك عندما تسترد الشركة منتجها من السوق بسبب عيوب في التصنيع أو لتسببه في كارثة بيئية.
أثرها في هامش الربح
عندما يرسم العملاء في أذهانهم تصورًا إيجابيًا عن علامة تجارية ما، فهذا يعني أنهم يتصورون أن قيمة المنتجات التي تحمل هذه العلامة تفوق منافسيها، ولذلك فهم على استعداد لشرائها بسعر أعلى، وعمليًا يمنح السوق أسعارًا أعلى للعلامات التجارية التي تحمل قيمًا عالية.
إن تكلفة صناعة قميص لعبة الغولف الخاص بشركة (لاكوست) وتسويقه ليست أعلى من تكلفة صناعة القميص نفسه لدى شركة أدنى شهرة، لكن لاكوست بإمكانها فرض سعر أعلى للقميص لأن عملاءها لا يمانعون ذلك، ويمثل الفرق في السعر ربحًا إضافيًا لها.
ترفع قيمة العلامة التجارية الإيجابية من هامش الربح عن كل عميل، لأنها تمكّن الشركة من فرض أسعار أعلى لمنتجاتها مقارنةً بأسعار المنافسين، وإن كانت التكلفة متساوية في الحالتين.
لقيمة العلامة التجارية تأثير مباشر في حجم المبيعات، إذ ينجذب العملاء للمنتجات الشهيرة، فعندما تطلق شركة (أبل) منتجًا جديدًا، يصطف العملاء لشرائه رغم ارتفاع سعره مقارنةً بالشركات المنافسة، وذلك لأن الشركة أرست قيمةً إيجابية هائلة لعلامتها التجارية. ولما كانت نسبة مئوية معينة من تكلفة بيع المُنتَج ثابتة، يسبب ارتفاع المبيعات ارتفاع الأرباح.
تؤثر قيمة العلامة التجارية في زيادة الأرباح كذلك من طريق الاحتفاظ بالعميل، فمثلًا نجد أن أكثر عملاء (أبل) يقتنون أكثر من منتج لنفس الشركة، ويترقبون إطلاق الإصدار القادم.
إن القاعدة الجماهيرية لشركة أبل مخلصة جدًا، وهي تتمتع بهذا القدر الكبير من إخلاص العملاء نتيجةً لقيمة علامتها التجارية، إذ يرفع الاحتفاظ بالعملاء الحاليين هوامش الأرباح من طريق تخفيض تكلفة التسويق اللازمة لتحقيق حجم المبيعات ذاته، فالاحتفاظ بالعملاء الموجودين بالفعل أقل تكلفةً من كسب زبائن جدد.
أمثلة حول قيمة العلامة التجارية
من الأمثلة الشائعة لأهمية قيمة العلامة التجارية هو عندما ترغب شركة في توسيع خط إنتاجها، فإذا كانت قيمة العلامة إيجابية، ستتمكن الشركة من رفع احتمالية شراء العملاء لمنتجها الجديد من طريق الربط بين المنتج الجديد والمنتج الحالي.
مثلًا عندما تُطلق شركة (كامبل) للصناعات الغذائية حساءً مُعلبًا جديدًا، فهي على الأرجح تطلقه بالعلامة التجارية نفسها بدلًا من ابتكار علامة جديدة، إذ ستجعل العلاقة الإيجابية الموجودة بين العملاء والشركة المنتج الجديد أكثر جذبًا للزبائن مما لو أطلقته الشركة بعلامة تجارية غير مألوفة لهم.
مثال آخر هو منتجات (تايلينول) -مسكن الآلام- التي تصنعها شركة (مكنيل) منذ سنة 1956، وهي الآن من فروع (جونسون أند جونسون). حققت منتجات تايلينول مرتبةً فوق المتوسطة في صناعة مسكنات الآلام طبقًا لبيانات (مايو كلينيك)، إذ بينت الدراسات أن العملاء يثقون بمنتجات تايلينول أكثر من المنتجات المشابهة الأقل شهرة. وتمكنت تايلينول من توسيع سوق منتجاتها بإطلاق منتجات جديدة بنفس العلامة التجارية، مثل منتج (تايلينول مضاعف القوة) و(تايلينول لعلاج البرد والإنفلونزا) و(تايلينول لعلاج آلام الجيوب الأنفية).
وحافظت العلامة التجارية لمنتجات (كيركلاند) التي تنتجها شركة (كوستكو) على نمو إيجابي، وتندرج تحت هذه العلامة عدة منتجات، مثل الملابس والقهوة ومسحوق الغسيل والأغذية والمشروبات. تبين الدراسات أن شركة (كوستكو) تبيع النبيذ أكثر من أي شركة أخرى في البلاد، مع أن قوانين الولاية تمنعها من بيع الكحول في مناطق معينة.
تمنح الشركة أيضًا حقًا حصريًا للأعضاء في التزود بالوقود من محطات الوقود التابعة لها بأسعار أرخص. ومما يزيد شعبية هذه العلامة التجارية الأسعار الرخيصة لمنتجاتها مقارنةً بمنتجات العلامات التجارية الأخرى.
تبين نتائج دراسة خاصة استهدفت مستهلكي قهوة (ستاربكس) أن زبائن الشركة يفضلون القهوة التي تحمل علامتها التجارية على العلامات التجارية الأخرى، ليس بسبب جودتها فحسب، لكن بسبب العلامة التجارية ذاتها، إذ صنفت مجلة (فورتشن) سنة 2014 (ستاربكس) في المرتبة الخامسة من بين الشركات الأكثر شعبيةً على مستوى العالم.
تتمتع ستاربكس بسمعة جيدة بسبب التزامها العالي بمسؤوليتها الاجتماعية، وتحتفظ بمكانتها بوصفها أكبر موزع للبُن العربي، إضافةً إلى الأصناف الخاصة والمميزة من القهوة.
تُصنَّف العلامة التجارية لكوكاكولا بأنها أفضل علامة تجارية للمشروبات الغازية في العالم، لا سيما أن قيمتها بلغت نحو 57.3 مليار دولار سنة 2018. نجد أن العلامة التجارية هنا لا تمثل المنتج فقط، بل تمثل رمزًا للتجارب الإيجابية والفخر التاريخي، ليس للشركة فحسب، بل للولايات المتحدة نفسها. وبسبب حملاتها التسويقية المميزة، أحدثت شركة كوكاكولا تأثيرًا عالميًا فيما يتعلق بالتواصل مع زبائنها.
تحتفظ العلامة التجارية لشركة (بورشا) بقيمة عالية في قطاع صناعة السيارات، وتحافظ على صورتها وجدارتها من طريق استخدام مواد عالية الجودة وفريدة من نوعها. ونظرًا إلى كونها علامةً تجارية تدل على الفخامة والترف، لا تقدم بورشا لزبائنها منتجًا فحسب، بل الخبرة أيضًا، ومقارنةً بالعلامات التجارية الفخمة الأخرى، احتلت بورشا مرتبة القمة سنة 2019، وفقًا لتقرير (U.S. News & World Report).
متابعة نجاح الشركات وفقًا لقيمة علامتها التجارية
تُعَد قيمة العلامة التجارية مؤشرًا رئيسيًا على قوة الشركة وأدائها، لا سيما في الأسواق العامة.
تتنافس الشركات التي تنتمي إلى نفس الصناعة أو القطاع الإنتاجي للحصول على قيمة العلامة التجارية. توصلت دراسة حول قيمة العلامة التجارية سنة 2016 إلى أن شركة (هوم ديبوت) حصدت المرتبة الأولى فيما يتعلق بقيمة العلامة التجارية بين الشركات المصنعة للأدوات المنزلية، فيما جاءت شركة (لاوز) في المرتبة الثانية، وسجلت شركة (آيس) مرتبةً دون المتوسطة.
يُمثل تصور المستهلك عن قوة أداء الشركة في التسويق الإلكتروني جزءًا مهمًا من قيمة العلامة التجارية في مجال صناعة الأدوات المنزلية، وتُعَد (هوم ديبوت) رائدةً في هذا المجال. وجدت الدراسة أيضًا أن هوم ديبوت تُعَد الشركة الأكثر ألفةً بين المستهلكين، ما مكنها من زيادة نفوذها ورفع قيمة علامتها التجارية.
اقرأ أيضًا:
التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا قد يستغرق سنوات
ترجمة: حليم عبد الأمير
تدقيق: أنس شيخ
مراجعة: أكرم محيي الدين