الجاذبية عند نيوتن
في القرن السابع عشر، كان هناك عالم فيزياء ورياضيات انكليزي يدعى “اسحاق نيوتن” يجلس تحت شجرة تفاح -أو هكذا تقول الأسطورة- عندما سقطت تفاحة على رأسه وجعلته يتسائل عن السبب الذي جعل التفاحة تنجذب نحو الأرض في المقام الأول.
نشر “نيوتن” نظريته عن “قانون الجاذبية العالمي” أو (Theory of Universal Gravitation)، في أواخر القرن السابع عشر، وهي النظرية التي أسست لفكرة أن “الجاذبية” هي قوة يمكن التنبؤ بها وهي ايضاً تؤثر على كل المواد الموجودة في الكون، وهي -الجاذبية- وظيفة لكل من الكتلة والمسافة.
تقول النظرية بأن كل جزيء مكون من مادة “يجذب” كل الجزيئات الأخرى (على سبيل المثال: الجزيئات التي تتكون منها الأرض والجزيئات التي تتكون منها أنت) عن طريق قوة تتناسب تناسباً مباشراً مع كتلة الجزيئات وتتناسب عكساً مع مربع المسافة بينهما.
وهذا يعني أنه كلما كانت الجزيئات أبعد عن بعضها البعض أو كلما كانت كتلة الجزيئات أقل، تقل قوة الجاذبية.
الصيغة الأساسية لقانون الجاذيبة هي كالتالي:
قوة الجاذبية = (جي × إم 1 × إم 2) تقسيم (دي2) حيث “جي\G” يرمز ل”ثابت الجاذبية” أو “gravitational constant” و “إم 1\M1” و “إم2\M2″ يرمزان لكتلتي الجسمين الذين تريد أنت حساب قوة الجاذبية بينهما و”دي2\D2″ يرمز للمسافة بين مراكز الجاذبية للكتلتين.
و”ثابت الجاذبية” أو “G” لديه قيمة تساوي 6.67 × 10E-8dyne × cm2/gm2
ولذا اذا قمت بوضع جسمين وزن كل منهما جرام واحد فقط على بعد سنتميتر واحد من بعضهما البعض، فإن قوة الجذب بينهما ستساوي تلك المعادلة.
ولمدة مئات السنين، ظلت نظرية “نيوتن” هي الوحيدة الصامدة في المجتمع العلمي حتى بدايات القرن العشرين.
الجاذبية عند اينشتاين
ألبرت اينشتاين والذي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1921، قام بتقديم نظرية بديلة للجاذبية عن نظرية “نيوتن” في بدايات القرن العشرين، وكانت جزءاً مهماً من نظريته “النظرية النسبية العامة” وقد قدمت لنا تفسيراً مخالفاً تماماً لقانون “نيوتن” للجاذبية.
“اينشتاين” لم يؤمن -كما كان أمن “نيوتن”- بأن “الجاذبية” هي قوة، بل قال بأنها تحصل نتيجة اضطراب او تشوه (distiortion) في شكل ما أسماه (Space-time) أو “الزمكان”، وهو مايعرف بال”البعد الرابع”.
مبادئ الفيزياء الأساسية تقول بأنه اذا لم يكن هناك قوى خارجية فاعلة أو عاملة (no external forces at work) فإن الجسم سوف يتحرك على مسار مستقيم قدر المستطاع.
إن لم تكن هناك قوى خارجية فاعلة، فإن اي جسمين يتحركان على طرقين متوازيين سيبقون على هذا الشكل ولن يلتقوا ابداً.
لكن في الحقيقة، الجسمين يلتقيان !.
الجزيئات التي تبدأ بالحركة على مسارات أو طرق متوازية، تنتهي أحياناً بالاصطدام مع بعضها البعض.
نظرية “نيوتن” تقول بأن هذا الاصطدام يمكن أن يحدث عن طريق “الجاذبية”، وهي القوة التي تجذب تلك الأجسام الى بعضها البعض أو الى جسم ثالث أخر منفرد.
يقول “اينشتاين” أن هذا يحصل ايضاً نتيجة للجاذبية، ولكن في نظريته، يقول “اينشتاين” بأن الجاذبية هي ليست قوة، بل هي منحنى في “الزمكان”.
طبقاً لـ”اينشتاين”، فإن الأجسام تسافر أو تتحرك على مسار مستقيم قدر المستطاع (straightest possible line)، ولكن نتيجة لتشوه في “الزمكان”، يصبح المسار المستقيم مساراً كروياً (spherical path)، وهكذا فإن المسارين المستقيمين على طول ذلك المجال الكروي ينتهيان في نقطة وحيدة.
هناك عدد من النظريات الأكثر حديثة عن الجاذبية والتي تفسر ظاهرة الجاذبية من خلال مفاهيم الجزيئات والموجات.
احدى وجهات النظر تقول بأنه هناك بعض الجزيئات التي تسمى بال”gravitons” يمكن ترجمتها بال”جاذبات”، تسبب جاذبية الأجسام نحو بعضها البعض.
هذه الجزيئات “gravitons”، لم تتم ملاحظتها فعلياً ولم يتم ملاحظة ايضاً ال “موجات جذبية” (gravitational waves) والتي تسمى احيانا اخرى بالاشعاعات الجذبية او الجاذبة (gravitational radiation) والتي من المفترض أن تولد عندما تعجل أو تسرع سرعة الجسم بقوة خارجية.
وحتى لو لم يتم ملاحظة هذه الجزيئات (gravitons)، نحن نعلم يقيناً أن مامن شيئ يرتفع إلا ويهبط ثانية، ربما في يوم من الأيام سنتمكن من معرفة سبب ذلك بالضبط، ولكن الى ان يحين ذلك اليوم، سنبقى مسرورين بأن نعرف كوكب الأرض لن يثب نحو الشمس في أي وقت قريب، لأن الجاذبية تبقيه في مداره.
- تحرير: سهى يازجي.
- المصدر