عزيزي القارئ، إذا كنت تعاني من الإرهاق في نهاية اليوم وتواجه صعوبةً في النهوض من فراشك ليلًا لخلع عدساتك اللاصقة، فأنت لست الشخص الوحيد، فهناك تقارير تفيد بأنّ حوالي 33% من الأشخاص يعانون من ذلك، حتّى أنّهم ينامون أو يأخذون قيلولتهم دون خلع العدسات اللاصقة.
إنّ ذلك يزيد خطر الإصابة بإنتانات العيون لدى هؤلاء الأشخاص بنسبة تتراوح من 6 إلى 8 أضعاف، وذلك طبقًا لما نشرته الوكالة الأمريكية المسماة مراكز مكافحة الأمراض والسيطرة عليها The Centers for Disease Control and Prevention (CDC) في تقريرها الجديد بتاريخ 16 آب، وهو واحد ضمن سلسلة التقارير التي تنشر أسبوعيًّا عن الوفيات والحالات المرضية.
ووضَّح الباحثون في هذه الدراسة في كتاباتهم قائلين: «توجد العديد من السلوكيات التي تزيد من خطر الإصابة بعدوى القرنية، ولكنّ ارتداءَ العدسات اللاصقة أثناء النوم هو أخطرها جميعًا بين البالغين والمراهقين».
ويطلق على هذه العدوى اسم (التهاب القرنية البكتيري-microbial keratitis)، وهي تحدث بسبب الجراثيم أو بعض الميكروبات التي تصيب قرنية العين، وطبقًا للتقرير المنشور، فإنّ تلك العدوى تنتشر بصورة أكبر بين مستخدمي العدسات اللاصقة.
ولقد لاحظت وكالة (CDC) أنّ «معهد العدسات اللاصقة Contact Lens Institute» يقدّم بعض المعونات لدعم برنامجها الصحي للعدسات اللاصقة، ولكن بحسب رواية الباحثين، فإنّ هذا المعهد لا يلعب أيّ دور في هذا التقرير.
ويقدم لنا الباحثون بصدد هذا الشأن ستّ حالات لمرضى قد تطوّرت لديهم حالة التهاب القرنية جراء عادة النوم بالعدسات اللاصقة.
ونجد أنّ بعض أنواع الإنتانات قد تسبّبت بتلف في القرنية أو بفقدان دائم للرؤية يحتاج للتدخّل الجراحي.
وبالنظر إلى بعض هذه الحالات، يتبين أنّ إحداها تخصّ رجلًا يبلغ من العمر34 عامًا، وكانت نتيجة لارتدائه العدسات اللاصقة لثلاث أو أربع ليالٍ كلّ أسبوع وممارسته السباحةَ بها أيضًا، وقد ذهب إلى الطبيب بعينٍ يسرى حمراء مع ضبابية في الرؤية.
ولكن للأسف، بعد تطبيق علاج التهاب القرنية الجرثومي الفطري لمدة شهرين، لم يكن هناك أيّ تحسّن في الأعراض.
وطبقًا لتقرير (CDC)، تبيّن فيما بعد أنّه قد التقط عدوى نادرة تدعى (التهاب القرنية بالشَّوكَميبة-Acanthamoeba keratitis)، التي تسبّبها عضوية وحيدة الخلية تسمّى الأميبة-Amoeba.
وبالرغم من استخدام تقنية العلاج الحديث مع هذه الحالة، فقد عانى المصاب من بعض القصور في النظر، ووجب عليه التبديل إلى استخدام العدسات اللاصقة الصلبة.
أمّا الحالة الثانية، فكانت لفتاة ذات 17 عامًا اعتادت استخدام عدسات لاصقة صلبة دون استشارة الطبيب؛ فتطوّرت لديها عدوى جرثومية بالزَّائِفَةُ الزِّنْجارِيَّة- Pseudomonas Aeruginosaوالتي سبّبت قرحةً في قرنية العين اليمنى، وللأسف، لم تعالج قطرة العين ما نتج من ندباتٍ دائمةٍ في القرنية، ولكنّها أزالت العدوى فقط.
ولقد تطورت بعض هذه الحالات حتّى استدعت التدخل الجراحي؛ على سبيل المثال، سمع أحدهم داخل الحمام صوتَ طقطقةٍ صاحبَه ألمٌ بعينه اليسرى، كان هذا جراء ارتداء ذلك الرجل البالغ من العمر 59 عامًا العدسات اللاصقة اللينة ليلًا في رحلة صيد استغرقت يومين، فقد نتج عن ذلك حدوث قرحة ثاقبة في قرنيّته.
ولكنّه استطاع فيما بعد استعادة الرؤية بعض الشيء بعد عمليتين إحداهما لزرع القرنية والأخرى لإزالة الساد- Cataract (المياه البيضاء).
ويوضح التقرير الخاص بهذه الحالات اضطرار الجميع لاستخدام قطرة العين مع معاناة الأغلبية من ضرر دائم بالعين أو حدوث قصور في الرؤية، إلى جانب احتياج حالتين منهم إلى التدخل الجراحي.
ذكر المؤلفون في التقرير: «وعلى الرغم من تعود البعض الآخر من مستخدمي العدسات اللاصقة على النوم دون خلعها، لم نلاحظ تلك الآثار السلبية نفسها، لذا فمن المحتمل تأثّر هذه الحالات المذكورة سابقًا بالعدوى سريعًا دون غيرها، ومن الجدير بالذكر أيضًا أنّ هؤلاء المصابين قد اختيروا جميعًا من قبل أطباء العيون الذين أجرَوا بعض العمليات الجراحية، لذا فهي حالات متطوّرة وخطيرة إلى حد ما».
لذلك لا تُعتَبر تلك الحالات الشكل النموذجي للإنتانات المرتبطة بالعدسات اللاصقة.
إنّ عادة النوم بالعدسات اللاصقة، التي يمكن أن تحدث بين الحين والأخر، تزيد من خطر الإصابة بالعدوى بغضّ النظر عن عدد المرات أو المادة التي صُنِعت منها.
وافقت إدارة الغذاء والدواء the Food and Drug Administration (FDA) على إمكانية النوم مع ارتداء بعض أنواع العدسات، ولكن حتّى هذه الأنواع تزيد من خطر الإصابة بالعدوى.
وتندرج تلك العدسات اللاصقة الليلية مع ناظمات خُطا القلب المزروعة-implantable pacemakers ضمن الأدوات الطبية من الدرجة الثالثة، والمعروفة علميًّا بمخاطرها الجسيمة.
ولقد وضحت (CDC) في بيان لها عن هذا التقرير، فكتبت: «يستطيع مستخدمو العدسات اللاصقة تفادي المضاعفات العينية المرتبطة بها، مثلاً من خلال التواصل مع الأطباء المختصّين والتحدث معهم حول إمكانية السباحة أو النوم مع وجود العدسات، مع ضرورة تبديلها أو تخزينها كما هو موضح بالتعليمات».
- ترجمة: ماريان رأفت
- تدقيق: أحلام مرشد
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر