رغم قلة المخاطر التي يتعرض لها الأطفال، يواجه الأطفال السود مخاطر أكبر من الأطفال البيض عند خضوعهم لعملية جراحية. فحصت دراسة جديدة نُشرت حديثًا في مجلة طب الأطفال سجلات أكثر من 170 ألف طفل يتمتعون بصحة جيدة نسبيًّا.
وجدنا أن احتمالية وفاة الأطفال السود كانت أكبر بمعدل 3.43 ضعف، وأن احتمالات تطور المضاعفات التالية للجراحة لديهم كانت أعلى بنسبة 18%، واحتمالات تطور مضاعفات خطيرة بعد شهر من الجراحة أعلى بنسبة 7%، ومن ثم يقع على عاتق الأهل ومقدمي الرعاية الصحية مسئولية حماية هؤلاء الأطفال. وقد أشارت دراسة حديثة إلى أن الأطفال السود في الولايات المتحدة هم أكثر عرضة للوفاة في غضون 30 يومًا بعد الجراحة، بمعدل 3.5 ضعف مقارنةً بالأطفال البيض.
لاحظ الطبيب أولوبوكولا نافيو، عضو قسم طب التخدير في مستشفى الأطفال الوطني والأستاذ المساعد في جامعة أوهايو، عبء الاعتلال المشترك المرتفع، المُؤدي إلى زيادة احتمال حدوث المضاعفات في أثناء الجراحة وبعدها، وقد قرر حل هذه المسألة بدراسة مجموعة سكانية تتمتع بصحة جيدة قبل خضوعهم للجراحة.
تأثير العرق والانحياز والرعاية الصحية
مع أن معدلات الوفيات والمضاعفات كانت منخفضة، اندهش نافيو وزملاؤه الباحثون من البيانات التي تُظهر معدلات الوفيات الأعلى بين صفوف الأطفال السود، لذا صرَّح بأن هذه الدراسة لم تحدد السبب، لكنها وجدت صلة بين العرق وتلك النتائج. وعلى هذا، فإن المهمة التالية على عاتقنا هي استخدام قاعدة البيانات، علَّنا نعثر على مضاعفات محددة مرتبطة بمعدل الوفيات وبعض العوامل الأخرى، وقد ذكر أن قاعدة البيانات التي قدمتها كلية الجرَّاحين الأمريكية لا تتضمن أسماء المشافي التي تلقَّى المرضى الرعاية فيها، إضافةً إلى أن العديد من النظريات تفسّر هذه النتائج، كالعوامل المتعلقة بالمؤسسة أو الخدمات المقدمة أو المريض نفسه.
تشمل العوامل المتعلقة بالمريض كل ما تعرض له قبل الجراحة، كالعوامل الاجتماعية والاقتصادية وسهولة الحصول على الرعاية الصحية ومدى توفرها وأنواع الوسائل الأخرى التي قُدمت له. ربما يُصاب مريضان بنفس المرض، لكن طريقهما إلى الجراحة يختلف تمامًا، كالمكوث طويلًا في قوائم الانتظار أو تأخر التشخيص. ومن المؤكد أن الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية قد تلقوا الرعاية ضمن مستشفيات ذات أداء متدنٍّ.
قال الدكتور جان رافائيل، الأستاذ المساعد في قسم طب الأطفال في كلية بايلور للطب في هيوستن: «من العوامل المهمة الأخرى البيئة المنزلية، وربما أن المرضى لم يتلقوا رعاية مناسبة بعد الجراحة، أو أنهم لم يلتزموا تعليمات ما بعد الخروج».
صرح أستاذ الجراحة في جامعة هاورد الدكتور واين فريدريك، أن هذه الدراسة قد أثارت العديد من الأسئلة المهمة، منها دور التحيُّز اللا شعوري، وذَكَر أن الملونين يتأثرون بالمرض تأثرًا متباينًا، لذلك لا بد من النظر في عدة عوامل، كالمستشفيات نفسها وقدرات الجراح والكفاءة الثقافية للنظام الصحي بأكمله، ومدى قبول التنوع والاختلاف لدى أفراد النظام الصحي أو مقدمي الرعاية الطبية للمرضى، وهذا مقياس للوعي الثقافي.
وقالت الدكتورة كاثرين ريميك، الأستاذ المساعد في قسم طب الأطفال والجراحة في جامعة تكساس في كلية ديل الطبية في أوستن: «تقود هذه الدراسة إلى الدعوة للعمل. لا يصح وجود هذا المستوى من عدم المساواة في الولايات المتحدة. لا بد من إجراء المزيد من الدراسات لفهم سبب هذا التفاوت، ولدعم الجهود المبذولة في سبيل تحقيق العدالة ضمن نظام الرعاية الصحية لدينا».
رغم كل شيء، تبقى الجراحة آمنة للأطفال
قال نافيو: «نستنتج من هذه الدراسة رسالتين مهمتين، أولًا: أنه ما تزال الجراحة آمنة، وما زالت معدلات الوفيات منخفضة للغاية. إذا كان طفلك مريضًا، فلا تتردد في إحضاره للمشفى. ثانيًا: أن هذه الدراسة متعلقة بالماضي، وقد أثارت العديد من الأسئلة التي لا يمكننا أن نتوقع إجاباتها أو أن نجيب عنها مباشرة.
لم تذكر الدراسة أن الأطفال الأفارقة الأمريكيين الذين يتمتعون بصحة جيدة يُقتلون في المستشفيات، إذ إن رسالة كهذه ستكون من أسوأ الرسائل التي قد يتلقاها الأهل أو عامة الناس، لذلك فإن مهمتنا هي معرفة سبب هذا الأمر، وأن نكتشف ما يجري لنقدم أفضل رعاية للأطفال من كافة الأعراق. ويجب على الأهل ومقدمي الرعاية الصحية حماية الأطفال ورعايتهم، وأن يكونوا أشد المدافعين عنهم.
أضاف فريدريك: «إذا لم تشعر بالثقة، فبعض المستشفيات لديهم مرشدين لمساعدتك». أودُّ أن أشجع الآباء على الفهم، وطرح الأسئلة المناسبة، والحرص على إقامة علاقة جيدة بين الطبيب والمريض، واستغلال فرص العثور على المعلومات سلفًا.
اقرأ أيضًا:
فيروس كورونا الجديد يقتل على نحو غير معتدل الأشخاص ذوي البشرة السوداء!
ترجمة: فاطمة الزهراء كبة
تدقيق: محمد الصفتي
مراجعة: أكرم محيي الدين