ما سبب شهرة المصارف السويسرية؟
الاقتصاد السويسري أحد أكثر الاقتصادات استقرارًا في العالم، وتُعد المصارف السويسرية أكثر المصارف ثقةً وجذبًا للمستثمرين، إذ يجري عدد هائل من الناس معاملاتهم المالية يوميًا عبر المصارف السويسرية.
تُصنف سويسرا اليوم بين أغنى دول العالم وتُعد أحد أهم المراكز المالية عالميًا، وإضافةً إلى ذلك فقد حافظت سويسرا على حيادها تجاه الكثير من الأحداث العالمية على مدى عقود، ما ساعدها على تطوير اقتصاد عالي المستوى.
بدأت نشأة المصارف السويسرية في منتصف القرن التاسع عشر، وكان بعضها حكوميًا إقليميًا -يرتبط بمقاطعة سويسرية محددة- وبعضها الآخر مؤسسات مالية وائتمانية خاصة.
من بين المصارف السويسرية، يشتهر اليوم «يو بي إس» و«كريدي سويس غروب» الذي تبلغ ممتلكاته أكثر من 1.1 ترليون دولار.
ما سبب شهرة النظام المصرفي السويسري؟
وفقًا لقانون المصارف عام 1934، فإنّ كشف المصرف هوية أحد عملائه مخالفة يعاقب عليها القانون.
تحمي سرية المصارف السويسرية خصوصية العملاء، ويمكن تشبيه الحماية التي يحصل عليها العميل وفقًا للقانون السويسري بقانون حماية السرية بين الطبيب والمريض.
تعمل المصارف السويسرية بنفس آلية المصارف التقليدية، لكن تميزها السرية الشديدة، وليس قانون السرية الصارم جديدًا في المصارف السويسرية فقد تكتمت هذه المصارف على أسرارها أكثر من 300 سنة.
سنة 1713، أصدر مجلس جنيف تشريعات ألزمت المصرفيين بالإبقاء على سجلات عملائهم، ومنعتهم من مشاركة معلوماتهم مع أي شخص غير العميل نفسه، إلا إذا وافق المجلس على ضرورة مشاركة المعلومات.
باختصار، إنّ كشف المصرفي معلومات العميل جريمة في سويسرا، ما جعل سويسرا ملاذًا آمنًا لأموال طائلة.
سابقًا، لم يُسمح بالمساءلة عن مصدر النقود أو غيرها من أشكال الثروة مثل المجوهرات واللوحات الفنية، لكن مع بروز قضايا الإرهاب والفساد والتهرب الضريبي، ونتيجة مطالبات دول كثيرة، بدأت السلطات السويسرية برفض الحسابات التي يُشك أن مصادرها غير قانونية.
قوانين السرية المصرفية السويسرية
أدى قانون المصارف السويسرية المثالي إلى تنامي الثقة بها، خاصةً بعد نجاحهم في الحفاظ عليه سنوات طويلة.
يوضح مكتب القانون الدولي أن أي تغييرات في إطار القانون السويسري يجب أن يوافق عليها البرلمان، وقد تتطلب أحيانًا موافقة الشعب.
عام 1984، صوَّت الشعب السويسري برفض إجراء يهدف إلى كبح السرية المصرفية، وعام 1998 صوت البرلمان ضد إزالة السرية المصرفية.
تشكل سرية حساب العميل عنصرًا هامًا في القوانين المصرفية لأي دولة، وعُرفت سويسرا بأنها صاحبة قوانين السرية الأشد. وفقًا للقوانين المصرفية السويسرية، لا يُسمح للمصارف تحت أي ظرف بكشف أي معلومات تخص حساب العميل.
لكن القوانين المصرفية تتساهل عادةً مع حالات استثنائية، مثل بعض القضايا التي تخص المصلحة العامة أو قضايا الاحتيال، إذ يُسمح للمصرف بالكشف عن معلومات تخص حساب العميل بناءً على إذن من السلطات المختصة، في هذه الحالة لا يُعتد بالسرية المطلقة للعميل.
ما أسباب تفضيل الناس الإيداع بفائدة منخفضة في المصارف السويسرية؟
قد يشكل التعامل مع المصارف السويسرية مصدرًا للدخل، لكن الثقة والسرية هي الميزة الأساسية.
يُفضل أن تستثمر أموالك في مصرف محلي إذا كنت تريد تحقيق الربح من معدل الفائدة على الإيداع، إذ يمكن الاستثمار في مصرف سويسري فقط حال كان المبلغ المودع ضخمًا، ولا ترغب بمخاطرة فقدان هذا المبلغ.
1- قلة الضرائب:
النظام المصرفي السويسري معفى من الضرائب، ما يفسح المجال لادخار الكثير من النقود بعدم دفع الضرائب. وفي حالة الاستثمار الخارجي لا يخاطر المودع باحتمالية اقتطاع جزء من أمواله للضرائب، ويستطيع استعادة أمواله إذا رغب في ذلك.
2- السرية المصرفية:
حافظت المصارف السويسرية على جميع أسرار عملائها، ومع أن أسس مفهوم السرية المصرفية تعود إلى القرن الثامن عشر، ظهر هذا المفهوم بوضوح في سويسرا عام 1934، بعد أن اضطر المصرفيون السويسريون لكشف أسماء العملاء الألمان الأثرياء خوفًا من تهديدات هتلر لهم بالقتل. لذلك صدر قانون في سويسرا يعاقب من ينتهك السرية المصرفية بالسجن مدى الحياة، والاستثناء الوحيد لخرق السرية المصرفية هو وجود قضية جنائية بحق المودع.
3- الحسابات الرقمية:
يملك كل مودع في سويسرا رقم تعريف خاصًا به، يعرفه فقط المدير العام للمصرف ومن يملكون صلاحية الولوج إلى هذه الحسابات من المديرين، وذلك يفسح المجال للشركات لإجراء عمليات تداول كبيرة عبر المصارف السويسرية.
4- حماية البيانات:
في عالم التكنولوجيا المعاصرة والنقود الإلكترونية، لا تُحفظ البيانات ورقيًا في خزائن مباني المصارف السويسرية القديمة، إذ إن تقنيات تشفير المعلومات الرقمية أكثر أمانًا من الأوراق.
5- حال حدث مكروه، ستُعوض نقودك بالكامل دون أي مساءلة:
حال حدوث كارثة طبيعية أو نشوب حريق، يوجد ضمان كامل أن نقودك بأمان وستستعيدها دون نقصان أو مساءلة. ويظهر ذلك في ضمان المصرف وفي الاتفاق الذي أبرمته مع جمعية المصرفيين السويسريين عند فتح الحساب.
6- تحميك أكثر العملات استقرارًا: الفرنك السويسري:
الفرنك السويسري أحد أكثر العملات استقرارًا في العالم، فمعدل تضخم هذه العملة معدوم تقريبًا، إذ يغطيها احتياطي الذهب بنسبة 40% على الأقل.
7- الاقتصاد السويسري قوي جدًا:
إضافةً إلى ما سبق، اقتصاد سويسرا قوي ولا يعاني أيًا من المشكلات الشائعة في الدول الأخرى، ما يجعل المصارف السويسرية مكانًا تستطيع الرهان عليه بأموالك بمعنى الكلمة!
8- يستطيع أي شخص فتح حساب، ليس فقط الأثرياء:
فتح حساب في مصرف سويسري ليس خاصًا بالأغنياء فقط، فالشروط الرئيسية لفتح حساب هي أن تكون أكبر من 18 عامًا وأن يكون جواز سفرك صالحًا. قد تطلب بعض المصارف شروطًا إضافية مثل حد أدنى للإيداع وإثبات مصدر الدخل، لكن ذلك لا يقتصر على الأثرياء فقط.
إيجابيات التعامل مع مصرف سويسري:
- النظام السياسي السويسري: يُعد استقرار البيئة السياسية من أهم مميزات الاحتفاظ بالثروة في سويسرا.
- تعمل المصارف تحت تشريعات ومعايير إفصاح صارمة.
- يتوزع الاقتصاد السويسري بين الشركاء التجاريين المتنوعين جغرافيًا وسياسيًا فتتوزع المخاطر الاقتصادية، ما يزيد من كفاءة الفرنك السويسري بين العملات.
- بخلاف بعض الدول، تملك سويسرا نظام حماية مودع بالغ الدقة.
- في سويسرا قوانين ليبرالية تنظم التعاملات المالية.
- الاقتصاد السويسري متنوع عمومًا، ما يجعل الأسواق السويسرية مستقرة نسبيًا. أيضًا فإن البيئة السياسية المستقرة والقوانين الضريبية المشجعة جعلت سويسرا مقصدًا للكثير من الشركات العالمية متعددة الجنسيات، إذ توجد فيها فرص كثيرة للاستثمار الكبير مقارنةً بالدول الأخرى.
- للخصوصية بين العملاء المقيمين في سويسرا والمصرف ميزات إضافية، إذ لا يستطيع أحد أن يحقق معهم أو يطلب منهم كشف معلومات تخص الحساب المصرفي دون دليل قاطع على خرقهم القانون السويسري، وكان هذا القانون سابقًا ينطبق حتى على العملاء غير المقيمين في سويسرا.
سلبيات التعامل مع مصرف سويسري:
قد تتقاضى المصارف السويسرية رسومًا أعلى بقليل من المصارف الأخرى لقاء إجراءات الأمان التي تتبعها. ومع إمكانية الولوج إلى الحسابات والتحكم في النقود عبر الإنترنت وتطبيقات الهواتف المحمولة، فإن عدم وجود فرع محلي للمصرف يُعد من السلبيات لكثير من الناس.
اقرأ أيضًا:
أي الدول تعاني أكبر عجز في الميزانية؟
ترجمة: كميت خطيب
تدقيق: غزل الكردي
مراجعة: أكرم محيي الدين