ينتج حرق الجليد الجاف عندما يضر البرد الشديد الجلد بشدة، ولكن لماذا يسمى حرقًا؟ هل لمست الجليد الجاف من قبل؟ إذا لم تلمسه فاحذر فعل ذلك بيديك العاريتين، فخلال أيام ستكون يدك سوداء ومخدرة وتبدو كأنها محروقة. فلماذا يحصل ذلك؟
بكل بساطة، أحرقها الجليد الجاف.
والسؤال هو كيف لشيء جليدي أن يحرق شخصًا ما؟
وقبل الإجابة عن هذا السؤال، لنحاول بدايةً أن نفهم ما الجليد الجاف بالضبط.
ما الجليد الجاف؟
هو ثاني أكسيد الكربون المجمد (نفس الغاز الذي نزفره)، ويتكون الجليد الجاف عندما نُجمد ثاني أكسيد الكربون السائل في خزان تحت ضغط عالٍ، عند درجة حرارة -79 درجة مئوية، ويستخدم الجليد الجاف تبعًا لخصائصه مبردًا، واستُخدم مؤخرًا للحفاظ على اللقاحات باردةً في أثناء نقلها، وربما تكون صادفت آلات الضباب على المسرح في الحفلات الموسيقية، فالجليد الجاف مسؤولًا عن ذلك التأثير الغامض أيضًا.
إذا سبق وشاهدت جليدًا جافًا، ستلاحظ على الأرجح أبخرةً تتصاعد منه، ويعود ذلك لأن الجليد الجاف يغير حالته من صلب إلى غاز وهذا ما يعرف بالتسامي، إذ يتسامى غاز ثاني أكسيد الكربون عند درجة حرارة -78 درجة مئوية، ولا يذوب مثل الجليد العادي، لأن ثاني أكسيد الكربون يوجد في حالة غازية في الظروف الجوية العادية وليس سائلًا، لذلك سيتخطى الجليد الجاف مرحلة التحول إلى سائل ويتبخر مباشرةً إلى غاز.
والآن بالعودة لسؤالنا الأساسي، وهو كيف يسبب شيء بارد حرقًا، والحروق عادةً تكون بسبب الأشياء الساخنة، أليس كذلك؟ يسبب الجليد الجاف ما يُسمى بالحرق الجليدي.
ما حرق الجليد؟
حرق الجليد هو إصابة ناجمة عن ملامسة جسم بارد للغاية، ويحدث مباشرةً بعد التعرض الطويل لدرجات حرارة التجمد، ويسمى بحرق الجليد لأن الإصابة مماثلة جدًا للحرق الفعلي، وقد تكون المنطقة المصابة مزعجة ومسببة للحكة وحمراء أو سوداء أحيانًا أو مُخدرة لأيام، وقد يحدث حرق الجليد بتعريض الشخص نفسه لدرجات حرارة شديدة البرودة، ولكن وقت التعرض اللازم سيختلف اعتمادًا على درجات الحرارة.
في المختبر على سبيل المثال، تُخزن العديد من المواد الكيميائية في الجليد الجاف، في مثل هذه الحالات يجب الحرص على إخراج المواد من الصندوق بعناية وتجنب ملامسة الجليد الجاف باليدين قدر المستطاع.
إذا حصل ولمسته، ستشعر كما لو أن صعقةً شديدةً من الكهرباء سرت في جسمك، وتُحدث لدغةً مؤلمةً بطريقة لا تُصدق.
يتسبب الجليد الجاف بحروق في الجلد لأنه بارد جدًا، لدرجة أنه عندما يلمس الجلد تتمزق الخلايا الجلدية وتموت، فعندما تتلامس الخلايا مع الجليد الجاف، يتجمد الماء الموجود في الخلايا على شكل بلورات وتسبب هذه البلورات تمزق الخلايا.
تتضرر خلايا جلدنا بنفس الطريقة التي تتضرر بها في حال الحرق بدرجة حرارة -0.55 درجة مئوية، وتتشكل بلورات الجليد داخل الخلايا، ويتفاوت الوقت الذي يستغرقه نشوء حرق الجليد تبعًا لبرودة الجسم.
يتمثل الفرق بين الحرق الجليدي والحرق الساخن في طريقة تفتح الخلايا، ففي حالة الحرق الساخن تحرق الحرارة الأنسجة، أما الحرق الجليدي فيؤدي لتكوين بلورات الجليد داخل الخلايا، ويسبب ذلك تمزق أغشية الخلايا، وإضافةً إلى ذلك تنقبض الأوعية الدموية القريبة من الجلد المحترق، ما يقلل تدفق الدم إلى المنطقة ملحقًا المزيد من الضرر بالمنطقة المصابة، وذلك يؤدي إلى تخديرها.
إضافةً إلى أن البرودة تقلل من قابلية توصيل الأعصاب لدرجة أننا نفقد الإحساس بالمنطقة المصابة، وفي درجات حرارة باردة للغاية كهذه سيكون الجليد الجاف قادرًا على تدمير النهايات العصبية في دقائق، وتتشابه الحروق الجليدية وتأثير الصقيع إلى حد ما، وكلاهما ينتج عن البرد.
ومع ذلك فالصقيع أخطر، إذ إن حروق الجليد تحدث عندما يجمد البرد المياه في الخلايا، بينما يجمد الصقيع كل البشرة والنسيج التحتي أيضًا.
من الأفضل ألا نخاطر ولا نتناول أبدًا الجليد الجاف، فهو لا يشبه أكل الثلج، فيمكن أن يحرق الجليد الجاف الفم من الداخل والأمعاء بصورة خطيرة.
الطريقة المثالية لاستخدام م الجليد الجاف، هي ارتداء قفازات وقاية من البرد، وبحال حدث حرق جليدي، فالعلاج الأكثر شيوعًا هو وضع يد المصاب في الماء الفاتر، ويجب الحذر من استخدام الماء الساخن فهو يجعل الحرق أسوأ.
قد يساعد استخدام المراهم، مثل كريم الألوفيرا، لتهدئة الألم وتخفيف الإزعاج الناتج عن الحرق، وإذا كان الحرق سيئًا جدًا فتجب استشارة الطبيب على الفور.
الخاتمة:
كن حذرًا جدًا إذا تعاملت مع الجليد الجاف، وبدلًا من الرهانات عديمة الفائدة توجد تجارب أكثر أمانًا يمكنك تجربتها بهذه المادة الفريدة.
مثلًا: خذ قنينةً بلاستيكيةً وأضف قطعةً صغيرةً من الجليد الجاف، ثم أضف بعض الماء وأغلق الزجاجة، وارمها إلى مكان مفتوح وفارغ، ثم قف بعيدًا وانتظر حتى تنفجر القنينة.
يرفع الماء درجة حرارة الجليد الجاف بسرعة، ما يجعله يتسامى بسرعة، ثم يتشكل غاز ثاني أكسيد الكربون بسرعة داخل القنينة المغلقة ما يزيد الضغط ويسبب انفجار القنينة وهي بالأساس قنبلة جليدية جافة.
اقرأ أيضًا:
وفاة امرأة في واشنطن إثر استنشاقها بخار الجليد الجاف
وجد العلماء أدلة مخفية لوجود الأنهار الجليدية قديمًا في الصحراء الإفريقية
ترجمة: حلا بوبو
تدقيق: حسام التهامي