يُقدم هذا التفسير مارك أندروز (Mark A. W. Andrews) وهو أستاذ مشارك في علم وظائف الأعضاء والمدير المنتسب لبرنامج الدراسة المستقلة في كلية بحيرة إيري للطب التقويمي.
عادةً ما نسمع صوت تذمّر المعدة عند الشعور بالجوع أو غياب الطعام فيها، وبالرغم من ذلك إلا أنه يمكن أن يحدث هذا الشي في أي وقت سواء على معدة فارغة أو كاملة.
ومن ناحية أخرى، فإن التذمر لا يأتي من المعدة فحسب وإنما في كثير من الأحيان قد يمكن سماعه من الأمعاء الدقيقة؛ فالتذمر يكون أكثر ارتباطًا بالجوع لأنه عادة ما يكون صوته أعلى عندما تكونا المعدة والأمعاء فارغة، وبالتالي فإن محتويات الأجهزة تكون غير موجودة لتخفف من هذا الضجيج.
يعتبر هذا التذمر محط اهتمام القدماء الإغريقين لسنوات عديدة، ولذلك أطلق عليه القدماء الإغريقون اسمًا مثيرًا للاهتمام: قراقر ( وهو جمع كلمة قَرْقَرَة وهي أصوات غازات الأمعاء).
ويعتمد أصل المصطلح على المحاكاة الصوتية، وهي محاولة لوضع صوت التذمر في كلمة واحدة، حيث أن المعني الحقيقي لكلمة قرقرة هو » التذمر».
وبشكل عام، فإن الأصل الفسيولوجي لهذا التذمر يشمل النشاط العضلي في المعدة والأمعاء، فالجهاز الهضمي هو أنبوب أجوف يمتد من الفم إلى فتحة الشرج، ويتكون جداره أساسًا من طبقات من العضلات الملساء.
وعندما يتم تنشيط جدران الجهاز الهضمي والضغط علي محتويات الجهاز لخلط ودفع الطعام والغاز والسوائل من خلال المعدة والأمعاء الدقيقة، فإن هذا التنشيط يُولد هذا الضجيج الهائج، ويُسمى هذا الضغط من جدران العضلات بالتَمَعُّج، ويشمل هذا الضغط حلقة من الإنكماشات التي تتحرك بشكلٍ غير طبيعي ( بعيدًا عن تجويف الفم ) نحو فتحة الشرج ببضع بوصات في وقت واحد.
إن توليد هذه الموجات من التَمَعُّج ينتُج عن تذبذب إيقاعي للقوة الكهربائية في خلايا العضلات الملساء، والتي تؤدي إلى كل الظروف الأخرى المناسبة، والتي تسبب بالنهاية في انكماش العضلات.
ويُسمى هذا التذبذب بالإيقاع الكهربائي الأساسي (BER)، وهو نتيجة للنشاط الأساسي في الجهاز العصبي المعوي والذي يوجد في جدران الأمعاء.
ويُنّشط الإيقاع الكهربائي الأساسي خلايا العضلات في المعدة والأمعاء الدقيقة إلى العمل في إيقاع منتظم (3 إلى 12 مرة كل دقيقة على التوالي)، بطريقة مماثلة ولكن أبطأ من إيقاع عضلة القلب.
ويمكن للجهاز العصبي اللاإرادي والعوامل الهرمونية كذلك تعديل هذا الإيقاع الكهربائي الأساسي.
وعلى الرغم من أن معدل وقوة التَمَعُّج يؤديان عادةً إلى زيادة في وجود الطعام، وأيضًا زيادة النشاط بعد تفريغ المعدة والأمعاء الدقيقة من الطعام لمدة ساعتين تقريبًا، إلا أنه وفي الحالة الأخيرة تشعر المستقبلات في جدران المعدة بغياب الطعام، مما يتسبب في تيار مُنعكس من نشاط الموجات الكهربائية (هجرة العُقد الحركية أو MMCs ) في الجهاز العصبي المعوي.
وتُسافر هذه العُقد الحركية على طول المعدة والأمعاء الدقيقة وتؤدي إلى تقلصات الجوع.
تبدأ تقلصات الجوع في الغار أو المنطقة السفلية من المعدة و تنتشر إلى كامل الأمعاء حتى تجتاح اللفائفي الطرفي، وتقوم بتنظيف جميع محتويات المعدة » بما في ذلك المخاط والمواد الغذائية والبكتيريا المتبقية »، ومنعهم من التراكم في موقع واحد.
كما أن هذه الانقباضات تقوم بعمل اهتزازات وضوضاء هضمية مرتبطة بالجوع.
وقد تستمر تقلصات الجوع لمدة 10 إلى 20 دقيقة متواصلة منذ بدايتها، ثم تتكرر من ساعة إلى ساعتين حتى يتم تناول الوجبة المقبلة.
ولكن هذه الإنقباضات ليست كوخزات الجوع والتي تبدأ من 12 إلى 24 ساعة بعد آخر وجبة، ويمكن أن تستمر لبضعة أيام قبل انحسارها تدريجيًا.
من الممكن أن تكون بعض الوخزات مهمة في الإحساس بالجوع والتي تدفع الحيوانات لتناول الطعام، حيث أن انحفاض معدل السكر في الدم يُعزز من هذا النشاط، والذي يمكن أن يُسببه الحقن الوريدي من الهرمون العضوي » موتيلين ».
ولكن بعد تناول الطعام، فإن هذه الإنقباضات تهدأ.
- ترجمة: آية عبد العزيز
- تدقيق: عمر خالد النجداوي
- تحرير : رغدة عاصي
- المصدر