منذ عدة سنوات قام العالم توم فريتز بقضاء بعض الوقت في شمال الكاميرون، منطقة جبلية منعزلة ثقافيًا في وسط أفريقيا، كان يراقب سكان المنطقة، المافا، وطقوسهم الموسيقية المذهلة.
لغة المافا لا تحتوي كلمة «موسيقى»، إذ إن الموسيقى تتشابك مع طقوس محددة، كالتحضير للحصاد.
يقف الرجال في دائرة ويعزفون نغمات متكررة بواسطة مزاميرهم الخشبية.
بعض الرجال يرقص ويركض خلال العزف أيضًا، يستمر هذا الطقس لساعات عديدة.
يقول فريتز: «إنه أمر صعب جسديًا، لكنّه جذبني لأنقل هذا الشيء إلى الحضارة الغربية».
نسخة فريتز من هذه النشوة الموسيقية ظهرت لأول مرة في دراسة في «الأكاديمية الوطنية للعلوم».
وصل فريتز عدة أجهزة تمرين إلى حاسوب بحيث يصدر استخدام هذه الأجهزة صوتًا موسيقيًا إلكترونيًا.
يسمي فريتز هذا النظام «جيمن – Jymmin»، ويستخدم هذا النظام لدراسة ظاهرة يدركها معظمنا، تسهيل الموسيقى للتمرّن.
لم يدرس العلماء هذه الظاهرة حتى منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما سمحت التكنولوجيا للناس بسماع الموسيقى وحملها معهم أينما ذهبوا.
يُظهر بحث للعالم أندي لين وآخرين أنّ الموسيقى تقلل إحساسك بالتعب خلال التمرين المعتدل، بل إنّ المزامنة بين حركاتك والنغمة الموسيقية يزيد طاقة التحمل ويزيد معدّل الأيض.
التفسير الرئيسي لهذه التأثيرات الإيجابية أن الموسيقى تقوم بإلهاء العقل عن التعب، لكن دراسة فريتز تضيف أشياء أخرى.
حيث درس الفرق بين الاستماع للموسيقى بشكل سلبي، واستخدام نظامه Jymmin. 53 متطوعًا من أصل 61 قلّ إدراكه للتعب خلال استخدام نظام فريتز.
يقول فريتز إن طريقته تمتاز بالتركيز على العضلات: «إنّك تسمع الموسيقى ثم تتذكر، في هذا الوضع المعيّن للعضلة أُصدر هذه النغمة».
يعترض بعض العلماء على بحث فريتز، فقد وجد أن الإلهاء العقلي يفقد تأثيره خلال التمرينات الشديدة، فالتعب العضلي يصبح شديدًا، ما يُجبر الدماغ على تجاهل الموسيقى.
«قد يكون هناك تأثير بين المتعة واللعب بين الناس أثناء التمرين».
يقول بيو سيفرز، طالب أجرى بحثًا كشف فيه عن صلة بين الموسيقى والحركة: «تمنيت لو أجرى فريتز تحليلًا للتفاعل بين المتطوعين في الدراسة لمعرفة إن كان المتطوعون يعملون لإنتاج الموسيقى معًا».
يقبل فريتز بالجوانب الاجتماعية لنظام jymmin، ويخطط لدراسة هذا الجانب بشكل أكثر عمقًا.
وحسب تجربة فريتز الشخصية فإنّ هذا التأثير يظهر خصوصًا بعد عشر دقائق، حين تبدأ فعلًا بحرق السعرات الحرارية بشكل أكبر.
يقول فريتز: «تصل إلى مرحلة تفكر فيها أنك تستطيع أن تتوقف عن التمرين وتذهب للمنزل، لكنك في منتصف الجلسة، وتلاحظ أن أحداً آخر قد بدأ بالتمرين، فتتوقف عن التفكير بالمغادرة، وفجأة فكرة أنّك وصلت لحدٍ ما تختفي وتستمر في التمرين».
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر