لدى صديقتي -وهي والدةٌ لطفلين- قميص مطبوع عليه «أنا مُتعبة» بحروفٍ كبيرةٍ وواضحةٍ. يتكلم هذا البلوز عن الحقيقة.
حتى وإنْ لم يكن لدينا أطفالًا صغارًا يوقظونا في الليل، فالعديد من الأشخاص يعانون من حرمان النوم.
طبقًا لمركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، لا يحصل 35% من البالغين في الولايات المتحدة على الساعات السبع الموصى بها للنوم في الليل.
ووجدت دراسة استقصائية قامت بها مؤسسة النوم إنّ هؤلاء الذين يحصلون على معدل سبع ساعاتٍ من النوم كل ليلةٍ لا يزالون يشعرون بتعبٍ شديدٍ.
بالنسبة لـ 35% من الأشخاص كمية النوم موجودة، ولكن نوعيتها غير موجودة وتُشخَص على أنّها (سيئة) أو (مقبولة).
والأسوأ من هذا، قال 20% منهم أنّهم لم يستيقظوا منتعشين لسبعة أيامٍ متتاليةٍ.
تواصلنا مع أخصائي الطب النفسي السريري والمؤلف مايكل بروس والمعروف باسم طبيب النوم وهو أيضًا مؤلف كتاب (عشرة أمورٍ يفعلها النائمون الجيّدون)، في محاولةٍ للتعرف على الأخطاء الخمسة الأكثر شيوعًا والتي تؤثر على نوعية النوم.
1- جدول النوم غير المتسق
الحفاظ على جدول نوم متسق -أيّ الذهاب إلى الفراش في نفس الوقت كل يومٍ والاستيقاظ في نفس الوقت صباحًا- هو بنفس مقدار أهمية -إن لم يكن أهم- من الحصول على السبع ساعاتٍ المُوصى بها للنوم في الليل.
يقول بروس: «أذهب إلى الفراش كل يومٍ في منتصف الليل وأستقيظ في تمام الساعة السادسة والنصف كل يومٍ، وهو أمر قد تَعوّد دماغي عليه إذ أنّني لا أحتاج إلى أكثر من ست ساعاتٍ ونصف، وأنا طبيب النوم!»
الدماغ يرغب في الاتساق.
إذا اتجهت إلى فراشك كل ليلةٍ في نفس الوقت وضبطت المنبه في نفس الوقت كل صباحٍ سيصبح نظامك اليومي متزامنًا.
هذا يعني أنّ دماغك سيقوم بإفراز الميلاتونين في الوقت المضبوط كل ليلةٍ، لذا ستغفو بصورةٍ أسرع وتصل إلى مراحل دورة النوم بصورةٍ أسرع.
إذا قمت بتعطيل جدول نومك -مثل أن تبقى مستيقظًا حتى وقتٍ متأخرٍ في عطل نهاية الأسبوع أو أن تستيقظ باكرًا من أجل مقابلةٍ ما- سيحتاج دماغك إلى وقتٍ أطول ليدخل إلى روتين دورة النوم وستعاني من وقتٍ صعبٍ في معاودة نشاطك طوال اليوم، مما يؤدي إلى أن تصبح مترنحًا.
فإذا كنت محتاجًا لمساعدةٍ في تحسين نظامك، اضبط مؤقت النوم في هاتفك عندما يحين موعد النوم، إذ تحتوي الإصدارات الجديدة من الآيفون على ضبطٍ خاصٍ بوقت النوم في تطبيق الساعة.
2- الكافيين والكحول قبل النوم
يعلم الكثير منا أنّ شرب كوبٍ من القهوة بعد العشاء هو وصفة للأرق، ولكن يشير بروس إلى أنّ مدى ثأثير القهوة هو 8 ساعات، لذا يُفضل التوقف عن تناول القهوة أو المشروبات الغازية منذ الساعة الثانية مساءً.
وحتى إذا قلت أنّك تستطيع أن تشرب كوبًا من الكابتشينو بعد العشاء والنوم بعدها مباشرةً، يضمن لك بروس أنّه إذا وضع أقطابًا على رأسك، ستخبر موجات دماغك قصةً مختلفةً تمامًا.
وهذا لأنّ الكافيين يمنع دماغك من الدخول إلى مراحل النوم العميق من دورة النوم، مماطلًا في المراحل الأولى الخفيفة.
يقول بروس: «لديّ مريض يشرب إبريقًا كاملًا من القهوة كل يومٍ، الأمر ليس أنّه لا يستطيع النوم في الليل، بل أنّه لا يستطيع الحصول على نومٍ جيدٍ مُطلقًا».
وجدت دراسة تمت في يونيو 2018 السبب في كون بعض الناس أكثر قدرةً على تحمل الكافيين مقارنةً بالآخرين، إذ يعتمد الأمر على نوع الإنزيم الموجود في الكبد.
شرب كمياتٍ كبيرةٍ من الكحول في وقتٍ مقاربٍ لوقت النوم يُسبب المشاكل كذلك.
حتى وإن شربت كأسًا أو كأسين من الممكن أنّ يساعدك هذا على النوم بشكلٍ أسرع، سيعاني دماغك في الوصول إلى المرحلة العميقة من النوم والتي تحدث في أول 4 ساعاتٍ من الليل.
هذا هو الوقت الذي يقوم به الدماغ بالإصلاح الخلويّ والإماهة وإفراز هرمونات النمو.
يقول بروس: «تتأثر نوعية النوم بوجود الكحول بصورةٍ مباشرةٍ. صدق أو لا تصدق، إنّ الكحول هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى صُداع الكحول».
3-التعرض للضوء في الوقت الخاطئ
النظام اليوميّ -أو الساعة الداخلية- يتأثر بصورةٍ كبيرةٍ بالتعرض للضوء. عندما تغيب الشمس، يقوم دماغنا بإفراز الميلاتونين من الغدة الصنوبرية والذي يحث على النوم.
وعندما تشرق الشمس يتوقف ضخ الميلاتونين مؤديًا إلى استيقاظنا واستعادتنا لكامل نشاطنا.
ولكن اختراع الأضواء الصناعية منذ القرن التاسع عشر، وإدماننا الحالي للأجهزة المنتجة للضوء، يعني أنّ أدمغتنا ستبقى معرضةً للضوء حتى بعد غروب الشمس.
سيؤدي هذا إلى تأخير الإفراز الطبيعي للميلاتونين معطلًا نظامنا اليومي، ومؤديًا إلى مشاكل في النوم وزيادة في حالات السمنة وداء السكري والسرطان.
يوّصي بروس بحضرٍ إلكترونيّ لما لا يقل عن ساعةٍ قبل النوم.
ولكن إذا كنت تعتمد على التلفزيون أو اليوتيوب لتنام، قم بشراء نظاراتٍ تمنع الضوء الأزرق والتي تقوم بتصفية معظم الموجات الضوئية الضارة.
وما لا يقل أهميةً لضبط ساعتك الداخلية هو تعرضك للضوء الطبيعي في النهار وخلال اليوم.
سيساعد هذا الأمر على تحسين مزاجك وإنتاجيتك وإيقاف إنتاج الميلاتونين حتى المساء.
4- ممارسة التمارين في وقت متأخرٍ في النهار
يبدو أنّ الضوء ليس العامل الوحيد الذي يساعد دماغنا في الحفاظ على نظامٍ يوميّ مستقرٍ؛ لأنّ درجة حرارة الجسم هي عامل مهم آخر.
متوسط درجة حرارة الجسم هو 37 درجة سيليزية، ولكنّ درجة حرارة جسمك الفعلية تتذبذب طوال اليوم، فهي منخفضة عندما يحين موعد النوم ومرتفعة بمقدار 2 فهرنهايت خلال النهار.
يقول بروس: «التمارين الاعتيادية مهمة بصورة كبيرة للصحة العامة ومن الممكن أن تمثل وسيلةً للمساعدة على النوم، طالما أنّك لا تبالغ في التمارين في وقتٍ قريبٍ من النوم».
يعتمد دماغك على درجة حرارة الجسم باعتبارها أحدى الأدلة على إفراز الميلاتونين وتحفيز النوم. لذلك إذا قمت بتمارينٍ مُتعِبةٍ للغاية قبل ذهابك إلى النوم، ستقوم درجة حرارتك العالية بالعبث ببرمجة دماغك. لذا تمرن بصورةٍ مبكرةٍ واستحم لتبريد درجة حرارة جسمك قبل ذهابك إلى الفراش.
وحتى إذا كنت لا تتمرن، قد تستيقظ إذا كانت درجة حرارة غرفة النوم مرتفعةً.
ومن الممكن أن تقوم المروحة بفائدتين أولاهما الحفاظ على درجة حرارتك وثانيهما منع الأصوات غير المرغوبة من الوصول اليك.
5- اضطراب النوم غير المشخص
يعاني بين 50 و70 مليون أمريكي من نوعٍ معروفٍ من إحدى اضطرابات النوم، والتي تتضمن حالاتٍ مثل انقطاع النفس الانسدادي النومي والأرق المُزمن ومتلازمة تململ الساقين وحالاتٍ أخرى، ولكن هنالك الملايين ممن لم يتم تشخيصهم.
انقطاع النفس النومي وحتى الشخير من الممكن أن يقوم بقطع الأوكسجين أثناء النوم.
فعندما لا تحصل على أوكسجين كافٍ للدماغ، لا يحصل دماغك على وقودٍ كافٍ، وعندما لا تحصل على وقودٍ كافٍ لن تستطيع الوصول إلى المراحل العميقة من النوم.
طبقًا لمؤسسة النوم الوطنية، فقط 11.6% من البالغين في أمريكا تم تشخيص إصابتهم بانقطاع النفس النومي، على الرغم من أنّ الدراسات تشير إلى أنّ نسبة المصابين هي 25% من الناس.
نسبة الـ 13.4% المفقودة من الممكن أنّهم يعانون بدون الذهاب للطبيب؛ لأنّ هنالك علاجات فعالة مثل جهاز ضغط مجرى التنفس الإيجابي.
- ترجمة: سنان حربة
- تدقيق: رند عصام
- تحرير: كنان مرعي
- المصدر