عملية زراعة قلب فريدة أجرِيت لطفلٍ من ولاية نورث كارولاينا الأمريكية، قد تمنع جسمه من رفض العضو الجديد دون الحاجة إلى تناول الأدوية المثبطة للمناعة مدى الحياة.
طبقًا لتصريح من جامعة ديوك حيث أُجريَت العملية، فإن الطفل إيستون سينامون أول شخص تُجرى له عملية زراعة القلب مترافقة مع زراعة طُعمٍ من نسيج الغدة الزعترية (التيموس) المأخوذ من المتبرع ذاته. ومن المحتمل أن تسمح هذه الزراعة المركبة للجسم بالتعرّف على القلب الجديد بصفته جزءًا منه عوضًا عن معاملته على أنه عضوٌ غريب. وذلك لما للغدة الزعترية من دور في الوظيفة المناعية، إذ إنها تعلّم الجسم التعرّف على خلاياه وأنسجته وتمييزها عن الأجسام الغريبة.
قال الدكتور جوزيف تيورِك رئيس قسم جراحة القلب للأطفال في جامعة ديوك لوسائل إعلامية في السابع من مارس 2022: «اعتقدنا أن أخذ للقلب ونسيج الغدة الزعترية من المتبرع ذاته لزراعتهما للطفل إيستون، قد يزيد من فرصة تقبل جسمه للقلب المزروع بوصفه جزءًا منه، وليس جسمًا غريبًا».
ينبغي إجراء المزيد من الأبحاث لدراسة قدرة إيستون على العيش دون مثبطات المناعة بفضل هذه الزراعة المركبة، فهذه الأدوية ضرورية عادةً لمرضى الزراعة لمنع الجسم من رفض العضو المزروع، وينبغي البحث أيضًا في فعالية هذا الإجراء لاستخدامه على متلقي زراعة أعضاء آخرين.
وأضاف تيورك: «إذا ثبت نجاح هذه الطريقة، فقد نستطيع تطبيقها عند زراعة جميع أنواع الأعضاء مستقبلًا».
وصرحت جامعة ديوك أن إيستون ولد بعيب خَلقي في القلب وتعرّض لعملية قلب مفتوح بعمر خمسة أيام فقط، ولكن الجراحة لم تعالج حالته، وعندها قرّر أطباؤه حاجته إلى عملية زراعة القلب للحفاظ على حياته، ما لبثوا أن اكتشفوا وجود مشكلة في الغدة الزعترية لدى إيستون تستدعي زراعة نسيج من الغدة، ولحسن الحظ كان الباحثون في الجامعة يدرسون هذا المزيج من زراعة القلب وأنسجة الغدة الزعترية على نماذج حيوانية.
أجرى الأطباء زراعة القلب لإيستون بموافقة خاصة من هيئة الغذاء والدواء FDA في السادس من أغسطس 2021، عندما كان عمره ستة أشهر، وزرعوا بعد أسبوعين نسيج الغدة الزعترية المأخوذ من المتبرع عينه بعد زراعته مخبريًا.
أظهرت التحاليل المجراة بعد 172 يومًا من عملية الزراعة أن نسيج الغدة الزعترية ينتج الخلايا المناعية المعروفة بالخلايا التائية في جسم إيستون، حسب توضيح جامعة ديوك. يستمر إيستون بأخذ مثبطات المناعة حاليًا للوقاية من الرفض المناعي للقلب المزروع، ولكن سيقوم أطباؤه بمحاولة إيقاف أدويته في الأشهر القليلة القادمة لاختبار ما إذا كان جسمه سيعامل القلب الجديد على أنه جزءٌ منه.
قال تيورك: «يلتزم متلقو الأعضاء بأخذ مثبطات المناعة طيلة حياتهم للوقاية من رفض أجسامهم للعضو المزروع، ولكن هذه الأدوية تملك أثرًا سمّيًا على المدى البعيد، وخصوصًا للكليتين. لذا فإن حالة إيستون قد تغيّر طريقة زراعة الأعضاء في المستقبل»، وحسب جامعة ديوك فهذه الأعضاء قد تتعرّض للرفض المناعي من جسم المتلقي حتى مع استخدام الأدوية، إذ يدوم القلب المتبرع بعد عملية الزراعة 10-15 عامًا فقط.
ورد في تقرير قناة «إن بي سي نيوز» أنَّ نجاح هذا الإجراء في حالة إيستون لا يلغي التحديات الإضافية في حالة أشخاص يملكون غدة زعترية سليمة، وأضاف تيورك: «ينبغي علينا إيجاد طريقة لإجراء العملية ذاتها لمريضٍ يملك جهازًا مناعيًا ذا كفاءة عالية، إذ ستتنافس الغدة الزعترية الأصلية مع نسيج الغدة الزعترية المزروع، وهنا تكمن مشكلتنا الأساسية».
يذكر أن إيستون بصحة جيدة وقد أتمّ عامه الأول مؤخرًا، وقالت والدته كايتلين سينامون: «لم نُوهَب فرصة لاستعادة ولدنا فقط، بل استطعنا أيضًا أن نمنحَ فرصة إمكانية استخدام الغدة الزعترية لمساعدة الأطفال الآخرين الذين يعانون المشكلة ذاتها».
اقرأ أيضًا:
هندسة وراثية وعقار تجريبي وكوكايين! هكذا زرع الأطباء قلب خنزير في جسد إنسان
أول زرع دماغي في العالم يعالج الاكتئاب المقاوم لدى مريضة بنجاح
ترجمة: حاتم نظام
تدقيق: أسعد الأسعد
مراجعة: حسين جرود