من السِمنة إلى تعاطي مواد الإدمان، ومن القلق إلى السرطان، تُستخدم الفئران المعدلة وراثياً بصورة واسعة في الأبحاث كنماذج للأمراض التي تصيب الإنسان. عادة ما يقضي الباحثون سنيناً في تطوير سلالة من الفئران بها بالضبط نفس الطفرات الوراثية اللازمة للتحصّل خلل معين يصيب الإنسان. ولكن ماذا إذا أصبح هذا الفأر عَقيماً نتيجة لتلك الطفرات أو نتيجة اِلتواء بسيط في القدر؟
حاليًا، هنالك طريقتان لإدامة بقاء سلالة مهمة من الفئران. فلو كان واحد على الأقل من الفئران الباقية ذكراً يمتلك خلايا جنسية صِحيّة، فإن أفضل اختيار هو حقن الحيوانات المنوية بالبويضة، وهو إجراء إخصاب في المختبر (طفل الأنابيب) عن طريق حَقن حيوان منوي واحد مباشرة بداخل البويضة، وهو أحد أشكال التلقيح الاصطناعي.
ولكن في حال إذا كانت الفئران المُتبقية غير قادرة على إنتاج خلايا جنسية صِحيّة، أو إذا كنّ إناثاً، لابد أن يلجأ الباحثون إلى الاستنساخ.
الاستنساخ العلاجي يُنتج حيوانات مُستنسَخة من خلال استبدال نواة خلية بَيضيّة بنواة خلية جسدية بالغة. نُسخة مبكرة من هذه العملية استُخدمَت لاستنساخ (النعجة دولي) عام 1996.
منذ ذلك الحين، استمرت تقنية الاستنساخ العلاجي في التقدم. في وقت مبكر من هذا العام قام الباحثون في مركز (ريكن) لعلم الأحياء النمائي في مدينة كوبه باليابان، بتصميم تقنية لتجنب العائدات المتناقصة من إعادة استنساخ الخلية نفسها؛ ازدادت معدلات النجاح عن المعدل الاعتيادي 3% في الجيل الأول المُستنسَخ إلى 10% في الجيل الأول و14% في الجيل الأعلى المُستنسَخ.
نوع الخلية الجسدية المُستخدَمة في هذه العملية مُحدد وهام ويعتمد إلى حد كبير على فعاليته في إنتاج كائنات مُستنسَخة حية، بالإضافة إلى سهولة وُصوله واستعداده للاستخدام الاختباري. بينما الخلايا الرُكامية، التي تُحيط بالخلايا البَيضيّة في الجُريب المِبيضيّ وبعد الإباضة، هي حالياً النوع المُفضّل من الخلايا.
دكتور ساتوشي كاميمورا ودكتور أتسو أوجورا وزملائهم من مركز (ريكن) للموارد الحيوية في مدينة تسوكوبا باليابان، تساءلوا إن كانت خلايا الدم البيضاء المأخوذة من موقع يسهل الوصول إليه، مثل الذيل، ستكون فعالة كخلايا مُتبرعَة. هذه الخلايا تُتيح أخذ العينات المتكرر بنسبة ضئيلة من الخطر على الفأر المُتبرِّع.
هناك خمس أنواع مختلفة من خلايا الدم البيضاء، وكالمُتوَقع، وجد الباحثون أن أداء الخلايا اللمفاوية كان الأكثر رداءة: 1.7% فقط من الأجنة نمَت إلى نَسْل من الصغار. أكبر الخلايا البيضاء حجماً وبالتالي الأسهل في الترشيح من عينة الدم هي الخلايا المحببة والخلايا الوحيدة. أداء نُويات تلك الخلايا كان أفضل، حيث نجا نسبة 2.1% من الأجنة، مقارنة بنسبة 2.7% لنوع الخلايا المُفضّل، الخلايا الرُكامية.
أداء الخلايا المحببة كان أردأ من المُتوَقع نتيجة لمعدل أعلى بكثير من التفتت في الأجنة المبكرة (22.6%): أعلى بضعفين من استنساخ الخلايا اللمفاوية وأعلى بخمسة أضعاف من استنساخ الخلايا الرُكامية.
لم يستطع الباحثون تحديد سبب التفتت وقرروا القيام بدراسات أكثر لتحسين أداء الخلايا المحببة المُتبرعَة.
على الرغم من أن خلايا الدم التي تم اختبارها لم تتجاوز معدل نجاح الخلايا الرُكامية في هذه الدراسة، وضّح الباحثون للمرة الأولى أنه يمكن استنساخ الفئران باستخدام نُويات خلايا الدم الخارجية.
يمكن استخدام هذه الخلايا فوراً بعد أخذها مع وجود نسبة ضئيلة من الخطر على المُتبرِّع، مما سيساعد على توليد نسخ وراثية من سلالات الفئران والتي لا يمكن حفظها من خلال تقنيات تناسل مدعومة أخرى.